|
الثلاثاء 26-3-2013 يستوقفهم صهيل فرس فتية،كدعوة لغنيمة تفتح شهية مولعة بالغنائم،فتشارك شاباً وفتاة يرافقان الفرس قلقهم..وحين يعجز الغزاة عن اكتشاف مكان الغنيمة يتابعون رحلتهم..غير أن القلق لا يرحل معهم لقد علقت قوائم الفرس في الطين الطري، وبدأت بالغوص فيه..تهرع (مريم) إلى القرية لطلب المساعدة، لكن أمها التي تترقب قدومها بفارغ الصبر لا تترك لها متسعاً لإنجاز مسعاها، فهما على موعد لا يحتمل التأخير رغم اعتراض الابنة.. تتلاحق الأحداث منيرة بعض التفاصيل..وبتزامن رمزي ذي دلالات يترك للمشاهد افتراضها تحترق مريم، في الوقت الذي تستجمع فيه الفرس قوتها وتنطلق بقوتها الذاتية خارج الحفرة الطينية في مشهد وفير التأثير..والجمال.... تتداخل الأمكنة والأزمنة لتنقل بك عين الكاميرا الساحرة خمسين سنة باتجاه زماننا فترى (مريم) الثانية تؤدي الصلاة مع أسرتها في كنيسة القنيطرة وهي تستعيد من ذاكرتها صورة تعميد طفلتها في المكان ذاته الذي لا تحميه قدسيته من قنابل الغزاة الإسرائيليين المندفعين نحو المدينة، فتصيب أحد أبراج الأجراس و ينهمر الركام مغلقاً الباب ومريم تبذل كل قوتها لإخراج حماتها وابنتها من المكان الممتلئ غباراً ودخاناً، فيما جنود سوريون يساعدون الأهالي في الصعود إلى حافلات تأخذهم بعيداً عن منطقة القتال..تهيم مريم في المدينة المشبعة بأجواء الحرب بعد أن فقدت جدة ابنتها تحت ركام الكنيسة محاولة تجنب جنود العدو. فيلقاها الجندي السوري الذي شاهدته أمام الحافلة ويساعدها في الوصول إلى منزلها،وفي لحظة صعبة تتخللها أصوات القنابل والرصاص توصي (مريم) الجندي بابنتها زينة كمن تتحسس موتها القادم،ويفي الجندي بوعده ويوصل زينة إلى يد أمينة ويرجع إلى القنيطرة محاولاً إنقاذ (مريم) لكن الموت يكون أسرع منه إليها، فيغادر حزيناً وهو يكرر في نفسه سؤالاً ألقاه على مسامعها قبل أيام:هل الأفضل أن يموت المرء من أجل وطنه.أم أن يعيش من أجله؟.. تنتقل الكاميرا نحو خمسين سنة إضافية لتصل إلى أيامنا حيث (مريم) الثالثة تهرع إلى بيت دمشقي قديم حول إلى مأوىً للعجزة كي تلحق بجدتها، وتكفر عن جريمة أبيها الذي ألقاها به.. بعاطفة الحفيدة المحبة تستعيد الجدة ذاكرتها التي كادت تفقدها من هول الصدمة، وهناك نتعرف على عالم الآباء والأمهات الذين تخلى عنهم أبناؤهم.. كما نلتقي زينة التي تعمل في المكان.. وتقرر النسوة الثلاث العودة إلى قرية الجدة و(مريم) الأولى.وفي الطريق الترابي الموحل تغوص إطارات السيارة في بركة الطين،كما قوائم الفرس في بداية الفيلم، لكن العون هذه المرة يكون من جنديين في المكان، وتنظر زينة من نافذة السيارة فترى في أحدهما وجه الجندي الذي أنقذها في القنيطرة..يدفع الجنديان السيارة خارج حفرة الطين لتتابع طريقها إلى الطبيعة النقية.. هل ما سبق سرد لحكاية، أو حكايات، فيلم مريم؟..لا يجب أن يكون كذلك فأي نص مكتوب يعجز عن محاكاة السرد البصري المدهش بتداخله الزمني والمكاني الساحر وصوره الرائعة.. وهو أيضاً ليس مادة نقدية عن الفيلم لأن باسل الخطيب وباقي فريق عمله يستحقون الكثير من الحديث..والكثير من الثناء.. إنه بكل بساطة دعوة لمشاهدة الفيلم والتمتع بعمل يستحق الوصف بأنه متعة سينمائية..وتحفة سينمائية.. |
|