تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


رون سوسكيند : كشف التلفيق وجلاء الحقيقة

شؤون سياسية
الأثنين 24 تشرين الثاني 2008 م
حكمت فاكه

وصفت صحيفة- نيويورك تايمز- الأميركية الرئيس بوش بأنه أقل الرؤساء الأميركيين شعبية في التاريخ الحديث, والأقل حنكة ودراية بالسياسة الأميركية الداخلية و الخارجية.

وكان بوش الذي لم يشارك في مؤتمر الحزب الجمهوري الذي عقد في الآونة الأخيرة, قد أعرب عن تأييده للمرشح الجمهوري- جون ماكين- وكان هذا المؤتمر فرصة لتلقي بعض المشاعر الإيجابية والكلمات الطيبة التي نادراً مايسمعها بوش هذه الأيام.‏

ويبدو أنه كان مسروراً جداً لأنه نجا من تركيز وسائل الإعلام بعد انشغالها بالحملة الانتخابية, حيث استطاع تجاوز العاصفة التي أثيرت حوله أخيراً بسبب كتاب آخر عن الإدارة الأميركية يتهمها بتلفيق الأدلة وتزويرها لتبرير الحرب على العراق, ففي كتابه الجديد تحت عنوان ( طريقة العالم ) يوجه الصحافي الفائز بجائزة بوليتزو المشهورة- رون سوسكيند- تهمتين لإدارة الرئيس بوش, الأولى أنها تلقت معلومات مؤكدة من الاستخبارات البريطانية- التي بدورها تلقت معلوماتها من رئيس الاستخبارات العراقية طاهر حبوش- أن صدام حسين لايملك أي أسلحة للدمار الشامل.‏

لكن إدارة بوش, ولاسيما تشيني وزملاؤه من- المحافظين الجدد- تجاهلوا تلك المعلومات لأنهم كانوا مصممين على شن الحرب.‏

وفي هذا الشأن, يقول سوسكيند: إنه بعد غزو العراق والتأكد من صحة المعلومات التي نقلها -طاهر حبوش- للاستخبارات البريطانية, رتب الأميركيون اتفاقاً سرياً معه يقضي باختفائه في إحدى دول جوار العراق مقابل حصوله على خمسة ملايين دولار.‏

أما الاتهام الثاني المتعلق بالقضية, فهو إقدام إدارة بوش بعد ما تبين لها خلو العراق من أسلحة الدمار الشامل, وبضغط من ضرورة البحث عن دليل ما لتبرير قرار الحرب, وجّهت أوامرها لوكالة الاستخبارات المركزية السي- آي- إيه بفبركة رسالة منسوبة إلى رئيس الاستخبارات العراقية - طاهر حبوش- تعود إلى تاريخ 2001, والرسالة المزورة موجهة إلى صدام حسين يشير فيها- حبوش- إلى زيارة محمد عطا (العقل المدبر لهجمات الحادي عشر من أيلول) إل العراق, إضافة إلى ذكر الجهود التي بذلها لضرب الأهداف التي اتفقنا على تدميرها , وهكذا تم استغلال الرسالة الملفقة كدليل للربط بين صدام حسين وهجمات الحادي عشر من أيلول, وهي الصلة التي ادعى كل من بوش ونائبه -تشيني- أنها كافية لتسويغ الحرب على العراق.‏

وأكثر من ذلك, أشارت الرسالة التي لفقتها الاستخبارات الأميركية إل تسلم العراق عبر ليبيا شحنة من النيجر في إحالة واضحة إلى اليورانيوم الذي زعم بوش في خطاب حالة الاتحاد: لعام 2003: أن صدام حسين كان ينوي استخدامه لتطوير السلاح النووي.‏

وقد تسربت الرسالة إلى الصحافي- كون كافلين- بجريدة التلغراف البريطانية, المعروفة بتأييدها الشديد للحرب عل العراق, حيث نشرها في الصفحة الأولى من 14 من كانون الأول لعام 2003 تحت عنوان: الإرهابي المسؤول عن هجمات الحادي عشر من أيلول دربه صدام حسين , وسرعان ماتلقف الرسالة صحافي آخر مؤيد للحرب هو - وليام سفاير- بصحيفة نيويورك تايمز لتنتقل بعد ذلك إلى جميع وسائل الإعلام.‏

لكن الأمر لن يتأخر طويلاً لكشف التلفيق وجلاء الحقيقة حول الرسالة الملفقة, حيث نشرت مجلة- نيوز ويك- الأميركية تحقيقاً خلص إلى أن (الرسالة ملفقة وتتناقض مع السجلات الأمنية في الولايات المتحدة التي تشير إلى أن -محمد عطا- كان مقيماً في بعض الفنادق والشقق الرخيصة جداً بأميركا(, في الفترة نفسها التي تدعي فيها الرسالة أنه زار بغداد, هذا ولم يُعرف مصدر الرسالة ولامن قام بتلفيقها إلا بعد صدور كتاب- سوسكيند- في آب الماضي الذي أرجع تلفيق العملية برمتها إلى البيت الأبيض والتنفيذ إلى (سي أي إيه).‏

وفي مقال نشرته صحيفة- واشنطن بوست- الأميركية لكل من دانا بريست- و روبن رايت تقول: إن مسؤولين عراقيين أمضيا جزءاً من الاسبوع في مقر وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية, حيث عمل الرجلان مع الوكالة طيلة العقد الأخير للتحريض على انقلاب عسكري ضد صدام, لكن دون جدوى( وهو الوقت الذي كانا فيه متواجدين في مقر وكالة الاستخبارات المركزية, حيث من المرجح أن يكون قد تلقى الرسالة المفبركة من الوكالة ثم قام بتسليمها إلى صحيفة- تلغراف- البريطانية لتنشر في الرابع عشر من كانون الأول لعام 2003.‏

هذه الاستنتاجات جميعها تؤكد ماذهب إليه- سوسكيند- في كتابه من أن مصدر الرسالة المفبركة هو الاستخبارات الأميركية, لكن -فيلي جيرالدي- كتب في مجلة أميركان كونسيرفتيف المحافظ الأميركي قائلاً: إن مصدراًمطلعاًوموثوقاً به في الاستخبارات الأميركية أخبرني أن ماكشف عنه- سوسكيند- في كتابه صحيح في مجمله . فقد أكد المصدر أن من كان وراء الرسالة الملفقة هو نائب الرئيس -ديك تشيني-, وأنه بسبب عدم ثقة -تشيني- بوكالة الاستخبارات المركزية السي, آي, إيه, ذهب إلى مكتب دوغلاس فيث المسؤول عن الخطط الخاصة في البنتاغون (وزارة الدفاع) وطلب منه تنفيذ المهمة, لأنه خلافاً للوكالة لم يكن مفروضاً على البنتاغون أي قيود بتضليل المعلومات وخداع الرأي العام.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية