تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


اتفاق الدوحة هل يأتي بالسلام المنشود؟!

شؤون سياسية
الأثنين 23-2-2009م
توفيق المديني

وقعت الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة بالعاصمة القطرية الدوحة يوم الثلاثاء 17 شباط 2009 على وثيقة إعلان حسن النوايا وبناء الثقة،

تمهد لاتفاقية اطارية لوقف الأعمال العدائية بين الطرفين في اقليم دارفور، وشهد توقيع الاتفاق معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الذي رعى محادثات الطرفين التي انطلقت الثلاثاء 10 شباط 2009 وحدد الاتفاق إطارا زمنيا للوصول إلى اتفاق سلام في غضون ثلاثة أشهر.‏

ووصفت الوثيقة بأنها إعلان حسن نوايا وبناء الثقة لتحديد مسار المرحلة التالية من التفاوض تمهيدا لتوقيع اتفاق إطاري بين الطرفين. وتنص الوثيقة على توفير السبل الآمنة لإيصال المعونات الى محتاجيها في دارفور، وتبادل الأسرى والسجناء وفق جدول زمني يحدده معالي الشيخ حمد بن جاسم والوسيط الدولي جبريل باسولي في زيارة لاحقة للخرطوم.‏

ووقع الاتفاق د. جبريل ابراهيم عن حركة العدل والمساواة بحضور رئيس الحركة د. خليل ابراهيم وامين حسن عمر من جانب الوفد الحكومي بحضور نافع علي نافع مساعد الرئيس السوداني وبحضور الوسيط المشترك للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي جبريل باسولي.‏

ويؤكد الاتفاق «أن السلام خيار استراتيجي والجميع متمسكون بعملية التفاوض وأن الدوحة ستكون مقر المفاوضات المقبلة بين الطرفين» وهو يمهد الطريق لمناقشة الملفات التي تحتاج إلى وقت أكبر، مثل تقاسم السلطة والثروة والترتيبات الأمنية، علما أن هناك أطرافا متورطة في النزاع لم تشارك في حوارات الدوحة، لكن الاتفاق الأخير مفتوح للجميع ويدعو جميع الأطراف للانضمام والانخراط في المحادثات لإحلال السلام في إقليم دارفور.‏

ويطرح المحللون السؤال التالي : هل سيقود هذا الاتفاق إلى تحقيق السلام الشامل في دارفور، ويكون بمنزلة انطلاقة كبرى للسودان يسكت بها المؤامرات الخارجية ضده؟‏

في مقابل ما تم إنجازه في الدوحة، فإن المحكمة الجنائية الدولية لاتزال تصر على إصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني، وكان السودان رفض فيما مضى تسليم متهمين من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في دارفور، وهما أحمد هارون الوزير السوداني المكلف بالشؤون الإنسانية، وعلي كوشيب قائد ميليشيات الجنجويد المتحالفة مع الحكومة.‏

وتحاول وفود من الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي مؤيدة للسودان إقناع الدول الغربية في مجلس الأمن الدولي بتأجيل لائحة اتهام للمحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني عمر البشير لمدة سنة واحدة، مثيرة بذلك المادة 16 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وتنص المادة 16 على أنه لايمكن البدء بعمليات التحقيق أو الملاحقة القضائية بموجب هذا النظام الأساسي لمدة 12 شهرا إذا طلب مجلس الأمن في قرار تم تبنيه بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة من المحكمة الجنائية الدولية كما أن هذا الطلب يجدد من قبل المجلس في ظل الظروف نفسها.‏

في كل الحالات فإن الولايات المتحدة الأميركية الممثلة بسفيرتها في الأمم المتحدة سوزان رايس، ستستخدم حق الفيتو ضد كل محاولة من شأنها تنفيذ المادة 16.. كما أن الدول الأعضاء (أميركا ، بريطانيا، فرنسا) التي تمتلك حق النقض (الفيتو) تعارض تعليق لائحة اتهام بحق الرئيس السوداني عمر البشير لمدة سنة بموجب المادة 16.‏

وكان سكان جنوب السودان قد رحبوا بانتخاب باراك اوباما رئيسا للولايات المتحدة الأميركية، قابله تشاؤم واضح في شمال السودان، وفي صفوف أصحاب السلطة الذين يرون أن تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية مؤامرة أميركية على السودان وموقف استعماري.‏

السودان في المنظور الاستراتيجي الإسرائيلي هو عبارة عن مجموعات عرقية وأقليات تختلف فيما بينها. وانطلاقا من هذا المنظور اتخذت إسرائيل من السودان حقلا لتطبيق استراتيجيتها في إثارة الفتنة والتي يتلخص مضمونها في إقامة علاقات تحالفية مع الجماعات الإثنية والعرقية المحيطة بالدول العربية والموجودة على أطرافها من خلال دعمها بالمال والسلاح والتدريب وتشجيعها على مناهضة السلطة المركزية، وتحقيق الانفصال بهدف تفتيت هذه الدول وتقويضها.‏

ولذلك عملت إسرائيل على دعم حركة التمرد في الجنوب السوداني ومدت زعيمها السابق جون قرنق بالسلاح ودربت كوادره وقادته. واستغلت إسرائيل الحملة الغربية الموجهة ضد السودان، فقامت بتدويل أزمة دارفور من خلال الحملة التي قامت بها اللوبيات الصهيونية وقيادات من المجتمع المدني في الولايات المتحدة بتأسيس تحالف أطلق عليه تحالف إنقاذ دارفور في صيف 2004.‏

كاتب تونسي‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية