تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


صــــدفــة

معاً على الطريق
الإثنين 23-2-2009م
خالد الأشهب

100مليار تريليون , أي واحد وإلى يمينه تسعة وعشرون صفرا , هو عدد الكواكب الشبيهة بالأرض تدور في فضائنا الرحب وفق آخر الدراسات التي تضيف .. لابد أن الكثير منها

فيه حياة مثل الحياة التي نعيشها على الأرض !!‏

هي نظرية علمية فحسب على الأقل , قابلة للإثبات أو النفي , وهي نظرية من طراز تلك الآلاف من النظريات العلمية التي قامت عليها , بعد إثباتها , حياتنا وحضاراتنا على الأرض ,‏

وإذا كان بإمكانكم أن تتخيلوا أن ثمة حيوات كثير مثل حياتنا تدور في كواكب أخرى في هذا الفضاء , فكيف يمكن التخيل أن الحياة على الأرض نشأت « صدفة « كما تقول الدراسة ذاتها ؟‏

أي صدفة تلك التي يمكن أن تكون تسببت بكل هذا القدر من التنظيم والتخطيط فيما بعد ؟ إذ ليس صدفة يولد الناس ويموتون , وليس صدفة يتحكم أقوياؤهم بضعفائهم , ليس صدفة يحزن الناس‏

ويتألمون وليس كذلك يفرحون ويسعدون , وليس بالصدفة يثرون أو يفقرون , وإذا كان من صدفة حقيقية تسيطر على حياة الناس وتديرها فليست في عوالم القوة والحضارة حيث كل شيء ينتظم‏

ويصطف , وكل نشاط إنساني يصنف ويبوب ويثمر, فلا تجدن موظفا بسيطا يثرى في سنوات قليلة , ولا طالب معاش من خبز وماء يتحدث في غضون بضع سنوات عن الأرصدة المنقولة‏

وغير المنقولة , ولا تجدن ضعيفا يستشرس بين ليلة وضحاها فيغدو نمرا , ولا من يستعين بأفضالك اليوم ويغدر بك أشد الغدر غدا .‏

لا صدف في عوالم الحضارة والتفوق البشري تدمر ما أنتجه الإنسان من نظريات التطور ومن شروط نمو الحياة الطبيعي , لا صدف تشطب جهد من يعمل وينتج فتبقيه حيث هو , ولا صدف ترتقي‏

بكسل الكسول أو خبث الخبيث وبهما , فتنقلهما إلى حيث لا يستحقان وإن حدث فباستثناء محدود وغير معمم .‏

وحدها حياتنا نحن في عوالم التخلف والاسترخاء الكسول تحكمها الصدفة وتديرها ذهنيات ضربة الحظ والتصويب بعين مغلقة وقلب وقح , وحدها حياتنا في هذه العوالم تقوم على الشطارة وألعاب‏

الكشتبان والشيش بيش , حيث العلم مجرد فيزا , والبناء ليس أكثر من مقاولة والحداثة مشروع تجاري مع تزوير الفواتير والبوليصات , وهكذا دواليك ..‏

كنت أود لو أعرف شيئا عن الحيوات في الكواكب الأخرى التي تتحدث عنها الدراسة , لكنني بالصدفة استهلكت المساحة كلها للتفكر بحياتنا , فيما استهلكتني هي بدورها .. وبالصدفة ذاتها‏

أيضا !!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية