|
شؤون سياسية فإنه حاول إعطاء الضوء الأخضر لحلفاء اسرائيل لإطلاق ثقافة التخويف والترهيب من جديد ضد الجماهير العربية الرافضة للذل والهزيمة والاستسلام التي علا شأنها واتسع حجمها على امتداد الساحتين العربية والإسلامية ، ما أعطى الأمل لهذه الأمة من أن فجراً جديداً يطل عليها كي ينفض عنها غبار الهزيمة والتشتت والترهل. لكن من أخطر أهداف العدوان الاسرائيلي على غزة هو قد يكون البداية لمشروع خطط له بدقة كي يخلط الأوراق من جديد في المنطقة مع تولي إدارة الرئيس الأمريكي الجديد أوباما في البيت الأبيض بحيث تجد نفسها هذه الإدارة أمام متغيرات لا خيار لها سوى أن تكون في الصف الإسرائيلي ومن يقف معها لوضع أولوياتها في العودة إلى مشروع القديم الجديد في بناء الشرق الأوسط وفقاً للمقاس الأمريكي الصهيوني كي يتم من خلاله العودة إلى لغة التصعيد والتهديد ضد القوى المقاومة له التي كانت تصنفها إدارة بوش بمحور الشر. ولن نخدع أنفسنا إن جزمنا بأن بداية هذا المخطط قد بدأ في غزة ولن تنتهي إلا بالتعامل مع الملف النووي الايراني الذي تجمع التقارير الصادرة عن الحزبين الأمريكيين الجمهوري والديمقراطي على ضرورة أن تتعامل إدارة أوباما مع هذا الملف على أنه الخطر الوحيد الذي يهدد الأمن القومي الأمريكي. ففي أيلول الماضي صدر تقرير مشترك في الولايات المتحدة عن الحزبين الجمهوري والديمقراطي تحت عنوان ( ملاقاة التحدي للسياسة الأمريكية حيال ملف ايران النووي) يتضمن توصيات للرئيس الأمريكي أوباما بالسياسة الواجب تبنيها حيال ايران وملفها النووي ، ورغم أن التقرير المذكور يقر بأنه ليس هناك صيغ سحرية حيال مواجهة التحدي الايراني إلا أن التقرير يحرض الرئيس أوباما على عدم التساهل مع ايران وامتلاكها السلاح النووي من خلال رؤية تجمع العمل بين أدوات اقتصادية ودبلوماسية وعسكرية وبالتنسيق مع حلفاء أمريكا ولاعبين دوليين يمكن استثمارهم بشيء من الحوافز والاغراءات المالية لتشديد الخناق على ايران. وخطورة هذا التقرير أنه يوصي إدارة أوباما بأن يكون الملف النووي الايراني في طليعة أجندتها وينفرد هذا الأمر على امتداد تسعين صفحة من أصل عدد صفحات التقرير المذكور التي تزيد على ثلاثمئة صفحة وهو يستعرض بشكل واضح الخطط العسكرية الواجب اتخاذها عند الضرورة دون أي تراجع عنها بما في ذلك توجيه ضربة عسكرية مشتركة أمريكية اسرائيلية. ويبرر واضعو هذا التقرير بأن يكون الملف الايراني على رأس أولويات إدارة الرئيس أوباما بأن الخطر الايراني المزعوم لا يقف عند امتلاك طهران للقدرات النووية السلمية أم العسكرية بل لكون هذه القدرات من السهولة نقلها لأطراف ودول ومنظمات يصفها التقرير المذكور بأنها ارهابية تهدد اسرائيل وكذلك التخوف من أن ايران ستبادر إلى إشاعة الفوضى وتنمية الارهاب وتغذيته لتهديد الأنظمة المتحالفة مع واشنطن في المنطقة. كما أن التقرير المذكور يعتبر أن العمليات الدبلوماسية الدولية التي جربت مع ايران بشأن ملفها النووي قد فشلت في جعلها توقف تطوير قدراتها النووية وفي هذا السياق يوصي التقرير الرئيس أوباما وفريق إدارته بأن عمل وكالة الطاقة الذرية الدولية غير كافٍ ولا يمكن الاعتماد عليه. وهذا الأمر في غاية الخطورة وربما العدوان على غزة هو البوابة الساخنة لعودتهم من جديد وعلى جبهة الممانعة أن تأخذ بحسبانها ما هو أسوأ مما تتعرض له غزة البطلة لأن أطراف العدوان بدؤوا بتكشير أنيابهم بأبشع صورها فلا بد من الحيطة والحذر . وكلنا ثقة بقدرة المقاومة أياً كان موقعها على تحقيق النصر . |
|