تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مطلب الدولة الفلسطينية

معاً على الطريق
الأربعاء 17-12-2014
علي نصر الله

إذا لم يحصل مفاجآت فإن مجلس الأمن الدولي سيعقد اليوم الأربعاء جلسة للتصويت؛ أو للنظر بالتصويت على مشروع قرار يحدد ويضع جدولاً زمنياً لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967 ، ويدعو بشكل مباشر المجتمع الدولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية.

في الشكل تبدو الخطوة نبيلة وجدية؛ وفي الظاهر يرى البعض فيها أنها خطوة تنطوي على صحوة غربية باتجاه الفلسطينيين لجهة اتخاذ إجراء ينصف جزئياً الشعب الفلسطيني الذي عانى الظلم والحرمان والقمع والقتل والعنصرية والاحتلال كما لم يحصل مع شعب آخر في التاريخ الإنساني القديم والمعاصر.‏

في عمق المحتوى والمضامين تبدو الخطوة مخادعة ورمزية لن تقدم ولن تؤخر؛ ولن تغير في الواقع شيئاً رغم موافقة نحو 70% من دول العالم / 153 من أصل 193 / على إنهاء الاحتلال وإعلان الدولة الفلسطينية. لماذا هي مخادعة ورمزية؛ وربما لا قيمة لها؟.‏

أولاً هي كذلك (مخادعة ورمزية) لأن سُبحة الاعترافات الغربية التي كرّت بدءاً بالسويد ومروراً ببرلمانات إسبانيا وبريطانيا وإيرلندا وفرنسا وانتهاءً بالبرلمان الأوروبي؛ هي على الأرجح اعترافات مسرحية مخطط لها؛ لم تصدر من فراغ ولا انطلاقاً من فرضية أو مبدأ الصحوة المفاجئة؛ خصوصاً أن النظام السياسي الغربي بلا استثناء يغوص في هذه الأثناء حتى أذنيه مع أميركا بمسألة توليد ودعم الإرهاب التكفيري الذي يضرب منطقتنا ويقدم الخدمات المباشرة لإسرائيل.‏

ثانياً هي كذلك (مخادعة ورمزية) لأنها تنطلق من مبدأ القيام بالواجب لحماية إسرائيل من العزلة ومن خطر الحملات الدولية غير المسيطر عليها ضد كيان الاحتلال، ولإخراج هذا الكيان من دائرة الضغط السياسي الدولي الذي يتعرض له، وليس من مبدأ القيام بالواجب القانوني والأخلاقي لإنصاف الفلسطينيين ولإعطائهم حقوقهم المشروعة التي تسلبها وتغتصبها إسرائيل منذ عقود بمساعدتهم هم كنظام سياسي غربي؛ بل بمبادرة لا أخلاقية وبفعل إجرامي ولا إنساني قامت به حكومات الغرب الاستعماري.‏

وثالثاً هي خطوة مخادعة ورمزية لأن كل الأطراف الغربية التي أعلنت موافقتها الأولية لم تغير من سياساتها الخارجية تجاه إسرائيل؛ ولم تتخذ أي إجراءات ضدها تتعلق بممارساتها العنصرية وبالاستيطان والقدس وبما سمي قضايا الحل النهائي؛ بل إنها تعلن بلا حرج الإبقاء على التزاماتها وتعهداتها لإسرائيل، وفضلاً عن ذلك كله فهي خطوة مخادعة ورمزية لأن الولايات المتحدة تهدد باستخدام الفيتو لإجهاض مشروع القرار ما لم تقبل الأسرة الدولية بالتعديلات التي تقترحها؛ والتي تكرس الكيان العبري دولة يهودية خالصة، وهو ما يعني شرعنة مسبقة للخطوات الإسرائيلية القاضية بتهجير فلسطينيي 48 لاحقاً.‏

لا يمكن الاستخفاف بأهمية التوجه الفلسطيني إلى مجلس الأمن الدولي لتحقيق مطلب وطني بإزالة الاحتلال وقيام الدولة، لكن من المؤكد أنه لا يمكن التعويل على الغرب الذي صنع إسرائيل ومكّن احتلالها ووفر لها مظلة الحماية السياسية والجنائية، وعليه لا بد من استمرار الفعل المقاوم ضد الاحتلال كمسار وطني يتقدم بالتوازي مع الفعل السياسي والمسعى الدبلوماسي والقانوني.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية