تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أدب النصيحة... التسقطي

آراء
الأثنين 24 تشرين الثاني 2008 م
نصيحة بقلم: أكرم شريم

في كل كلمة يقولها هذا الانسان التسقطي, رجلاً كان أم امرأة, والذي يعيش ليراقب بدقة وهو يبحث عن نقاط ضعف عند الآخر, إنما يصنع لنا الأذى ويوزعه علينا, وإن ما يراها نقاط ضعف قد تكون في الأغلب, مجرد هفوات أو دعابات أو سهوات,

ولكنه يقوم بتحضيرها أفضل تحضير, وكأنه الشيف رمزي, فيرش ويبهّر ويقطع ويضيف, ولا يكتفي بذلك بل يهتم بطريقة التقديم من حيث الشكل: الترتيب والألوان والكميات وكل شيء في مكانه المناسب, مع إضفاء ابتسامة التأكيد وكأنما هذا التسقط فن من الفنون!. فهل هو فن أم طبع, أم مرض, أم ارتكاس, أم مركب نقص أم تربية أم ضعف?!. إنه مهما كانت أسبابه ومهما كان نوعه فهو في النهاية خلل في المزاج الشخصي ينعكس أذى على الآخرين.. وللإنصاف, فإن هذه الحالة نادراً ما يصاب بها إنسان, الأمر الذي يجعل من الظلم أن نتهم أو نتصور أن فلاناً أو غيره هو كذلك, لأن الحياة كلها تساؤلات وتبادل معلومات عن الناس والأشياء والظروف والأشخاص. لذا فإن هذا التسقطي الذي نتحدث عنه هو نادر الوجود حتماً, مثل ندرة وجود الحوت في المياه الضحلة, فهو دائماً, إذا وجد يكون مفاجأة, أو كائناً عجيباً يحتاج أن يوضع في محمية خاصة كي نتفرج عليه ونتعلم منه, من باب الحكمة, كيف أن الأذى يمكن أن يُصنع دون أن يحدث, ويوزع علينا دون ذنب اقترفناه!.‏

وبالمناسبة, فإن التسقطي النادر الوجود جداً فإذا وجد, فهو إنسان نشيط في ذلك, دؤوب ومثابر ومجتهد في حرفته, سبحان الله!.. وكأنه قد خضع لدورة تدريبية خاصة ودقيقة مثل رجال الفضاء أو المظليين. وبما أنه ليس كذلك أبداً, بل قد يكون مظلوماً من المظلومين في هذه الحياة, نتيجة طفولة أو ظروف. من هنا كانت النصيحة إذا واجهك تسقطي فقد منحك الله فرصة أن تمدح الجميع, وما أجملها من فرصة!. فكلما ذكر هذا التسقطي أحداً بسوء عليك أن تخالفه وتمدح ذلك الإنسان ما أمكنك حتى لو أضفت من عندك, فأنت في ذلك تدافع عن المظلوم وفي الوقت نفسه تعالج هذا التسقطي لكي يرى الإنسان نفسه, بصفاته الأخرى, الحقيقية أو الممكن وجودها, أو التي نريد نحن جميعاً أن تكون موجودة!.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية