تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


إنقاذ مسرح سرفانتس.. مبادرات لإحياء دور طنجة الثقافي

فضاءات ثقافية
الثلاثاء 26-3-2013
في الطريق إلى مسرح سيرفانتس مروراً بـ «سوق دبرَّا» وهو أحد الأسواق الشعبية وسط مدينة طنجة سلع متنوعة ومتعددة (مواد غذائية، ملابس جاهزة،...) وأصوات الباعة تضفي ديناميكية على المكان.

ما إن تخرج من زحمة السوق متوجهاً إلى بوابة المسرح اللغز يتراءى لك كأنه شيخ أنهكه المرض وبصم عليه الزمن علامات النسيان والإهمال، ومع ذلك يصر على الوقوف والصمود مستعطفاً من ينفض الغبار عن زواياه ويبعث فيه روحاً متجددة تعيد للمسرح اعتباره.‏

بعد مرور قرن على تشييد مسرح سرفانتس بطنجة، يستعيد أبناء المدينة ذاكرته الحافلة بالأنشطة الثقافية، بحرقة كبيرة، فمنذ عام 1974 تاريخ إغلاق المسرح، تأثرت الحياة الثقافية في المدينة بشكل عام.‏

كانت طنجة تعرف ممارسة مسرحية هامة وناضجة، إلا أن عقدي الثمانينات والتسعينات لم يعرفا إلا بعض التجارب الخجولة والمتفرقة»، وجاء «قرار إقفال مسرح سرفانتس في طنجة عند منتصف السبعينات ليؤثر سلباً في الحركة المسرحية في طنجة ويساهم بشكل كبير في انحسارها.‏

وتأتي مبادرات إحياء مسرح سرفانتس اليوم بمثابة محاولات لبعث الروح في الحياة الثقافية بالمدينة التي تشكل حلقة وصل أساسية بين المغرب وجواره الأوروبي وفي مقدمته اسبانيا. فقد حاولت هيئات ثقافية مغربية- اسبانية أن تشكل قوة ضاغطة من أجل ترميم المسرح الذي تمتلكه وزارة الخارجية الاسبانية، وتقول ماريا كارمن غارسيا غونزاليس التي تشتغل ضمن الطاقم الإداري للمدرسة الإسبانية بطنجة: «فعلاً يؤسفني حال المسرح لكن الدولة الاسبانية لا تعتبر إصلاحه أولوية بسبب الأزمة الاقتصادية.‏

 أما عمدة مدينة طنجة فيرى أن الاهتمام بالمنشآت الثقافية كان باستمرار غائباً عند أصحاب القرار في المدينة، ويوضح: «خلال اجتماعي مع عدد من المسؤولين حول موضوع المسرح لاحظت أن هناك غياب رؤية واضحة من أجل إعادة الاعتبار للشأن الثقافي بالمدينة»  ويوضح قائلاً: «رغم أن المسرح ملكية دولة أخرى إلا أنني أعتبره إرثا لأبناء مدينة طنجة، لذلك سأراسل وزير الخارجية المغربي ليجد حلاً مع نظيرته الاسبانية، ربما نستطيع شراءه لأن اختصاصات مجلس المدينة لا تتيح لنا اختصاصاً آخر غير المرافعة»‏

تعود قصة مبنى سيرفانتس إلى قرن من الزمن عندما قدمه أحد المقيمين الاسبان في طنجة، <مانويل بينيا Manuel Penia> آنذاك كهدية إلى زوجته دونيا اسبرانسا ‘Doٌa Esperanza على يد المهندس الشهير دييغو خيمينيث. ومن أشهر المراجع التي تحدثت عن الموضوع، كتاب عنوانه «نشأة المسرح والرياضة في المغرب» للكاتب عبد القادر السميحي. وفيه يقول: «مع بداية عام 1911 وضع حجر الأساس لهذا المسرح الذي اعتبر من أعظم الأحداث في هذه المدينة، وخلال سنتين انتهى من بنائه»‏

ورغم الإهمال الذي طال مختلف زوايا المسرح إلا أن واجهته لا زالت تحفظ للمكان هيبته، لكن فيما يخص المرافق الداخلية للمسرح فهي على حافة الانهيار إن لم نقل إن جزءاً منها تهالك، وبعض الملامح المتبقية توضح أن المسرح يتميز بخصوصية معمارية فريدة.‏

شهد المسرح عروضاً لأشهر الفرق الأجنبية وفي مقدتها الاسبانية كما احتضنت خشبته مسرحيات قدمتها فرق مغربية، وعليها عرضت مسرحية «البر كييرو» وفرقة الممثلة المشهورة سيسيل سوريل التي عرضت مسرحية «غادة الكامليا» للكاتب ألكسندر دوماس الصغير.‏

بعد الحرب العالمية الأولى بدأت أحوال عائلة بينيا الاقتصادية تتدهور ولم تعد قادرة على تحمل النفقات، ويذكر القادر السميحي في كتابه: «اقترح الدوق «دوطوبال» على السينيور «بينيا» أن يحول المسرح إلى نادي كازينو، لكن حبه وتعلقه بالفن والثقافة جعله يرفض المساومة والإغراء... حتى عام 1928 حيث تنازل عن مسرح سيرفانتس وتم تسليمه للدولة الإسبانية ممثلة بقنصلها آنذاك بطنجة»، ومنذ ذلك الحين تمتلك الدولة الاسبانية المسرح الشهير في طنجة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية