تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


النظـــافة ونســاء أيــام زمــان !!..

مجتمع
الأثنين 23-2-2009م
د. مها فائق العطّار

لقد علّمنا ديننا النظافة وجعلها مقدّسة وهي متممةٌ لإيمان المرء المسلم!!..نعم لقد نشأت في بيتٍ دمشقي نظيف بكل مافي هذه الكلمة من معنى!!..

كان أبي رحمه الله طبيباً مؤمناً شريفاً نظيفاً من كل جوانبه!!..وكانت أمي رحمها الله نظيفةً طاهرةً علّمتنا النظافة في البيت والمدرسة..كنّا نغسل أيدينا قبل الطعام وبعده كما علّمنا سيدنا محمد (ص)..كنت أرافق أبي أيام العطل إلى عيادته في حيّ العمارة بدمشق شرقي الجامع الأموي الكبير..وأرى السيدات الدمشقيات المحجبات يغسلن أمام بيوتهن بالماء والصابون منذ الصباح!!..ولم أنس كلام إحدى صديقاتي العراقيات التي كانت متزوجة من دمشقي قائلةً: يامها!! تعرفين بيت الدمشقية ونظافته من بابه!!..‏

كانت دمشق مدينتي الحبيبة تضاهي نظافة المدن العالمية..نعم هكذا كانت دمشق في منتصف القرن العشرين مدينة الياسمين والزنبق وأشجار الليمون والبرتقال..كانت تفوح منها رائحة الزهور في كلّ فصل من الفصول على مدار العام!!..أمّا الآن فالذي يزور دمشق يرى شوارعها الحديثة ويجد القمامة في كل مكان تعبث بها القطط وروائحها التي تفوح منها!!..لقد غاصت مياه دمشق وروائح زهورها كما ماتت نساء دمشق النظيفات اللواتي يفتخرن بنظافتهن!!..‏

إذا زرت دوائر الدولة تجد الأوساخ هنا وهناك وتعاودني الذكرى حين حدّثتني إحدى قريباتي التي شكا لها أحد بائعي الخمور القريب منها قائلاً: تصوري أن موظف البلدية خالفني لأنه وجد أمام حانوتي كيساً فيه قشور الباذنجان فما رأيك؟! فهل وجدتني أطهو مآكل لأبيعها؟! نعم شر البليّة مايضحك!!..‏

تذكرت إقامتي بالصين بين عامي 1989 - 1990 كان زملائي الأجانب ينتقدون الشوارع القذرة الملأى بالقاذورات في كلّ مكان ولكن دون قططٍ..لأن القطط تؤكل كغيرها من الحيوانات!!..ولكني كنت لا أستغرب من ذلك لأن في دمشقي مايشبه ذلك!!..‏

وحين زرت اليابان تلك البلاد التي يسكنها الملايين كنت أشم رائحة النظافة في كلّ مكان هذا الشعب البوذي الذي يشبه المسلمين الأصليين في نظافتهم..وحين نمت مع زميلة يابانية خلال رحلة الجامعة إلى نانكين في الصين وجدت من خلالها أختي وابنتي..ولعل السيدة اليابانية الوحيدة التي تغسل يديها قبل الطعام وبعده وبعد خروجها من دورة المياه كما تعلّمنا في بيتنا حين كنّا صغاراً!!..‏

أما بالنسبة لمدارسنا مع الأسف الشديد فهي مهملة على الغالب!!..ولعلّ مديرية الصحة المدرسية مقصرةٌ أيضا لأن الأطفال معرضون للأمراض أكثر من غيرهم وكذلك إدارة المدرسة التي لاتعتني بتلك الناحية المهمة في تربية الطفل وتوجيهه إذا كانت الأم لاتهتم بأطفالها!!..‏

وختاماً أرجو أن نعتني بمدينتنا الحبيبة دمشق بما فيها من شوارع ومؤسسات وحدائق وحارات وأزقة ينبغي أن نعتني بها لنعيد إليها وجهها المشرق في أيامها الخوالي!!..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية