|
مجتمع وسأبدأ من حيث انتهى الخبر, فكم من زيجات فشلت فعلاً بسبب ماضي فتاة دفنت دفاتره العتيقة منذ زمن في أقبية منسية, وفجأة وبلا مقدمات تجد خطيبها قد نبشه تحت عنوان - مصارحات -. فيبوح لها أولاً بغرامياته وماضيه العتيد من باب التفاخر طبعاً, ويطلب منها بالمقابل أن تبوح له بماضيها بعد أن يعطيها الأمان, وماإن تبدأ حتى يثور وينفعل, ويقطع علاقته بها قائلاً: أنت من طريق وأنا من طريق. المشكلة أن الصغائر في عيون الرجال كبائر, فهذه حلا صدقت وعد خطيبها بالأمان, وبأنه بين الأحباب لايوجد حساب, وباحت له بعلاقة بريئة بينها وبين ابن الجيران أيام المراهقة..ولكن هذه العلاقة لم تستمر بسبب سفره إلى الخارج للدراسة, حيث علمت أنه تزوج واستقر هناك. تقول حلا: اعتقدت أن هذه المصارحة ستريح خطيبي ولكني فوجئت به يتغير كلياً من جهتي, ويعاملني ببرود وبلا مقدمات قطع حبال الود بيننا..ليلقنني بذلك درساً لاينسى. أن خير مكان لماضي الفتاة هو النكران بعد النسيان. ربا تمكنت بعد الزواج من كسب ود زوجها بعفويتها وصدقها, إذ باحت له بأنها كانت مرتبطة بعلاقة خطوبة رسمية مع شخص من بلد عربي مجاور, غير أنه لم يكتب لعلاقتهما الاستمرار بسبب إصرار والدتها على إقامتهما بدمشق, وتعذر تنفيذ هذا الشرط من قبل الخطيب. المشكلة كما تقول ربا: أن زوجها تصنّع تفهم هذا الأمر, غير أنها لاحظت فيما بعد أنه يتجسس عليها, نعم يتجسس على هواتفها, كما اكتشفت أنه يراقبها عن بعد كلما غادرت المنزل حتى تعود إليه..وتسألني ربا: هل تعتقدين أني بهذه العفوية قد زعزعت الثقة?! الدكتورة ريم الخيّر, اعتبرت المصارحة بحد ذاتها صك اعتراف بالخطأ, فالماضي له قدسيته, وهو حق مشروع لكل طرف, ولاينبغي المساس به من قريب أو من بعيد. ولاسيما أن بعض الأزواج عندهم وسواس قهري قد يفضي عاجلاً أم آجلاً إلى بتر العلاقة بين الطرفين. وتسأل د. الخيّر: لماذا يعتبر الرجل أن من حقه سؤال الفتاة عن ماضيها ومحاسبتها عليه?.. بينما يمتعض إن سألته بالمقابل عن ماضيه أو نبشت فيه..فالرجل بطبعه أناني, وينصب نفسه حارساً على الماضي بمجرد أن ارتبط بفتاة بخاتم خطوبة, في حين يرفض أن تكون من يفترض أنها شريكة حياته حارساً على ماضيه أو حاضره أو حتى مستقبله. في حين يرى الدكتور معلا دحدوح أن للفتاة ماضيها وللخطيب حاضرها, ولكليهما المستقبل ومن العبث تفكير أحد الطرفين بالتفتيش خلف أسوار الماضي. د. حسين الخزاعي /الباحث في القضايا التنموية والاجتماعية/ قال: نحن نسعى دائماً إلى بناء علاقات نموذجية بين أفراد المجتمع. وبالنسبة للشباب أفضل عدم السؤال عن الماضي, فإن الحب الحقيقي يبدأ بعد الخطوبة والزواج واكتمال السعادة بمجيء الأبناء, وإن البحث في الماضي لايقدم ولايؤخر, وإنما هو بالعكس يدمر البناء النموذجي للمجتمع, ولايوجد إلزام أو ضرورة لكي يتحدث الشاب أو الفتاة عن ماضيه أمام الآخر. ولاسيما أن علاقات المراهقة هي مرحلة اضطراب عاطفي وخيالات وحب سريع وفوري يشبه الطفرات. أخطر مافي المشكلة أن يسألني أحدهم: ولكن ماقولك بفتاة جامعية اضطرت بسبب انجرافها في علاقة ما مع زميل لها, إلى الزواج به بعقد عرفي. وحين انفصلا لجأت إلى طبيب أصلح ماأفسده هذا الزواج ومن ثم خطبت وعقد قرانها على أساس أنها بكر على آخر دون أن تبوح له بماضيها. والسؤال: هل عقد زواجها صحيح شرعاً وقانوناً?! المحامي محمود ماضي, قال: إن العقد باطل, لأن مابني على باطل فهو باطل. وفي رد على سؤالنا: ألا تؤدي هذه المصارحة فيما لو تم الزواج إلى إفشاء الأسرار?! قالت الاجتماعية نسرين دواي: هذا يرجع إلى وجدان وأخلاق الخاطب, فإما إمساك بمعروف وإما تسريح بإحسان.. والإحسان هنا يجب أن يتخذ طابع الستر لمن وثقت به وأودعت عنده سرها.. وخاصة أن العلاقة هنا . لم تتخذ شكلاً غير شرعي, وإنما هي تمت بموجب عقد زواج عرفي قد يلجأ إليه بعض شباب الجامعة, في ظرف لا يسمح لهم بالارتباط رسمياً وإنجاب أطفال وتكوين أسرة, فالجامعي لم يرتبط بعد بعمل ينفق منه على أسرة, كما أنه لم يؤد بعد خدمة العلم من هذا الباب قد لا يكون لهذه العلاقة التي لا يشرعنها البعض, ويعتبرها معيبة في ماضي الفتاة, مبرراتها, وعلى الشاب الذي يود الارتباط بفتاة مرت بهذه التجربة, أن يدرك أنه ربما لجأ لذات الأسلوب لو مر بنفس الظروف.. فكيف يعيب على الفتاة بعدئذ ما يحلله لنفسه? |
|