تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


وراء الظهرة

معاً على الطريق
الخميس 10-9-2009م
عبد النبي حجازي

ثمة حكاية شعبية تُروى في الريف أن رجلاً سأل بدوياً عن مضارب قومٍ يقصدهم فقال له مشيراً « ورا الظهرة» وهي بالفصيح (الظاهرة) ويعني بها التّلة أو مرتفعاً من الأرض لاتستطيع أن ترى مابعده . ومازال الرجل يمشي باحثاً يومين أوثلاثة ولم يعثر على تلك المضارب بعد .

• أن تستجيب «إسرائيل» لأمريكا وتتوقف عن اقتلاع الأشجار المثمرة وبناء المستوطنات ,أن تكف طائراتها عن قصف الصيادين على شواطئ غزة وعلى الآمنين في بيوتهم . أن تتراجع عن تهويد القدس وتطويق المسجد الأقصى (أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين) أن ترفع الحصار عن قطاع غزة . أن تنسحب من الأراضي المحتلة بعد الخامس من حزيران 1967 أن تتقيد باتفاقيات (الإذعان) التي وقعتها معها بعض الدول العربية . أن تتخلى عن أحلامها التوسعية ... كله (ورا الظهرة)‏

•أن يمنح الرئيس الأمريكي باراك أوباما قدراً من اهتمامه لمصلحة القضايا العربية والإسلامية ...(ورا الظهرة)‏

•أن يتوقف القتل والدمار على مدار الساعة في العراق والصومال وأفغانستان وباكستان وأن يحسّ مواطنوها بالأمان وينتفضون على الجوع والفساد .. (ورا الظهرة)‏

•أن تتحقق الوحدة العربية: وحدة هدف وحدة صف وحدة موقف .. (ورا الظهرة)‏

•أن تتفق حماس وفتح على التصدي للعدو الأول لفلسطين والعرب كتفاً بكتف مع سائر فصائل المقاومة , وعلى تصفية الجواسيس والعملاء , وعلى الإمساك بمن نهبوا الأموال على حساب قوت الشعب وأودعوه في البنوك ... (ورا الظهرة)‏

•أن تستيقظ الشعوب العربية ، وتحس بما تعاني من ظلم وألم ومآس ، وتدرك أنها في القرن الحادي والعشرين وقد فاتها القطار ... (ورا الظهرة)‏

•أن يكفّ (عربٌ) عن الانزلاق في التطبيع سراً أو علناً...(ورا الظهرة)‏

•أن تَجِب الشمس من الغرب وتأفل من الشرق ... (ورا الظهرة)‏

لكن الرجل الذي عبر الظهرة لم يعقل ناقته ولم يتراجع حتى أدرك مضارب القوم الذين سأل عنهم . ونحن بتنا كالناقة إذا عُقِلتْ ، طُوِيَتْ قائمتُها الأمامية وشُدَّت بالعقال فعجزت عن الدبيب على ثلاثة لضخم حجمها .‏

ونكتب ونزهو بما نكتب وكأننا نلقي خطبة مجلجلة على المليار وربع المليار من المسلمين بمن فيهم: الثلاثمئة والعشرون مليوناً من العرب وكأنهم يتجمعون في آذانهم وعيونهم يصغون إلينا وقبل أن يرتدّ إلينا طرفنا يشبون شبوب النار تلتهم الأعداء والمصائب والجوع والفاقة والمرض والفرقة فيخرجون أبرياء كجناح فراشة .‏

وندري وكأننا لاندري أن كل ماتحبره الصحف ، وما تذروه محطات الإذاعة والتلفزيون من (أفكار نيِّرة) يتلاشى في الأثير كبخار الماء ، وينطوي .. (وراء الظهرة) ونكتشف أن كلاً منا لايقرأ إلا مايكتب , وإذا ماقرأ للآخرين فليقارن ماكتب بما يكتبون وإذا تصورنا أن ثمة قارئاً ومستمعاً ومشاهداً لتلك (الأفكار النيِّرة) فإنهم قلة من المترفين الذين يلوحون بسيوف من خشب . anhijazi@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية