|
شباب والحفر على الخشب وتشكيل الحديد بأشكال فنية إلى اللوحات المصنوعة من السيراميك وفنون الرسم على الزجاج وصولا إلى صناعة مجسمات قشية وجميعها مشغولة بتقنيات عالية ومواهب أصيلة وأياد ماهرة.
ويتحدث الفنانون الذين كانت لهم بصمتهم الخاصة في مجال الفن الحرفي ومنهم الفنان فراس ابو راشد مصمم الجبسن بورد أو ما يسمى بالأسقف المستعارة الذي قال إن هذه المهنة تحتاج الى تقنية عالية ومهارة وموهبة حضارية كونها تنجز على شبكات من الحديد بأشكال ورسوم هندسية ذات أبعاد متناسقة ودقيقة بهدف إنجاز ديكورات منزلية متوازنة بأشكال جميلة ومقاسات دقيقة. وأضاف أبو راشد إن هذه الديكورات ترتكز على استخدام أنواع معينة من الدهان كي تتناسق معها وتصبح مكونا في بنية واحدة وان هذا العمل بحسب رأيه يحتاج إلى ممارسة واجتهاد بغية الوصول إلى عمل شريف يوازي الأعمال الأخرى لافتا إلى ان بعض من يعملون بهذه المهنة اضطروا لترك الدراسة لكنهم امتلكوا إمكانات من المفترض أن يعملوا على تنميتها ليجعلوا من طاقاتهم أشياء تدعو إلى الفخر. أما علي عبد العزيز فرأى أن مهنة الحدادة من اصعب المهن وأكثرها مشقة وتعبا كونها تحتاج إلى أدوات صعبة الاستخدام عن طريق اليدين مشيرا إلى أنه يصنع من قطع الحديد أشكالا ومجسمات ترسم صورا جمالية على الأبواب والنوافذ وفي أماكن أخرى داخل المنازل وخارجها خاصة في المناطق الجبلية التي يفضل سكانها استخدام الحديد بدلا من الخشب بسبب قساوة الطقس وعدم مقاومة الخشب لتحولات الشتاء الصعبة موضحا أن هذه الرسوم والانحناءات والاشكال تحتاج الى موهبة فنية عالية الدقة والمستوى لا تقل عن إبداع الفنانين التشكيليين. وبين انه كلما ازدادت الموهبة غنى وثقافة وصقلا تبدو الأشكال المرسومة المنحوتة على الحديد بصياغة أجمل وروعة أكثر دقة واتقانا لافتا إلى أن هذه الرسوم والإبداعات تستغرق وقتا أطول بكثير من الفن التشكيلي ما يجعل المرء الذي أنجزها يشعر بالراحة عندما يرى صنيعه يبدو وكأنه لوحة جميلة تتصدر مداخل المنازل في سعي لدخول عالم الفن من أوسع أبوابه. ويوضح الشاب أيمن داهش المختص بصناعة الفسيفساء ان صناعة اللوحات الفسيفسائية من أكثر أنواع المهن روعة وجمالا وأنها تضاهي حسب رأيه الفنون الاخرى كونها تحتاج الى صبر وخبرة وموهبة، مبينا ان المادة التي تتشكل منها لوحاته هي عبارة عن قطع من حجر الغرانيت وقطع حجرية ناعمة مختلفة الألوان منها ما هو مستورد ومنها مأخوذ من الأراضي الجبلية في سورية وان تصميم اللوحة مزيج من الفن والخيال من خلال زرع القطع الحجرية بتأن ودقة وبشكل يتناغم مع شكل الصورة الأساسي المراد انجازها لتأخذ بعدها أشكالا جمالية هامة تتفوق بروعتها على كثير من اللوحات المصممة منذ آلاف السنين. ويلفت داهش إلى أن هذه اللوحات قادرة على الصمود تاريخيا كونها تفوقت على لوحات أخرى شبيهة بصناعتها عثر عليها بين كثير من اللقى الاثرية كلوحات كعب ابليس التي وجد منها في أرياف إدلب وفي بعض منازل الغمس القديمة مشيرا الى أن دقة إتقانها ومهارة زرعها جعلها عصية على الانتزاع من الأرض او الجدار كما ان هذه الصنعة تكثر في أرياف إدلب بشكل كبير باعتبارها موردا للرزق هناك. أما الفنان التشكيلي والنحات محمد جلال فهو يتقن كثيرا من المهن في هذا المجال أهمها النحت والرسم وصناعة الجبس على الجدران والرسوم على السيراميك إضافة إلى الدهان موضحا ان أعمال الدهان وصناعة لوحات السيراميك الفنية تتفوق على باقي الأجناس الفنية التي يتقنها على اعتبار أن مزج الألوان وفن التعامل مع الجدران يتطلبان انجاز لوحات ومجسمات على شاكلة ما حصل في الماضي عبر الحضارات القديمة وان أي خلل بانجاز دهان جداري متقن يحتاج إلى إعادة انجازه من نقطة الصفر. وقال جلال إن نقاد الفن على اختلافه لم يدركوا أهمية هذه الانجازات وضرورة إدخالها في مجالات النقد الفني التطبيقي خاصة وأنها تحتاج تقنيات عالية ودقيقة ورؤى فنية يصعب على نقاد الفن التشكيلي الدخول إلى عالمها المكثف والواعي بدليل ان كل الكتب والدراسات لم تنظر الى لوحة مصنوعة من الفسيفساء والسيراميك. ويرى جلال أهمية إحداث نقابات لأصحاب هذه الحرف الفنية لتفوقها على غيرها من الفنون المنضوية تحت نقابات متخصصة بل وتتفوق عليها حسب رأيه معتبرا ان الفنان الذي يتقن العمل بالسيراميك او الفسيفساء جندي مجهول ومثله الحداد والنجار ومتسائلا في الوقت ذاته هل من المجدي إهمال هذه الحرف الجمالية والإبداعية. بدوره قال الفنان شادي أسعد.. إن فن النجارة يحتاج أقلاما ومنشارا وأدوات كهربائية ومثاقب كحاجة الرسام لأدوات تساعده في انتاج رؤيته الفنية على سطح اللوحة وجميعها أشياء يتطلب التعامل معها موهبة خاصة ليدرك صاحبها انه يقدم منجزا ثقافيا من خلال امتلاكه لمقاييس وأبعاد هندسية ورؤى منفتحة ومتنوعة لافتا إلى أن الورود المنحوتة على خزانة خشبية قد تحمل أكثر من معنى يرمي اليه منجزها وقد يذهب بدلالاته الى اكثر ما يذهب إليه فنان آخر ناهيك عن المقدرة الفنية على مزج واستخدام الألوان التي يدهن بها المنحوت أو المنجور الخشبي. وأضاف.. إن المصنوعات الخشبية التي تباع بأثمان باهظة منذ مئات السنين يجب تجاوزها وتقديم منتجات تحمل أفكارا ورؤى عصرية داعيا إلى ضرورة رعاية هذه الحرف كي تأخذ حقها في المحافل الثقافية وأن تقام لها المعارض والمحافل بصفتها اساساً مكملاً لا غنى عنه في أمور الحياة كونها تتطلب مواهب وحالات فنية راقية موازية للفنون الأخرى. |
|