تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


العودة حق..وليست موضوع تفاوض

شؤون سياسية
الأثنين 24 تشرين الثاني 2008 م
حسن حسن

لم تحظ مشكلة من المشكلات المترتبة على زرع الكيان الصهيوني الغاصب رغم كثرتها- بما حظيت به مشكلة اللاجئين من جدل ونقاش سواء في أروقة المؤتمرات العربية أو الدولية

وبين الموقف الفلسطيني الرافض لعملية التوطين والمستند إلى الشرعية الدولية والذي أفشل العديد من مشاريع التوطين المطروحة والموقف الاسرائيلي القائم على التعنت ورفض ما جاءت به القرارات الدولية في هذا الشأن وتجاهل النداءات التي وجهت إليها من أجل تطبيق ما جاء في القرار 194 والخاص بحق العودة والتعويض يبقى وضع اللاجئين الفلسطينيين رهن الأحداث والأمزجة التي تحكم المناخ السياسي العالمي ومصالح الأطراف التي لا تقيم وزنا للحق أو العدل أو القيم الانسانية‏

وتبقى أحلامهم مؤجلة إلى وقت لا يبدو قصيرا مع ذلك لابد من التأكيد على أن مثل هذه المشروعات التي تهدف إلى توطين الفلسطينيين هي مشروعات مشبوهة ودعوات باطلة مهما كانت الأسباب التي قد تبدو في ظاهرها انسانية لمن لا يحسن النظر في هذه القضية فهذه المشروعات بل فكرة التوطين أصلا ليست سوى تجريد الفلسطينيين من عدالة قضيتهم واسقاط الحق التاريخي لهم في فلسطين والتسليم بالأمر الواقع وهي لا تعدو أن تكون القشة التي ستقصم ظهر القضية الفلسطينية وقد تنهيها من الوجود.‏

من هنا, من أهمية هذه القضية التي باتت تثار باستمرار وتطلق حولها التصريحات النارية في أكثر من عاصمة تأتي أهمية انعقاد مؤتمر الملتقى الدولي لحق العودة في دمشق.‏

فمشروع توطين اللاجئين الفلسطينيين في الدول التي يقيمون فيها لا يمكن وصف محاولة تسويقه إلا بكلمة واحدة هي: المؤامرة.‏

إنه يعني بالضرورة إلغاء الهوية الفلسطينية لشعب كامل شرد من أرضه وطرد من وطنه و استيراد جماعات من كل أرجاء العالم ومنحها حق المواطنة على أرض لم تولد فيها لا هي ولا أباؤها وأجدادها!‏

كيف يختل ميزان العدالة الدولية إلى هذه الدرجة بحيث تنزع حقوق تاريخية ضاربة جذورها في أعماق الأرض والتاريخ لشعب كامل وتمنح تلك الحقوق لأناس غرباء عن هذه المنطقة وليس عن فلسطين فحسب?!‏

ألا يعتبر )قانون( العودة الصهيوني الذي يمنح أي يهودي في العالم الهوية الاسرائيلية التي تخوله امتلاك أرض فلسطين أو جزء منها لمجرد أن يضع قدمه في مطار بن غوريون- مثلاً- في حين يحرم شعب عاش آلاف السنين فوق هذه الأرض من حقه في العيش في وطنه بل وتجعله غريبا مغتصبا لأرضه ووطنه بعد أن يتم تحويل صك الملكية لشذَّاذ الآفاق والقادمين من أربع جهات الأرض?‏

وكيف يحل قانون حق العودة الصهيوني بكل ما يحمله من عنصرية وخروج على الشرائع الانسانية والقوانين الدولية محل حق العودة الذي أجمعت عليه دول العالم وأصدرته بقرار عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ويحمل رقم 194?!‏

أصبحت اسرائيل بديلا لفلسطين لكن الشعب الفلسطيني ظل عقدة الاسرائيليين فما دام هناك شعب موجود فإن الأساطير تسقط والأكاذيب تنتهي لذا نجد أن حكومات تل أبيب دأبت على محاربة الشعب الفلسطيني إما بالتصفية الجسدية عبر المجازر والاغتيالات أو عبر اصدار القوانين الجائرة التي تحرم الفلسطينيين من حق الحياة- وليس حق العودة فحسب- أو من خلال سياسة مسح الذاكرة الفلسطينية عبر محاولات تدجين الأجيال الفلسطينية الصاعدة وجعلها تنسى التاريخ والجغرافيا وتتعلم فقط أن هناك اسرائيل وتنسى نهائيا أن هناك دولة اسمها فلسطين وشعبا اسمه الشعب الفلسطيني.‏

منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى اليوم هناك مؤامرة وخديعة كبرى معدة بإتقان ساهمت فيها دول وحكومات في أوروبا والولايات المتحدة وحتى في المنطقة لكن منذ اغتصاب فلسطين وحتى اليوم لم يسقط حق العودة ظل موجوداً وظل العالم يعترف به وإن على استحياء وخجل المهم أن يبقى هذا الحق كي لا يسقط الشعب والأرض والدولة أي كي تبقى القضية الفلسطينية.‏

إن التوطين -أيا كانت الجهة التي تطرحه أو تدافع عنه أو تسوقه- إنما هي محاولة لتمرير جريمة اغتصاب فلسطين التي شاركت فيها دول عظمى ولإنهاء الشعور بالذنب الذي نعتقد أنه يعتري أولئك الذين ساهموا في هذه الجريمة ولا يزالون يساهمون في نتائجها وتبعاتها الماثلة اليوم والمتمثلة في استمرار فصول الجريمة الصهيونية على أرض فلسطين من خلال الجرائم والمجازر اليومية التي ترتكب بحق من بقي من شعب فلسطين لإجباره على الهجرة ومن ثم ايجاد أوطان جديدة لتوطينهم فيها وبالتالي إنهاء قضية كبرى اسمها قضية فلسطين واعادة رسم خريطة المنطقة بحيث ينسى الفلسطينيون اسم فلسطين من هذه الخريطة ويتحولون إلى جنسيات جديدة هي جنسيات الدول التي تستضيفهم .‏

لكن التوطين- المؤامرة ومحاولات التهجير الجارية لن تستطيع تغيير الواقع ما دام شعب فلسطين متمسكا بهويته ووطنه وما دام مصراً على استعادة حقوقه كاملة مهما كانت الظروف وكبرت التحديات.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية