|
عن لومانتيه كتابه هذا جعل الكثيرين من قرائه يستنفرون وينضمون إلى تلك الحركة التي بدأت في مركز «بيغ أبل» وهو ومز مدينة نيويورك، لتمتد شرقاً وغرباً في عشرات المدن من الولايات المتحدة الأميركية. وفي مقدمة الكتاب يوجه تشومسكي تحية إلى المتظاهرين يذكر فيها على سبيل المثال تلك المرأة التي تم استجوابها لأنها قذفت ألعاباً نارية على متن بتلات زهرات باتجاه مبنى الكابيتول مقرالكونغرس في الولايات المتحدة. ويأتي نشر الكتاب غداة إلقاء الرئيس الأميركي خطاباً حول دولة الاتحاد يرسم فيه خطة البلاد من خلال رسم مخطط إجمالي لصفقة جديدة من وحي روز فلتي وبالتالي فإن لهذا الكتاب فضلاً كبيراً بالتذكير بمدى فعالية حركة «احتلوا وول ستريت» وصدى الحركة التي تعد الأولى في عالم المال أيضاً أهمية الكاتب وسمعته الدولية كما يشهد هذا النشر على التزام مثقف لم يتردد بانضمامه لحركة اجتماعية والمشاركة فيها. وأيضاً اعتبر نشر الكتاب تكريماً لذكرى هاورد زين الناشط في أول حركة للحقوق المدنية وللتيار السلمي في الولايات المتحدة الأميركية وبالتالي فهو يؤرخ للطبقات الشعبية كما كتب للحركة الماركسية من ماركس إلى سوهو. حول الكتاب ومواقفه ومداخلاته أجرت معه صحيفة لومانتيه الفرنسية لقاء من بعض الأسئلة التي وجهت إليه: • أشرت في كتابك إلى أن حركة وول ستريت لم تلق صدىً كبيراً بين وسائل الإعلام في الولايات المتحدة والملاحظة ذاتها يمكن أن نجدها في الضفة الثانية من الأطلسي أي في أوروبا، أيضاً أشرت إلى أن الأمر يتعلق في الولايات المتحدة بحركة تعيد النظر بما توافقت عليه الليبرالية الجديدة منذ ثلاثين عاماً، فلماذا برأيك لم تعر وسائل الإعلام الكبرى الأهمية بل تكتمت على الأمر؟ •• من وسائل الإعلام الكبرى ؟ هي التي تمولها الشركات الكبرى وغالباً انطلقت من شركات صغرى بتمويل باهظ وهذا ما حصل في كثير من الحالات إنه عالم الأعمال الذي يمول وبشكل مفرط، ثم من دوائر التحقيقات الصحفية والافتتاحيات؟ في الواقع جوابي يكمن في السؤال ذاته فلماذا نفاجأ أو نستغرب حين لانجد أي تعاطف مع الحركات الشعبية التي تقف ضد اضطهاد الطبقة العاملة. حتى إنهم لا يبدون أي محاولة للاستيعاب والتفهم. قد لا يكون الجميع مئة بالمئة لكن هناك عوامل عديدة تلعب دوراً فتصل في معظمها إلى النتائج ذاتها وهذا يمثل كتلاً كبرى والوثائق حول ذلك لا تحصى. • لقد حولت حركة احتلوا وول ستريت فكرة تمركز الثروات في أيدي واحد بالمئة إلى فكرة شعبية لا يمكن أن يتحملها مجتمع يرزح تحت نير البطالة ومن يقرأ كتابك يدرك تماماً أن الولايات المتحدة تعاني من وضع اجتماعي حرج واقتصادي متأزم وبالنسبة إلينا في فرنسا يبدو أن العم سام لم يكن يوماً سيئاً كهذا فكيف تفسر الخجل لدى من يصنع الرأي العام الأوروبي تجاه أولئك الذين ما زالوا يرون في الولايات المتحدة نموذجهم المثالي؟ •• البطالة الآن هي الهم الأكبر للمواطن الأميركي وقد صوب الانتصار الأيديولوجي لمذاهب السوق الحرة ضربات كبرى أدت إلى تركيز الثروات في أيدي شريحة لا تتعدى نسبتها 1% من الشعب هم من مديري الشركات الكبرى ويبدو لي أنهم في أوروبا يحاولون تقليد هذا النموذج الأميركي للرأسمالية المحتكرة والمسيطرة. إن حركات المعارضة لهذا النموذج تتسع منذ ثلاث سنوات بدءاً من مظاهرات الطلاب في تشيلي وكيبك وحركات التنديد في اسبانيا والبرتغال مروراً بالحركات الاجتماعية في اليونان وحركة «احتلوا وول ستريت» في الولايات المتحدة الأميركية. • لقد تضاعفت الاعلانات عن نهاية الأزمة المالية العالمية كما تضاعفت ردات الفعل المستنفرة في كل الدول الرأسمالية المعروفة باسم»الدول المتقدمة«ومن جهة ثانية استعادت مؤشرات البورصة في وول ستريت وفي فرانكفورت مستواها في القمة التي كانت عليها في خريف عام 2008 فإذا جاءت من جديد أزمة مالية أخرى ولماذا لا نستخدم نفس أساليب العلاج التي استخدمت ويترك للدول والشعوب والعمال تسديد الفاتورة. •• من وجهة نظر أرباب العمل هذه هي الفكرة الصائبة. • لقد تحدثت كثيراً عن الطبقات الاجتماعية وطرحت فكرة صراع الطبقات هذه الأفكار التي تبدو قد انحسرت تعود الآن لتظهر في الوعي الاجتماعي فكيف يمكننا أن نجعل منها عوامل تقدم؟ •• إن فكرة صراع الطبقات لم تغب يوماً ولم تختف وطبقة رجال الأعمال في الولايات المتحدة تشعر بذلك غير أنها مدركة لمصالحها بشكل أكبر لذلك فهي تقود على الدوام حرباً اجتماعية شعواء وهناك بعض ردات الفعل كالتي ذكرتها وإذا ما تعاظمت فلن تكون حرب الطبقات أحادية الجانب بل يمكن الحصول في هذه الحال على مكاسب جديدة. • الاعتراض ذات الطابع الاقتصادي رافقه خلال حركات الاستنفار الحالية اعتراض ذو طابع سياسي وفي الوقت ذاته وفي النظام الليبرالي الجديد للرأسمالية ظهر أن الديمقراطية النموذجية هي المطروحة على بساط البحث فكيف نعمل من أجل دفع ممارسة ديمقراطية ضمن حدود نظام تتمركز فيه السلطة بأيدي من هم الأكثر ثراء؟ •• المسألة الأساسية فيما يخص الديمقراطية النموذجية أنها هل هي موجودة وما حدودها؟ لنأخذ مثلاً الولايات المتحدة الأميركية التي تبرز فيها ممارسات تدعي أنها مرتبطة بالديمقراطية النموذجية لكن هناك أبحاثاً على مستوى عال في العلوم السياسية تدل على أن 70% من الناس الأقل غنى على صعيد الأجور والإرث الاجتماعي لا يملكون أي تأثير ولا وزن لهم في اتخاذ القرارات السياسية فلن ينمو تأثير هؤلاء إلا ببطء شديد وأصحاب الثروات هم من يحصل على مايريد هل هذه هي الديمقراطية النموذجية وما هذا المثال إلا واحد من أمثلة كثيرة. |
|