تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هجرة الجامعيين...هالبلد بلدنا ... ونريد فرصة العمل ..?!

مجتمع الجامعة
الأربعاء 8/11/2006
فرح قاسو

بما أننا فقدنا وسائل الاحتجاج المعروفة عالمياً وبقي لدينا سلاح الكلام لنعبر بين سطور المفردات عن واقع بات يشير الى دق ناقوس خطر حقيقي

يتمثل في هجرة أو سفر الطلبة بعد التخرج, لتأمين جل مايحتاجون إليه دون أن يفكروا بالعودة الى مكان قدم لهم مايستطيع من علم وخبرة, فغايتهم الاساسية اذاً البحث عن فرص عمل مناسبة.و السؤال هل ذلك يبرر تلك الرغبة بالهجرة ?‏

للجواب والتقيت مع طلاب من فروع مختلفة لاسألهم عن أسباب رغبتهم بالسفر فكان الريبورتاج التالي:‏

أولاد البطة السودا...‏

أدهم سنة ثالثة مكتبات: فكرة السفر بعد انتهاء المرحلة الجامعية اساسية بالنسبة لي, لعدة اسباب وهي عدم توفر مستقبل لخريجي المكتبات او الاعلام في بلدنا رغم أنها من أرقى المهن في الدول المتقدمة, لانها تسمح للانسان الاطلاع على مناحي الفكر الانساني بكافة توجهاته ومتابعتها بشكل دائم, إذاً قيمة هذا الفرع ضائعة واذا توفر المستقبل تبدأ مشكلة الرجل غير المناسب, ولدي مثال على ذلك هو دكتور في قسمنا نال شهادة الدكتوراه في فرنسا وعاد للوطن ليعينونه مدير مركز ثقافي?!‏

أليس هذا دليلا ساطعا أننا لا نقدر المواهب اضافة لسبب آخر اعتبره مهماً جداً هو الحاجة للحرية الفكرية التي تفتح آفاقاً أمام تطور المجتمع وخروجه من حالة التغيب المستمر.‏

بلد (الواو)‏

علاء سنة خامسة هندسة ميكانيك: وضعت فكرة السفر خارجاً نصب عيني منذ أن كنت في السنة الأولى ولكن بعد أن أعمل هنا قليلاً من اجل اكتساب خبرة على اعتبار أنها الشرط المهم في الخارج ودافعي الاساسي للسفر هو موضوع المال او تأمين فرصة عمل مناسبة, لأنني أريد أن أنجز كل ماعليَّ القيام به في فترة قصيرة والعمل هنا يحتاج لأزمنة طويلة, خاصة بالنسبة لهندسة الميكانيك فلم يعد هناك مجال للتوظيف بسبب العدد الكبير للخريجين مشكلتنا تكمن في عدم تكافؤ الفرص بالنسبة للمتخرجين وكثرة المتسلقين على حساب الآخرين بسبب (الواسطات) فأنا لم أفكر بالسفر عبثاً إنما لاقتناعي باستحالة تأمين فرص عمل تليق بالانسان نظراً لواقع الحال المتمترس وراء فيتامين (واو).‏

أمل حياتي...‏

موسى سنة رابعة (شريعة): لم يبق أمامي سوى السفر بعد انتهاء الدراسة ولكن لمدة خمس سنوات من أجل دفع بدل (خدمة العلم) وهي تسبب بالنسبة لي دافع الحصول على المال فنحن أصبحنا في عصر السرعة, وعلى الشاب أن يتم ماعليه بأسرع وقت, واذا فكرت بالبقاء هنا فلا أمل بعمل سوى الوظيفة ذات الراتب الضئيل وحتى هذه الوظيفة لا تتوفر إلا بالمسابقة التي تنهشها الواسطة وبداية التوظيف تكون في منطقة غير منطقة السكن او الاقامة لمدة تتراوح بين السنتين وما فوق ومن يجد واسطة أيضاً يعود الى محافظته الاساسية.‏

البرقع...‏

هلا سنة خامسة هندسة غزل ونسيج: الوضع الاجتماعي بحكم الشابة السورية دائماً وسببه لا تتوفر لديها امكانية للسفر من اجل الدراسة او العمل ولكن اذا توفرت لي ظروف اجتماعية مناسبة ففكرة السفر ليست بعيدة عن ذهني والسبب هو الحصول على عمل يؤمن حياة مريحة, ولكنني اعتقد ان الفتاة السورية ليس لديها مستقبل كما الشاب السوري لافي الداخل ولا في الخارج لذلك تجدها تعمل للحصول على معدلات مرتفعة تؤهلها لوظيفة في الدولة على اعتبار ان الدوام في وظائف الدولة مناسب للشابة, ان كانت متزوجة او غير ذلك وحتى هذه الوظيفة غير متوفرة دوماً إلا (بالواسطة) فنلجأ للعمل في أماكن مناسبة في غير الاختصاص لأنها مقبولة اجتماعياً.‏

الرأي الآخر...‏

وسيم سنة ثالثة (حقوق) يقول: أنا لست مع السفر خاصة بالنسبة لفرعي كوننا ندرس القانون السوري الذي لا يطبق إلا في بلدنا ثم إن الغربة وسوء معاملة المغتربين سبب وجيه لابتعادي عن فكرة السفر. صحيح أن من يتخرج بصعوبة يحصل على عمل ولكن لابد من المحاولة التي تتخللها الواسطة لا شك في ذلك, ولكنها تبقى أرحم من الغربة, ولدي مثال واقعي فأحد اصدقائي سافر من أجل تأمين بدل الجيش وعاد ليقول ياليتني أمضيت 10 سنوات في خدمة العلم ولم اسافر. المعاملة السيئة جداً هي السبب.‏

بلدي حبيبي‏

داود سنة ثالثة كيمياء: أخبرنا أنه مقتنع تماماً بأن لا أحد يسافر من فراغ فهو يحب بلده, لان المعاملة تبقى أفضل من الغير ولكن ان مت جوعاً في بلدي ماذا أفعل, وخاصة أن مجال دراسة الكيمياء في البلد مستقبلها لا يتعدى استاذاً براتب بسيط بينما في الخارج حدوده الدنيا 500 الف دولار بسبب وجود صناعات ثقيلة وتصدير, اما لدينا فلا حاجة لخريجي الكيمياء لان الصناعات ضعيفة ولا تطوير عليها.‏

الشغلة مو شحادة...‏

بشرى طالبة معهد عالي تدرس الغناء الاوبرالي: قالت: إنني أطمح للسفر بعد التخرج بسبب ضعف فرص العمل والرواتب القليلة وحتى انشاء فرقة لا يتم الا بوجود مؤسس مدعوم مالياً ومعنوياً حتى يستطيع متابعة اعمالها ودعم وزارة الثقافة لنا محدود جداً رغم أن الدراسة في المعهد مستواها أفضل من الخارج بكثير ولكننا نبحث عن مستقبل واضح وخاصة أننا نمثل الواجهة الحضارية للبلد, فما يشغل اغلبية الطلبة ماذا سيفعلون بعد التخرج الاغلبية يسافرون والمشكلة انهم لايعودون بسبب الرواتب المتأخرة والقليلة, وكأننا (نشحد) حقوقنا اضافة لعدم توافر وسائل الدعم والحوافز لتشجيعنا معنوياً واغناء روحنا بالدوافع المثمرة.‏

أخيراً...‏

سورية بلد لديه اكتفاء ذاتي وذخيرتها ثروات متنوعة وخامات مختلفة فهي ليست احادية التوجه من حيث توفر عوامل التنمية والازدهار مايعني امكانية النهوض باقتصاد قوي ولكن مايجري خلف الكواليس يبقى هو اللغز?! نحن بحاجة الى مؤسسات تحتوي الخريجين الجدد وترعاها الدولة وتبنيها لأن العطب الاساسي ليس في المنشأة الحكومية إنما بالقائمين عليها والذين مازالوا يعيشون فساداً ويجترونه صباح مساء, ان الجامع بين الطلبة هو رغبتهم الحقيقية بالتساوي وايجاد حل جماعي لمشاكلهم بعيداً عن الحلول الفردية التي تعتمد على (الواسطات) المحرزة فتأمين فرص عمل للطلبة المتخرجين مسألة يجب أن يأخذها صناع القرار بعين الاعتبار وإلا فالأسوأ هو الذي ينتظرنا.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية