تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


في العرض الإيطالي شهرزاد والتفكير في بغداد ... الحرب ليست حدثاً إنسانياً والموت ليس فعلاً رومانسياً

شؤون ثقا فية
الأربعاء 8/11/2006
أنور محمد

من اصل خمسين عرضاً يشارك في مهرجان دمشق المسرحي الثالث عشر, يجيء العرض الايطالي (شهرزاد والتفكير في بغداد) الذي وضع دراما تورجياه واخرجه د. قاسم بيتالي,

وقام بأداء الادوار معه كل من الممثلتين الايطاليتين (غاياسكوديري) و( السندرا كرليلزي) وصمم ازياءه لاوروروبينو, والاضاءة ماريوسو ستشي- كواحد من اهم العروض, بل اكثرها غوصا وبحثا في الكشف عن مكنونات النفس الانسانية ونوازعها التأملية.‏

فالممثلة غايا سوديري في دورها الذي ادته , كانت تؤكد على ان لاعطل في الوظائف الحسية لجسدها فكانت تسمعنا صوت ثغثغته صوت هسهسته اذ كانت تلويه , تثنيه, تهزه, فإذا امة من الموسيقا تزيح عنا الكآبة- تزيحها عن كاهل العقل عقلنا فيطرب, العقل يطرب. فغايا سكوديري وهي ترقص كانت تسيطر على كل عضلة, اذ كان الجسد- جسدها ينشر موسيقاه في فضاء المكان, دون ان يثير الغرائز, رغم العري, ورغم الحركات التي يفترض ان تحرك (الليبيدو) ففي الرقص المسرحي الذي رقصته غايا تعطل صوت الآلة الشبقية وهي تؤدي دور شهرزاد كامرأة رقوصة لعوبة تكشف لشهريار عن مساحة من العري في جسدها, فيصير الجسد مثل تلك الورقات الوردات التي نتفت ونثرت فوق جسد السندرا كرليلزي في الفرجة المسرحية التي اقترحها د. قاسم بياتلي فنحزن, يسري الحزن, ثمة حزن, دراما- صراع في الموسيقا: بعضها من كوساكوف من عمله الشهير (شهرزاد) وبعضها من موسيقا جنائزية عراقية, والبعض الآخر من فلكلور بلاد الشام لتكشف لنا عن بغداد , عن عراق اضاعه شهريار.‏

فالموسيقا هذه التي رقصت عليها غايا سكوديري كانت تستعيد, تنسج نسيجاً صوتياً ليس فيه نطق على غاية من الجمال, وهو ينتشر , ينبعث من مسامات جسدها بعد ان أرفقتنا اتعبتنا تلك الخطابات السياسية المجنونة في كثير من المسرحيات التي عرضت في المهرجان.‏

د.قاسم بياتلي يمسك بالمتعة البصرية التي ساهمت الاضاءة في نسج صورها على الشاشة : بحار من دماء حمامات دم. مع موسيقا حزينة ( صوت الناي ) ليقول ان الحرب فعل القتل,الدمار الذي تلحقه بالبلاد والعباد ليست فعلاً ليست حدثا انسانياً والموت ليس فعلا رومانسياً فالاضاءة التي صممها ماريو سوستشي كانت جريئة مثل الموسيقا تبعث تولد صوراً غنية بالتراجيديا الاضاءة كشفت عن مخزونها من الذكريات,وكأنها تتكلم كلاماً اسطورياً يغوص يحفر في مجاهل النفس- قد امارس الكذب وربما د.قاسم بياتلي ضحك علي واستطاع ان يقنعني بأن اقول هذا الرأي النقدي في مسرحيته ( شهرزاد والتفكير في بغداد) لكنه كذب ينطلق من غاية من قاعدة اخلاقية هي ان يفتح المخرج في المشهد المسرحي في المسرحية ثقوبا على الخيال الذي يختبىء فيه الاحلام كي تتنفس , وهذا هو المسرح , كذلك فعل لاوروربينو في اللباس فكان مليئا بالاشارات, فالأثواب التي ارتداها الممثلون باللون الاحمر أوهي ممزوجة باللون الاحمر كان فيها اشارة قوية عن غليان العواطف وعن تغير الامزجة لدى كل من شهريار ( قاسم بياتلي) وشهرزاد ( غايا سكوديري) ازياء بألوان تشير الى حقيقة اثرية ساعدت الممثلين في أداء ادوارهم , وساعدتنا على قراءة فعل مسرحي الكلام فيه كان قليلاً.‏

د.قاسم بياتلي في عرضه ( شهرزاد والتفكير في بغداد)قدم لنا تأملاته- عذاباته المعرفية كمثقف مسرحي في عمل مشغول بمنتهى الشاعرية قام على تطريب العقل وتخصيب عملياته الفكرية فلا نبتئس.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية