|
عن واشنطن بوست تقول مؤخرا بأن «حملة المقاطعة قد أخذت تثير الهواجس لاسيما بعد انضمام جمعية الدراسات الأميركية إليها حيث أخذ الجميع بالتحرك بشكل موحد وتصاعدي وإن لم تبذل إسرائيل مساعيها لمعالجة هذا الأمر فستجد نفسها منعزلة عن العالم». إن ما ذهبت إليه ليفني يعطي مؤشراً إلى أن الاستمرار في انتقاد الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية يجب أن يؤخذ بمزيد من الجدية خاصة وأنه قد تزامن مع قول وزير المالية يائير لابيد بأن «العالم قد نفد صبره حيال ما نقوم به وعلينا أن نتوقع بأن عدم إحراز تقدم مع الفلسطينيين سيقود بنا إلى فقدان دعم العالم وشرعية وجودنا» علينا أن نعلم بأن ما نشهده من دعوات للمقاطعة ليست سوى تحذير لإسرائيل ودعوة للكف عن عنادها وتزمتها بشأن علاقاتها مع الفلسطينيين وأن لا يتسم ردها بالغلظة على جمعية الدراسات الأميركية في الولايات المتحدة اعتماداً منها على وجود مجموعات متعددة ترفض النقاش حول واقع الاحتلال الإسرائيلي، علما بأن مجموعة هليل الجامعية اليهودية أبلغت أعضاءها في عام 2010 بأنها لن تسمح لفروعها بدعوة المتحدثين الذين يؤيدون المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل. وبعد أن قرر نادي هليل في كلية سوارثمور السماح بنقاش مفتوح بشأن مسائل مختلفة بما في ذلك دعوة منتقدي إسرائيل إلى الجامعة رفض الرئيس الوطني لهليل إريك فينغرهت «السماح لمعادي الصهيونية بالتحدث تحت سقف هليل أو في أي ظرف من الظروف» ومع ذلك خطط طلاب سوارثمور للقيام بتحدي تلك المبادئ ولم يتردد العديد منهم في التحدث ومناقشة واقع الاحتلال. أخذت المقاطعة سبيلها نحو التطور في عام 2005 عندما وجهت 171 منظمة من المجتمع المدني دعوة للمجتمع الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وإلى مقاطعة المؤسسات الإسرائيلية التي تتعاون مع الاحتلال بمن فيها الجامعة العبرية التي عمدت إلى تشييد أجزاء من الحرم الجامعي على الأراضي المحتلة بشكل غير قانوني، وطالبت بتوفير الحرية الأكاديمية للفلسطينيين سواء في الأراضي المحتلة أو ضمن حدود أراضي عام 1948 لكن مما يجدر ذكره بأن الأكاديميين الإسرائيليين لا يعيرون اهتماماً لإقامة تلك الحرية حيث نجد أنه في عام 2008 تم إرسال استطلاعا بهذا الشأن إلى 9000 أكاديمي إسرائيلي لكنه لم يحظ إلا بموافقة 407 منهم فقط، مما حدا بأكاديميين غربيين إلى عرض الزمالة على أكاديميين فلسطينيين. نتيجة الفعل المبالغ به على قرار جمعية الدراسات الأميركية تبين أن لتلك الجمعية تأثيرها الواسع في الغرب حيث ذكر الكاتب بيتر بينارت في الخريف الماضي بأن الحركة تعتمد على التفاعل مع الفلسطينيين الذين يعيشون تحت السيطرة الإسرائيلية وأن الكثير من القادة الأميركيين اليهود لا يتفهمون أهمية مثل هذا التفاعل لأنه نادرا ما يكون لهم علاقات مماثلة وإن تلك التفاعلات نادراً ما يتم الحديث عنها في وسائل الإعلام كالجولات التي يقوم بها نشطاء من المجتمع الفلسطيني في الولايات المتحدة ونشطاء في حركة التضامن الدولية والمجموعات الدينية في الضفة الغربية وغزة والحوارات والتجمعات الدولية مثل المنتدى الاجتماعي الدولي والمناقشات بين الموسيقيين الفلسطينيين والغربيين بشأن ما يواجهه الفلسطينيون من صعوبات في حياتهم اليومية. علينا أن نعلم بأن أكاديميي الولايات المتحدة ليسوا الآن في موقع الصدارة في هذا المجال، ويبدو أن الأمور قد أخذت سبيلها للتطور في أوروبا أكثر منها في أميركا حيث تسعى الكليات لمقاطعة أكاديمية مع إسرائيل في الوقت الذي يدعو به الاتحاد الأوروبي إلى وضع علامة على منتجات المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية بهدف مقاطعتها الأمر الذي زاد من صعوبة اللقاءات الأكاديمية بالنسبة لإسرائيل وقد أدرك أكاديميو الولايات المتحدة ما يجب عليهم فعله بعد أن شهدوا ما تحقق للمؤسسات الإسرائيلية من فوائد ومزايا نتيجة الاحتلال الذي يتلقى المساعدات المالية والعسكرية والدبلوماسية الأميركية. هذا وإن تركت الولايات المتحدة للإسرائيليين حرية التصرف بحياة الفلسطينيين ومقدراتهم فإن ثمة مسؤوليات تترتب على الباحثين الأميركيين من حيث قيامهم بالدعوة لمساءلة مرتكبي الحماقات بحق الفلسطينيين. ذلك ما حدا بجمعية الدراسات الأميركية للقيام بالمقاطعة ولن أخفي سراً أني قلت بأني سررت باتخاذ مثل هذا الإجراء. |
|