تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


في اليوم العالمي للغة الأم هكذا يحافظون على لغاتهم

ثقافة
الأثنين 23-2-2009
بقلم : د. ممدوح خسارة عضو مجمع اللغة العربية

كنت نشرت مقالاً منذ سنوات في صحيفة محلية ومجلة عربية تحت عنوان: (هكذا يحافظون على لغاتهم) وكان الدافع إلى ذلك القانون

الذي كانت أقرته الجمعية الوطنية الفرنسية والذي يقضي بغرامة مالية تقدر بنحو ثلاثين ألف ليرة سورية على من يستعمل مصطلحات أجنبية في بحوثه أو محاضراته أو مقابلاته الإعلامية مما له مقابل في اللغة الفرنسية.‏

وكان في القانون الفرنسي ذاك رد على بعض الناس الذين كانوا يقولون لنا عندما نطالب بمثل هذا التشريع: (أتريدون أن تضعوا أقفالاً على أفواه الناس؟ إن هذا شيء عفى عليه الزمن)؟! ولكن عندما صدر ذلك القانون الفرنسي أسقط في أيديهم إذ لم يتهم الفرنسيون جمعيتهم الوطنية بالحجر على ألسنة الناس بل عدوا ذلك مما يحمي لغتهم القومية.‏

واليوم.. وبدءاً من أول كانون الأول 2008 طبق قانون فرنسي أكثر خطراً من القانون الأول.، وهو الاشتراط - على الأجانب الراغبين بالإقامة في فرنسا- اجتياز اختبار باللغة الفرنسية والقيم الفرنسية!!‏

أثار بي إيفاد القانون الفرنسي الجديد ذكريات ومواجد، فقد كنت كتبت في (مجلة العربي) الكويتية منذ ربع قرن مقالاً تحت عنوان (اللغة العربية والوافدون) طالبت فيه بتواضع أن نستثمر وجود العمالة الأجنبية في بلدان الخليج العربي لتعليم اللغة العربية ونشرها في العالم، ولن يكلفنا ذلك سوى أن نشترط في الوافدين معرفة حد أدنى من اللغة العربية يمكنهم من التواصل إلى درجة ما مع المجتمع، وعندها سوف تقوم شركات استقدام العمالة بتدبر الأمر وإقامة دورات للوافدين في بلدهم الأصلي أو بلد العمل، بل واقترحت أن تفتح صفوف مسائية ينتسب إليها من يشاء من العمالة الوافدة لتعلم العربية ، فالغربيون يرسلون المعلمين والكتب إلى افريقيا وآسيا ويبنون فيها المدارس لنشر لغتهم وثقافتهم، أما نحن فقد جاء كثير من الآسيويين والأفارقة إلى بلادنا، أفلا نستثمر هذا الوجود في تعليم لغتنا ونشرها بينهم بدل أن ينشروا هم لغتهم الهجينة بين أطفالنا.‏

سوف نسمع أصواتاً تقول ما بالكم تقحمون اللغة والثقافة في سوق العمل والاقتصاد والخدمات.. وكأن الفرنسيين أصحاب الثقافة العريقة لا يقدرون مثلهم حاجات السوق والاقتصاد والسياحة في بلدهم.‏

مرة أخرى.. هكذا تحافظ الأمم الحية على لغاتها.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية