|
منطقة حرة والحاجة الماسة لمسايرة ومحاكاة ما تشهده البشرية من أنماط وأساليب متقدمة في التسوق , ما زال البعض في بلدنا يحارب مثل هذه الفكرة ويختلق المبررات والأعذار غير المقنعة ... حين سألنا عن الأسباب التي تمنع المحال التجارية الضخمة والمولات المحدثة في غالبية المحافظات من الولوج ولو خطوة خطوة باتجاه ما يسمى التسوق من خلال الانترنت , أي إمكان أن يقوم المواطن بشراء ما يلزمه من حاجات بواسطة شبكة الانترنت ودون الاضطرار إلى مغادرة منزله أو مكان العمل , جاءت الإجابة من خلال بعض من قابلناهم في محال تجارية شهيرة ومعروفة في العاصمة , أن وزارة الاقتصاد لا تسمح بهذا النمط من التجارة أو التسوق , بل هي كانت ومن خلال مديرية الشركات قد أصدرت تعميما طالبت من خلاله المديريات التابعة لها في المحافظات وعلى وجه التحديد من أمناء السجل التجاري , بعدم إضافة التجارة الالكترونية والتسويق الشبكي إلى السجلات التجارية , مؤكدة أن هذا النوع من النشاط يقوم على التغرير بالمستهلك ودفعه لشراء منتجات بأسعار أعلى من أسعارها الفعلية , إضافة إلى أن مثل هذه المنتجات غير حاصلة على تراخيص لدخول الأسواق وقد تكون غير نظامية وغير مطابقة للمواصفات ..هذا ما جاء في التعميم الذي نشر حرفيا في أكثر من منبر إعلامي . المبررات الآنفة الذكر صدرت عن وزارة الاقتصاد ولا يمكن تسويغها مهما كانت الأسباب ,. فالقول بعدم القدرة على مواجهة عمليات الاحتيال من جانب بعض التجار أو أن بعض السلع والمنتجات تدخل الأسواق بطرق واليات غير نظامية أو أن بعض المنتجات غير مطابقة للمواصفات , كل هذه الأسباب يفترض أنها باتت من المنسيات ولا يجوز حتى طرحها ومناقشتها في حال الاعتراف أن هوية اقتصاد السوق أصبحت بديلة عن الهوية السابقة , وبلغة أدق , هناك ما يسمى اليوم بقانون المنافسة ومنع الاحتكار الذي يعني فيما لو تم تكريسه وتجسيده بشكل أمثل أن المنتجات والسلع الجيدة تطرد السيئة أو الرديئة , كما أن هناك قوانين صدرت تتعلق بحماية المستهلك إلى جانب ولادة جمعيات في معظم المحافظات تحمل بين طياتها عنوان حماية المستهلك من كل ما قد يلحق به من غبن وأذى سواء لجهة المنتجات الغذائية أو حتى ما يتلقى من خدمات لا تخلو من الغش , وما هو مطلوب العمل على تفعيل هذه الجمعيات التي تضمن ومن خلال القوانين حماية المستهلك وضمان حقوقه كاملة , ولا ننسى أنه ولمجرد البدء في تكريس مفهوم التسوق من خلال شبكة الإنترنت خطوة بعد أخرى سوف يسعى البعض من التجار إلى تأسيس أسماء تجارية من شأنها جعل المنافسة عنوانا رئيسيا بهدف كسب المزيد من الزبائن , خاصة وأن تجارب هذا النمط من التجارة في غالبية بلدان العالم , تشير إلى أن عمليات الشراء من خلال الانترنت تسهم في تخفيض أكلاف المنتجات وفي عدم تبديد الوقت , ومثل هذا الحصاد حتما لا يأتي بين ليلة وضحاها , وإنما بعد انقضاء فترة زمنية على التجربة تساعد على تعزيز الثقة بين الباعة والتجار من جهة وبين المستهلك , لكن أن نردد وباستمرار بأن الوقت لم يحن بعد ولا بد من التريث , فذلك سيعني الاستمرار في الانتظار والتسويف الذي يجعلنا خارج لغة المستقبل التي تشق طريقها بسرعة غير عادية . قد يقول البعض ولكن إذا كانت خدمات الانترنت ما زالت شبه غائبة نتيجة المخدمات الضعيفة نسبيا ..فما هو السبيل لتأسيس شركات تقوم في آليات عملها الأساسية على التسوق عبر الإنترنت ؟! ... مثل هذا السؤال في مكانه وهو أكثر من مشروع , ولكن في المقابل يتعين عدم الذهاب بعيدا في المبالغة , ففي سورية اليوم الكثير من الشركات الخاصة التي باتت تقوم بتأمين خدمات مقبولة نسبيا وهي قد تشهد في المستقبل القريب منافسة تساعد على ارتقائها وتطورها وإذا كان الجانب المتعلق بخدمات وشبكات الاتصال، هو الأبرز والأهم في قائمة استحقاقات التسوق الالكتروني ، فإنّه يتعين أيضاً عدم القفز عن استحقاقات كثيرة أخرى يطول الحديث عنها، فعلى سبيل المثال، ماذا عن التشريعات والقوانين التي ستنظم عمل هذا النوع من البيع والشراء، وخاصة لجهة الذين يرتكبون مخالفات... وكذلك ماذا عن أصحاب الكفاءات والشهادات والمختصين الذين سيشرفون فنيا على الزائر الجديد ..ببساطة , مثلما توالدت شركات الانترنت الخاصة ولو بخطوات متثائبة ومتلكئة , يتعين أيضا وبالتوازي مع حضورها الذي ما زال ضعيفا المبادرة بتأسيس شركات تأخذ على عاتقها البدء في رحلة التسوق الالكتروني ..وبما إن هناك وزارة جديدة يطلق عليها اليوم بوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك , يفترض بمثل هده الحالة أن تعمل هذه الأخيرة على توفير الشروط المناسبة لولادة هذا الزائر الذي بات من منسيات الكثير من بلدان العالم . |
|