تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مهن اختفت.. وأخرى نحو الانقراض.. إهمال المكان ووجود البدائل وموت كبار المهنيين وراء الظاهرة

ظواهر اجتماعية
الأحد 30/11/ 2008 م
ميساء الجردي - وبراء الاحمد

على أرضنا المعطاء.. في زمن ما.. ظهرت حرف ومهن كثيرة, أحيت الإنسان وصنعت الحضارة, وأمنت حاجات الناس, فتناقلها الأبناء عن الآباء عبر مئات السنين ومنهم وصلت إلى كل شعوب الأرض.

ولكن هذه المهن التي هي مصدر للمفاخرة بما تصنعه يد الإنسان السوري بدأت تفقد ظلها وحيويتها وحتى وجودها.. في ظل ظواهر اجتماعية متعددة خلّفتها الحياة الاستهلاكية, وما أفرزته الصناعات الضخمة والتكنولوجيا.. حيث تموت مهن بكل ما تحمله من تراث وروح الماضي وتظهر مهن بديلة بنكهة ولون هذا الزمان.‏

نحن نشهد هذه الظاهرة, ولانعرف إن كان أولادنا سيتسنى لهم رؤية تراث أجدادهم.‏

حرفيون تركوا آثارهم معلقة على جدران الأسواق القديمة وآخرون ما زالوا يحفرون في إزميل الزمان ذاكرتهم لتترك بصمتها في صخب الحداثة والعولمة.‏

عندما دخلنا سوق السروجية في دمشق القديمة انتابنا شعور غريب, شعور عن زمنٍ تسقط فيه كل ضوضاء وصرعات الحياة الاستهلاكية حيث يحن الإنسان إلى العراقة ويأنس للماضي.. وفي لقائنا مع الحاج سعيد, أبو أحمد أحد المهنيين القدماء والكبار في العمر, استعدنا معه شريط الذاكرة إلى ما قبل 800 سنة حيث العصر المملوكي الذي أنشئ فيه هذا السوق الملاصق لقلعة دمشق.‏

يقول أبو أحمد: إن السروجية بكل ما فيها من مهن كانت تابعة لقلعة دمشق وكانت مخصصة لصناعة لوازم الجند ولوازم الخيل بالإضافة للمهن الأخرى, صناعة العداد الحربي, الملابس, أدوات التنقل والأحذية والتي كانت مطلوبة بكثرة.‏

ولكن اليوم ومنذ خمسين عاماً لم يبق من هذه الصناعات سوى صناعة النطاقات التي كان يضعها كبار السن على خصورهم على شكل الأنوال القديمة الخفيفة (الكمر) وتستخدم لوضع الأموال وبعض الحاجيات الأخرى والتي أصبحت أيضاً قليلة الطلب إلا من بعض سكان الأرياف واستبدلت هذه الصناعة بالجزدان الجلدي الصغير الذي يوضع في الجيب.‏

والجلديات بشكل عام هي كحرفة أصبحت موجودة لصناعة الجزادين وبيوت الأسلحة القديمة للزينة ثم بيوت للموبايلات.‏

أما صناعة السروج فلم يبق سوى حرفيين يعملان بها في كل السوق وأصبحت مقتصرة على صناعة زينة الخيل, باعتبارها ما زالت مطلوبة للدول المجاورة ومن قبل بعض السائحين.‏

غابت بيوت الشعر‏

وفي هذا السوق.. استبدلت صناعة الخيام وبيوت الشعر مع كل ما يتبعها من أدوات للتنقل والاحتفالات وحلت محلها صناعة المظلات التي توضع على المحلات وشرفات البيوت, مع صناعة بسيطة تخص خيم البدو والفلاحين حيث يستخدمونها أثناء جني المحاصيل الزراعية في بعض المناطق النائية, ولم يبق من بيوت الشعر سوى الذكرى الجميلة لتلك العادات والتقاليد التي كانت ترافق هذه البيوت.‏

انقرضت صناعة السيوف‏

ويعود أبو أحمد في ذاكرته إلى عام 1979 عندما هدم جزء كبير من سوق المهن اليدوية لمصلحة توسيع الشارع, وهو الجزء الذي كان يختص بصناعة السيوف الدمشقية والخناجر, وقد ذهبت هذه الصناعة مع ذهاب سوقها فلم يبق لأصحاب هذه المهنة (الكبار في العمر) مكان ليعملوا به أو ليعلموا الحرفة لأولادهم وقد مات أغلبهم.. وما موجود اليوم.. هي سيوف للزينة مقلدة وشبيهة بتلك السيوف ذات النصل الذي يضرب الصخر ولا يتأثر وبحسب تأكيدات بعض الحرفيين الذين التقيناهم في السوق.. بقي شخص واحد فقط في كل دمشق وريفها ما زال يعرف كيف كانت تصنع السيوف الدمشقية.‏

خطأ كبير‏

يشير هؤلاء إلى الخطأ الكبير الذي رافق هدم السوق وهو عدم تأمين مكان بديل للحرفيين الذين هدمت محلاتهم, فضاعت الحرفة, وبالتالي هم يخافون أن يتكرر ذلك معهم في سوق السروجية ,حيث توجد إشاعة تقول: إن السوق معرض للهدم في شارع الملك فيصل ولكن وللأسف هذا سيقضي على ما بقي من صناعات وحرف يدوية والتي تمتد إلى 800 سنة مضت.‏

السائح يحب هذه المنتوجات‏

وقال لنا بعضهم: لماذا يأتي السائح إلى دمشق القديمة وإلى هذه الأسواق? هل لأنه بحاجة إلى أبنية ضخمة وأسواق بأبنية عالية وصناعات حديثة أم لأنه يبحث عن الماضي والتراث والحرف التي يصنعها الإنسان بشكل تقليدي, وبالتالي إلحاق الأذى بهذه المهن ألا يعني الافتقار إلى جانب مهم من السياحة.‏

نعم إن السائح يأتي من بلاده ويقف أمام المحلات ويتصور مع هذه المنتوجات التي يحب شراءها.‏

أربعة نحاسين فقط‏

في سوق النحاسين بالكاد كنا نسمع أصوات بعضنا, وكان السيد مصطفى ياغي منهمكاً بالعمل, فطلبنا منه التوقف لكي نسمعه, فقال: أعمل في هذه المهنة منذ ثلاثين عاماً وقد ورثتها عن والدي ولكنه للأسف, هذه الحرفة لم يعد لها نفعٌ الآن ولا تأتي بهمها, الناس اليوم يتوجهون لشراء الأواني الزجاجية والستانليس, في حين منتوجاتنا لم تعد مرغوبة إلا لبعض المعامل ومصانع الحلويات أو للزينة والديكور.‏

وتابع حديثه قائلاً: لكل زمن عزه, قديماً كانت الأواني النحاسية تؤخذ ضمن جهاز العروس, وطبعاً هذه المسألة غير موجودة الآن وهذا أثر على الحرفة كثيراً, الآن في كل دمشق لا يوجد أكثر من أربعة محلات فقط بعد أن كنا 80 محلاً لصنع الأواني النحاسية.‏

وأعتقد أننا عندما نترك المهنة لن يكون هناك أحد, فهي لم تعد تطعم خبزاً.‏

ومبيض واحد‏

ارتبطت مهنة المبيض بمهنة الأواني النحاسية, وكان عدد العاملين بهذه المهنة كبيراً جداً, إذ كانوا يتجولون في الأرياف يسألون عمن لديه طناجر وأوان نحاسية بحاجة إلى تبييض, الآن لا يوجد سوى مبيض واحد في دمشق.. وهو على الآغلب من دون عمل يقوم به.‏

وحسب ما أكده لنا العاملون في سوق النحاسين, إن المهنة اختفت مع تراجع استخدام الناس للنحاس.‏

حداد عربي.. مهنة إلى الانقراض‏

توفيق شربجي حداد عربي, التقيناه في محله الذي يقع بين سوق السروجية وسوق النحاسين كان واقفاً بين أدواته, وباب المحل مغطى من كثرة (المناجل والجواكيش والمجارف) وغيرها من الحاجيات المصنعة من الحديد وبأشكال تقليدية.‏

في حديثه معنا, أشار إلى أن أدواته كانت مطلوبة بكثرة من قبل المزارعين والنجارين وعاملي البيتون, إلا أن مبيعاته اليوم انخفضت إلى 30% ولم تعد هذه الأدوات مطلوبة في ظل الأدوات الزراعية الحديثة وطرق البناء الحالية.. إضافة إلى البضاعة الصينية التي أثرت على الحرفة بشكل كبير, حيث تباع هذه المواد بأسعار رخيصة ويقبل عليها المواطن رغم معرفته بعدم جودتها.. والعاملون في هذه الحرفة انخفض عددهم إلى أقل من النصف.‏

الحرير الطبيعي .. ليس أفضل حالاً‏

إضافة إلى فقدان المهنة وضياع هذا التراث توجد مشكلة ثانية وهي المعاناة التي يتعرض لها الحرفي لإحساسه أنه الوحيد الذي يقف بوجه الصناعات الحديثة وما زال يدافع عما في يديه من تراث حباً وولعاً به من ناحية, ومن ناحية أخرى عدم وجود عمل آخر يقوم به. فهو مصدر رزقه الذي ورثه عن والده وأجداده ,فهؤلاء الحرفيون بحاجة إلى الدعم والتشجيع وتأمين كل السبل التي تعينهم على الاستمرار, فالسيدة يسرى عيد ما زالت تدافع هنا وهناك عن مهنتها صناعة الحرير الطبيعي رغم كل ما يعترضها من صعوبات مادية ومعنوية فهي متشبثة بها وتحاول المشاركة في المعارض لتعرض ما لديها من تحف أبدعتها يدها الماهرة وقد شاركت ب15 معرضاً. كان معظمها على حسابها الخاص, ورغم الصدمات التي كانت تلحق بها عند كل مشاركة لعدم بيع المنتوجات التي لديها. تقول: إنها مصرّة أكثر من قبل على المضي بهذه المهنة التي تحبها كثيراً, وتتمنى من الجهات المعنية أن تقوم برعاية هذه المعارض وأن تكون في الأماكن التي يرتادها السياح وتضيف: هناك العديد من العائلات مازالوا يعملون في تربية دودة القز وذلك في منطقة مصياف والدريكيش وأغلبهم من النساء اللواتي يقمن بأعمال يدوية وتتم تربية دودة القز في البيئات الفقيرة وفي المناطق التي تتواجد فيها أشجار التوت وتحتاج هذه الصنعة إلى تفرغ عامل لهذا العمل وإلى خبرة كبيرة وظروف خاصة جداً وإلى توفر البيوض في وقتها المناسب وتوفير كل الظروف من (نظافة, وتعقيم ودرجات حرارة وتهوية...) فهي مهنة متعبة وتحتاج إلى رعاية ودعم.‏

حرفة الموزاييك‏

أما حرفة تصديف الخشب وتزيينه فهي من المهن الدمشقية العريقة, وتعتبر من أهم الهدايا التي يحصل عليها السائح والضيوف العرب وهي دليل على زيارة السوق الدمشقي الذي اشتهرت به دمشق, وكما قال لنا الحاج أحمد الحجة: في الماضي كان اقتناء قطع الموزاييك نوعاً من المفاخرة وكانت تكرم العروس بأن يقدم لها الصندوق الكبير الذي يزينه الصدف الملون والشمعدان, ويعتبر هذا من الأثاث الفاخر, أما الآن فلم يعد الطلب عليها موجوداً ولم يعد أحد يقوم بصنعها إلا القليل في ريف دمشق.‏

العز للمصانع‏

وليس حال صناعة الزجاج القديمة أفضل مما سبق, فقد سيطرت المصانع الزجاجية وضمن قوالب تقوم بصناعة المئات من الأواني الزجاجية يومياً في حين كان سابقاً /القزاز/ يجلس يوماً كاملاً هو وأولاده ليصنع عدداً ضئيلاً من الكؤوس والأواني, والسيد محمد القزاز يعد واحداً منهم ومازال يجلس 12 ساعة يومياً خلف الفرن لينفخ أجمل الكؤوس التي قلّ الطلب عليها ولكنه يركز على صناعة بعض الأواني الملونة والمدعومة بالرسومات والتي ما زالت تطلب للزينة وللنرجيلة حالياً.‏

بدأت تتراجع‏

أما مهنة الخطاطين فتأخذ دعماً أكثر من تلك المهن, ولكن بدأت تتراجع هذه الأيام أمام وجود التقنيات الحديثة والكمبيوتر الذي يفاجئنا كل يوم بما هو جديد ونحن بدورنا نقول لماذا لا تأخذ هذه المهن جانباً من الرعاية من قبل الوزارات المعنية بالبرامج التراثية والاحتفالات, خاصة ونحن نعيش دمشق عاصمة للثقافة العربية?!‏

معاناة أصحاب الحرف‏

الأستاذ وهبي الصباغ رئيس شعبة المهن التراثية ومن المشاركين في العديد من المعارض الخارجية. قبل أن يتحدث عن مهنته (النحاسيات) أشار إلى ما يعانيه أصحاب هذه الحرف من صعوبات لكي يتمكنوا من إظهار أعمالهم إلى الناس ولكي يسمح لهم بالمشاركة في المعارض الخارجية فهو أحد الأشخاص الذين اضطروا إلى استبدال محالهم بمحال أخرى أقل مساحة وموقعاً واضطر إلى بيع سيارته لتغطية نفقات المشاركة في المعارض الخارجية.‏

وقال: إن غالبية المهن تلاقي إهمالاً كبيراً و مهنة صناعة (التحف الشرقية النحاسية) معرضة للانقراض بسبب ارتفاع المواد الأولية سبعة أضعاف, وبسبب عدم تشجيع المبيع بالأسواق وعدم وجود المكان والمناطق المناسبة للتراث والشرقيات, وأيضاً بسبب عدم توافر الرخص الإدارية الدائمة التي تمكن الحرفيين من الانتساب إلى غرفة السياحة وتشكيل شعبة مهن تراثية تخص المهن الشرقية.‏

البدائل الرخيصة‏

وبعد ظهور التحف والهدايا المستوردة والمقلدة, تراجعت مبيعات التحف الشرقية وتراجعت المهنة بسبب عدم مساعدة الجهات المعنية في إظهارها والحفاظ عليها ونقص عدد الحرفيين العاملين في النحاسيات من 360 مهنياً إلى الثلث تقريباً, ولكن وللأسف حتى هؤلاء الذين استمروا في المهنة في طريقهم إلى الانقراض, لأن أغلبهم في غرفة الانعاش.‏

وقال: إن الناس اليوم يفضلون شراء البضاعة الصينية لتنوعها ورخصها مقارنة مع البضاعة الحرفية الأصلية مع أن الصيني يعتمد على البلاستيك والمعدن والصباغ المقلد, في حين تحافظ الشرقيات على دقة الصنع وجودة المعدن المزخرف والمرصع بالنحاس الأبيض أوالأصفر وأحياناً بماء الذهب.‏

أين نجدهم?‏

ولأن المشكلة كبيرة ليست فقط بالنسبة لهؤلاء الحرفيين الذين التقيناهم بل هي خسارة لنا جميعاً, لتراثنا وحضارتنا التي طالما كانت سبباً في جذب السياح وسبباً في رفد الجانب السياحي بالكثير من الأموال والنظرة التفاخرية, كان علينا أن ننقل أمنيات هؤلاء إلى الجهات المعنية في ضرورة ترميم أماكن هذه الحرف, وإيجاد مكان مناسب ليعملوا فيه.. ولكي يعرفوا أين هم بالنسبة لحضارة هذا الزمان ولكي يعرف السياح أين يجدونهم.‏

إحياء الحرف المنقرضة‏

بهدف إحياء المهن الحرفية ولإعادة إحياء الحرف المنقرضة, تم إجراء دراسة لمشروع القرية الحرفية التي تعتبر استكمالاً لدراسات عديدة تخص الانتاج الحرفي تجمع إرث الأجداد ومبدعي الحرف اليدوية والتراثية.‏

السيد غازي النجار - المركز العربي للدراسات والتطوير قال: ظهرت فكرة هذه القرية وتشييدها في ريف دمشق حرصاً على التراث الذي يتحدث عنه العالم ونعتز به كثيراً ولكن للأسف نحن مهملون له ومقصرون بحقه, لدرجة أن الكثير من هذا الإرث بدأ ينقرض ولم يعد أحد ينوب عن الذين قاموا بنشره...فصناعة السيوف مثلاً أصبحت منقرضة تقريباً ولاسيما المصنوعة ب/معدن الجوهر/ ولم يعد أحد يصنع مثل تلك السيوف, وهذه مأساة بحد ذاتها وأكثر المهن المعرضة للانقراض هي حرفة صناعة /بيوت الشعر/ بسبب وجود الآلات بدلاً من اليد الحرفية, بوجود معمل سيطر على هذه الصنعة وأنتج هذه البيوت سواء من القطن أوغيره...وبأسعار رخيصة وقد كانت سابقاً توجد جمعية خاصة بالشعارين, لصناعة بيت الشعر وحالياً لم تعد موجودة فقد حلّت, أما مهنة المبيض والنحاس فما زالت موجودة ولكن مقتصرة على مجموعة من الناس.‏

إضافة إلى المهن التي تعتمد على الخيول وتقوم بصناعة السروج وزينة الخيل وقد عرف /سوق السروجية/ بدمشق القديمة بوجود الكثير ممن كانوا يعملون بها وحالياً لم يبق منهم إلا القليل والنحاسيات تلحق بها شيئاً فشيئاً وخصوصاً بعد غلاء أسعار النحاس, وليس وضع صناعة الحرير الطبيعي وتربية دودة القز بأفضل مما سبق, فقد بدأت تنقرض هي أيضاً ولم يبق سوى /نول واحد/ يقوم بصناعة الحرير فقط. والكثير من الحرف التي تميزت بها دمشق مثل البروكار والدامسكو فقد كانت تلك المهن محصورة في دمشق فقط وخصوصاً في الشوارع القديمة والتي كانت تسمي شوارعها على اسم الحرفة المنتشرة والمعروفة مثل شارع الحدادين أو شارع النحاسين والذين توزعوا حالياً بكل المناطق ولايعرف مكانهم, هذا من جانب إضافة إلى أن الذي كان يجمعهم شخص يسمى / شيخ الكار/, كنوع من القيادة يقومون باستشارته وتسهيل وسائل عملهم. وقد عرفوا بأسماء المهن كشيخ المهن وشيخ الحدادين عن صناعة الحديد, شيخ الصاغة عن الصاغة... ولهذا فإن تغيير الأسواق وهدمها وإعادة البناء الجديد في تلك الأماكن بعثر تلك المهن وفرقها و ساعد في عدم استمراريتها. إضافة إلى أن السائح الذي يرغب في رؤية صناعة الموزاييك لن يبحث عنها في المناطق البعيدة. طالما لم يجدها في المكان الذي عرفت فيه. وقد اشتهرت المنطقة بوجود سوقين هامين هما سوق العتيق وسوق التبن في المرجة وكان بالإمكان إعادة تشكيلهما بدلاً من إزالتهما فهما من أقدم أسواق دمشق.‏

ويضيف أ.النجار أنه من الضروري الاستعانة بالحرفيين الموجودين لدينا عند القيام بالترميم والتصحيح للآثار ولكل ما يتعلق بالتراث الإنساني والثقافي. لان اليد التي صنعت التاريخ وبنت الكهف قبل 70 ألف سنة ومازالت تبني, قادرة على إعادة إحياء هذا التراث. والتاريخ أكثر من الحرفي أو المستشار الأجنبي والبعيد كل البعد عن هذا التراث. بل على العكس لابد من تهيئة كل السبل والأسس التي تساعده على الاستمرار ليكون قادراً على الإبداع.‏

مسؤولية من?‏

ويؤكد أ. النجار أنه لابد من تكامل الأدوار لكل الجهات. وليست مسؤولية جهة أو وزارة دون الأخرى. لأن الحرف التراثية بحاجة إلى إنعاش. فالسيف الدمشقي الذي عرف قبل 2000 سنة. نفتقده اليوم وهو الذي صنع من تركيبة ذات تقنية كيميائية. تقاوم كل الظروف. أدهشت الغرب. و فنحن بناة لهذا الوطن الذي ظهرت فيه الأبجدية من خلال الخط وأول أبجدية موسيقية من خلال شكل اللحن والآلة التي ظهرت في بلادنا. والكثير من الصناعات.‏

لمحة عن مشروع القرية‏

القرية تشمل جزءاً إنتاجياً وجزءاً للبيع ضمن الورشات. وستضم كافة الحرف التراثية والشرقية من دمشق وريفها وباقي المحافظات حيث يتوفر للحرفيين المناخ والمكان اللازمين للعمل المباشر ومزاولة الحرفة أمام الزوار وبيع منتجهم الحرفي مباشرة. أو عن طريق مراكز البيع التابعة للقرية وتصبح القرية مركزاً إنتاجياً وثقافياً وتعليمياً مهماً يرفد السياحة السورية ويصيح مقصداً لزوار القطر. إضافة إلى أنها تساهم في إتاحة الفرصة للأجيال القادمة في رؤية التراث الذي بنى حضارة العالم. وستضم معهداً للتدريب العملي ضمن الورشات والنظري ضمن قاعات التدريس. ومدرجاً آرامياً لإحباء المهرجانات والحفلات التراثية ويتسع لثلاثة آلاف مشاهد. ومنطقة توسع تخصص للحرف التي تستلزم مساحات وتقع خارج السور وتتصل مع القرية بطرق وتضم (صناعة الفخار والزجاج والحجارين والبيطرية والبوايكية والشماعين وصناعة الطحينة وعصر الزيت وصناعة الحلاوة ومطحنة وصناعة الصابون اليدوي والآجر و....).‏

وستقام القرية الطينية لمبيت السياح والزوار ضمن جو ريفي يضم نحو /200/ منزل ريفي وصمم الخان على الطراز العثماني والبيت الدمشقي وجامع ومطاعم ومقاه تراعي الطبيعة التراثية وتقدم المأكولات الشعبية. واستقبال الضيوف من بيوت الشعر وإعطاء الطابع البدوي وتضم 100 بيت إضافة لمناطق للتنزه والجلوس الحر. وحمام السوق ومنطقة لإعادة تربية حيوانات المنطقة (الأبقار الشامية...)‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية