تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أولاً.. من هو السوري؟

معاً على الطريق
الثلاثاء 26-3-2013
خالد الأشهب

وفق أندريه بارو فإن " لكل إنسان متحضر في هذا العالم وطنان؛ وطنه الأم وسورية "!!

إذاً, فما شأن من كانت سورية أيضاً وطنه الأم؟ وهل من العدل والإنصاف أن ينتمي الناس في أقاصي الأرض حضارياً لسورية ولا ينتمي إليها البعض من أبنائها الأصلاء في سوريتهم الواصلة إلى نقي عظام أجدادهم.. حتى قبل أن يصل أنبياء الله إلى سورية؟‏

ثمة سؤال ملح اليوم.. وثمة من يخشى أو يتغاضى أو يتناسى الإجابة عليه, بل ثمة من لا يعرف تفاصيل الإجابة, فيذهب إلى تسطيحها أو تجاوزها بترديد عبارات ببغائية عن الأرض والشجر ومرابع الطفولة والحارة أو البيدر, ولا يعلم أن ثمة إحصائيات موثقة تشير إلى ما يصل لخمسة وثلاثين مليوناً من البشر المنتشرين في أصقاع الأرض المختلفة, يعودون في أصولهم إلى سورية مولداً أو نسباً لأب أو جد أو جد لأب على الأكثر, وثمة إحصائيات أخرى توثق بدقة انتماء ما يصل إلى عشرة ملايين على الأقل من هؤلاء لسورية, هاجر آباؤهم وأجدادهم تحت وطأة شظف العيش أو وطأة شغف الطموح.. أو هجروا تحت وطأة العزل الاجتماعي أو الظلم السياسي أو غيره.. خاصة في ظلمة الاستعمارين العثماني والفرنسي, وليعود السؤال الملح يتردد من جديد.. من هو السوري إذاً؟‏

وإذا كنا اليوم في صدد بناء عقد اجتماعي جديد بين السوريين, وإذا كنا في صدد البحث عن بوتقة متجددة تجمعنا وتشكل القاسم المشترك بيننا في الانتماء لسورية, وفي البحث عن صياغات قانونية دستورية تحدد الانتماء لسورية وتمنحنا الهوية والحق السياسي والحق الثقافي وغير ذلك, أفلا يعني ذلك أيضاً البحث في سوريّةِ بعض من يقيم بيننا وهو ليس سورياً خالصاً.. والبحث في سوريّةِ بعض من لا يقيم بيننا وهو أكثر منا سوريّةً؟‏

ألا نتفق مع أندريه بارو ونفاخر معه بأن لكل إنسان متحضر في هذا العالم وطنين واحد منهما الانتماء لسورية حضارياً على الأقل.. وبما يعني تماماً أن مجرد الوجود فوق الجغرافيا السورية لا يعني بالمطلق الانتماء لسورية, وأن الغياب عن هذه الجغرافية لا يعني بالضرورة الغياب عن الانتماء لسورية؟‏

وإذا كان للدساتير والتشريعات والقوانين أن تعكس تماماً العقد الاجتماعي الذي يجدده السوريون بحوارهم اليوم فالحري بنا أن نعود مجدداً إلى تعريف من هو السوري ومن هم الذين يقررون سوريته من عدمها!!‏

بالطبع, لا أذهب مع أندريه بارو في مسار غير ثقافي حضاري فحسب, لكنني بالمقابل لا أذهب أيضاً مع من يرون في سورية انتماء إلى أكثريات وأقليات وملل ونحل أو إلى حضور وغياب عن الجغرافية السورية, بل أحاول الذهاب, شأن كل شعوب الأرض المتحضرة اليوم, إلى تثبيت سورية كل مغترب سوري في بلاد الانتشار يفاخر بالانتماء إلى سورية, وبالتالي, تثبيت حقه في المشاركة بصوغ العقد الاجتماعي السوري المتجدد... وأيضاً حقه السياسي الكامل في الترشح والانتخاب!!‏

من هو السوري.. سؤال برسم المتحاورين في مؤتمر الحوار الوطني اليوم وغداً, وعلى أجندة كل سوري يدعي الانتماء إلى سورية دون طوائف أو عشائر أو ملل؟‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية