|
الافتتاحية طرح هذا الخيار – بشكل منطقي- إسبانيا للعب دور أهم وأكبر في مسألة السلام.. لكن طرفي العملية لم يعطيا لهذه الدولة الدور الذي كان يمكن أن تتصدى له.. إسرائيل لن تقبل أي مشروع للسلام الحقيقي إلا مرغمة وهي بالأصل لا ترغب بأيّ دور لأوروبا وضمناً اسبانيا. والعرب يعبرون غالباً الأطلسي باتجاه واشنطن.. على أمل استثمار المقدرة الأميركية لإرغام إسرائيل على الاتجاه للسلام. وبالتالي بقيت إسبانيا لاعباً على خط الوسط في ميدان السلام.. رغم أنها حيادية وتتمتع شخصياتها السياسية والدبلوماسية بعلاقات دولية مهمة وبينهم «ميغيل إنخيل موراتينوس» وزير الخارجية الإسبانية والذي قام لفترة طويلة نسبياً، بمهمة المبعوث الأوروبي لعملية السلام في الشرق الأوسط. لم يكن النشاط العسكري واستخدام القوات المسلحة من صفات العمل السياسي في التاريخ الإسباني المعاصر باستثناء الدخول مع قوات التحالف في غزو العراق في فترة قيادة السيد «أزنار» الذي أظهر حماسته لهذا الغزو، لم يكن فيها يمثل الشارع ولا تاريخ الدبلوماسية الإسبانية.. ولذلك أقدم السيد «ثاباتيرو» رئيس الوزراء الحالي بسرعة بعد انتخابه على سحب قواته من العراق.. وقد شكل ذلك ضربة حقيقية دبلوماسية وعسكرية لسياسة التحالف، ما جعل هذا الموقف هدفاً أميركياً بريطانياً تجاوز العمل باتجاهه الانتقادات الكلامية. ورغم أن إسبانيا من دول «الناتو» فإن سلوكها قريب جداً من عدم الانحياز ولاسيما بعد سقوط حلف وارسو. في زيارته الأخيرة لدمشق والتي تسبق زيارة منتظرة للسيد ثاباتيرو سمع السيد موراتينوس من السيد الرئيس بشار الأسد ثبات الموقف السوري، المتمسك بالسلام العادل والشامل، المبني على أساس المرجعيات والقرارات الدولية.. وتنويهاً بالموقف الإسباني.. وأكد الوزير الإسباني من ناحيته الدور المفتاحي لسورية في إيجاد حلول إيجابية لمشكلات المنطقة، وشكر سعيها الجاد لتحقيق السلام. مبدئياً نحن لدينا كل المسوغات للثقة بدور يمكن أن تلعبه إسبانيا.. ومؤتمر مدريد الذي احتضنته بكفاءة عالية جداً هو أحد المرجعيات التي نصرّ عليها في عملية السلام. لكن.. المسألة برمتها مرتبطة بجدية البحث عن السلام.. وبوجود شريك لنا في هذا الاتجاه.. من مدريد إلى اليوم، وأمام التعنت والرفض الإسرائيلي لم يكن للكرة أن تستقر إلا في الملعب الأميركي لأن إسرائيل لن تقبل السلام إلا مرغمة، فهل مازالت أميركا متمسكة بدورها الراعي لعملية السلام.. بين مدريد وانابوليس.. مسيرة 16 عاماً تقريباً، كان التراجع مذهلاً إلى درجة تقنع بأن الولايات المتحدة تخلّت عن دورها.... لكن.. لدينا مبررات كافية لتفاؤل حذر بدور أميركي جدّي قادم..نعوّل من أجله على دور أوروبي، ولا سيما أن إسبانيا ستترأس الاتحاد الأوروبي في المرحلة القادمة، لدفع الموقف الأميركي باتجاه التفعيل والجدية. |
|