تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ما بعد الامتحانات وقبل النتيجة.. عشرة أسئلة على طاولة خيارات الأهل

شباب
2012/6/25
غـانـم مـحـمـد

عشرة أسئلة قد تؤرق بال كلّ منّا بعد أن قدّم أبناؤنا امتحانات الشهادة الثانوية والتي على ضوء نتائجها سيتحدد مصير هؤلاء الأبناء في حياتهم العملية

القادمة، فإن توافقنا مع إجابات هذه الأسئلة نمنا مرتاحي الضمير تجاه هؤلاء الأبناء وإلا قد يحمل البعض منّا وجع الضمير عمراً طويلاً..‏‏

صحيح أنّ العامل الذاتي في شخصية هؤلاء الأبناء مهم جداً لكن الأهمّ هو دور الأهل لأنه ليس بالضروري أن يكون كل من وصل إلى صف البكالوريا واعياً تماماً لمصلحته ويعرف كيف يقترب من الاندماج في هذه المصلحة ومسؤولية الأهل هي التقريب بينهم وبين مصالحهم قدر المستطاع..‏‏

ماذا تنتظر من ابنك؟‏‏

هل تتوقع منه أن يحصّل العلامة الكاملة ويحصل على خيارات واسعة أثناء المفاضلة القادمة وبالتالي يقف دورك عند توجيهه للفرع الذي ترى فيه مصلحته؟‏‏

إن كان ابنك من المتفوقين فلن يدخل القلق قلبكَ أبداً لأنه سيكون بإمكانه تحديد الفرع الذي يريده والذي يتناسب وينسجم مع رغبات الأهل...‏‏

نبالغ أحياناً فيما ننتظره من أبنائنا ويتحول هذا الطمع إلى نوع من الضغط عليهم وهم يقدمون الامتحانات فنفقدهم بعض تركيزهم ونكون سبباً في تراجع تحصيلهم من حيث لا ندري.‏‏

هل ستعتب عليه؟‏‏

إن كنتَ تتوقع منه الكثير ولم تأت النتيجة بالشكل المنتظر فهل ستزجر ابنك وتعاتبه أو ربما تعاقبه كما يفعل البعض أم ستسلّم بالأمر الواقع وتتعامل مع هذا الواقع بشيء من الحكمة والعقل فتكسب ابنكَ وأعصابكَ؟‏‏

نتفق على أنه لا يجوز أن يصبح الجميع أطباء أو مهندسين وأن مثل هذه التركيبة ليست في صالح المجتمع تماماً مثل خلو أي مجتمع من الأطباء والمهندسين وبقية المهن، أي هل سيكون بإمكانك أن تقنع نفسكَ أولاً ومن ثمّ تقنع ابنك أن مهنة التمريض على سبيل المثال لا تقلّ أهمية عن مهنة الطبّ، وأنّ الحرفي الذي يصلّح الأدوات الكهربائية ليس أقلّ شأناً من صانع هذه الأدوات؟‏‏

هل ستفرض عليه الإعادة؟‏‏

قد يكون الخيار الأسهل والأقرب للأهل وللأبناء هو إعادة البكالوريا في حال كان المجموع غير مرضٍ، وقد تنقسم المسألة هنا بين الاثنين حيث تكون الإعادة بناء على رغبة الأبناء حيناً وبناء على رغبة الأهل معظم الأحيان لكن إن لم يكن الابن مستعداً نفسياً ومقتنعاً تماماً فلن تكون هناك أي جدوى من هذه الإعادة ونفضّل هنا أن يكون قرار الإعادة ملكاً للأبناء دون غياب مشورة الأهل..‏‏

هل تدفعه للموازي أو المفتوح؟‏‏

إن لم تستطع الجامعات الرسمية استيعاب رغبة ابنك أو رغبتك فهل ستعمل على جبهة التعليم الموازي أو التعليم المفتوح حتى لا يخسر ابنك سنة من عمره في ردهات الإعادة؟‏‏

قد يستصعب البعض تكاليف هذا النوع من الدراسة ولكنه أحد الخيارات المطروحة لدى الكثيرين ومع هذا تبقى الفرص غير كافية للجميع...‏‏

والتعليم الخاص؟‏‏

القليل منّا يستطيع أن يصرف على ابنه أو ابنته في الجامعات الخاصة، فإن كانت هذه الجامعات ملاذاً للبعض فإنها حلم صعب المنال للكثيرين..‏‏

البعض ممن لا يستطيعون دخول الجامعات الخاصة يقولون إن من لديه القدرة على تعليم أبنائه في هذه الجامعات لا حاجة له بدراسة ابنه وبإمكانه أن يساعده في تأسيس مشروعه في الحياة فلماذا الخسارة على الدراسة؟‏‏

التوجّه الحرفي؟‏‏

البعض أصبح أكثر قناعة هذه الأيام بأهمية التوجّه لممارسة حرفة معينة ويجد فيها الضمان اللازم من غدر الحياة على مبدأ "صنعته في يده" وهذا التوجّه لا يحتاج إلى مسابقة رسمية يتقدم لها عشرات الآلاف من طالبي العمل..‏‏

الحرفة مهمة جداً، ولكن من الصعب إقناع شاب في الـ 18 من عمره بالتوّجه إلى تعلّم الحلاقة أو الخياطة بينما زملاؤه وزميلاته في الجامعات..‏‏

على نهج الأهل‏‏

البعض ممن لا تمنحهم الدراسة القدر الكافي من العلامات لدراسة الفرع الذي يرغبون به لا يرهقون تفكيرهم كثيراً بل يتجهون مباشرة إلى مهنة ذويهم، فمن يعمل أهله بالزراعة يتجه إليها ومن يعمل بالتجارة يتاجر وهكذا..‏‏

قد يكون هذا الخيار هو الأكثر انسجاماً مع تفكير الأهل الذين ومن باب الأنانية يتمنون أن يكون أبناؤهم مثلهم ويساعدوتهم في أعمالهم..‏‏

هل تتفرّج على استسلامه أو انحرافه؟‏‏

المصير الأقسى هو أن يسبب الفشل في تحصيل العلامات أو الرسوب حالة من اللامبالاة لدى البعض أو محفّزاً سلبياً للاتجاه نحو الانحراف أو الاستسلام للفشل، فنكون مع هذا الاحتمال قد خسرنا طاقة وعطّلنا حلماً فهل نتفرّج على هذا المصير أم نتدخّل بأي شكل كي لا ينزلق أبناؤنا إلى هذا المستنقع؟‏‏

إعادة ترميم الثقة وإعادة بناء الأمل هي من أكبر التحديات التي تواجه الأهل في مثل هذه المواقف الصعبة، وإن لم يكن الأهل على درجة كبيرة من الوعي والاستعداد للتضحية بالوقت والمال فقد يضطرون للتسليم بالخسارة وهذا ما لا نتمناه لأي منكم، لأننا في النهاية نبحث عن جيل قادر على النهوض بتحديات المرحلة من جميع جوانبها وبناء سورية المتجددة والمستفيدة من طاقات جميع أبنائها..‏‏

صحيح أن النجاح في "البكالوريا" يرسم الكثير من معالم مستقبل أولادنا لكن الصحيح أيضاً أن هذا المستقبل لا يلغيه مجموع ضعيف أو حتى رسوب لأن إرادة النجاح يمكن زرعها في مكان آخر ومن دون أن يشعر أبناؤنا بأي نقص تجاه رفاقهم الذين نجحوا بعلامات عالية..‏‏

ابني يختلف عن ابنك كاختلافي عنك، ولكنك تُشغل حيزاً في هذه الحياة كما أشغل أنا وعلى هذا الأساس نستطيع أن نعلن ولادة أبنائنا ولو من رحم الفشل لا قدّر الله.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية