تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


النيات أولاً..!

الافتتاحية
الأثنين 24 تشرين الثاني 2008 م
بقلم رئيس التحرير: أسعد عبود

جغرافياً, يجاور العراق سورية وتركيا وإيران والكويت والاردن والعربية السعودية, لكن هذا الجوار امتد واتسع ليتجاوز الجغرافيا والتاريخ أيضاً.. وفكرة لجنة تعاون وتنسيق أمني لدول الجوار الأبعد, طموحة وجيدة.. لأن العراق في ظل الاحتلال أصبح مبعث قلق تجاوز التاريخ والجغرافيا إذ الاحتلال كان تجاوزاً فاضحاً لهما.

الجوار الجغرافي والولايات المتحدة »الاحتلال« ومصر والبحرين وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والأمم المتحدة والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي والدول الصناعية الكبرى.. عندما يجتمع كل هؤلاء وتصح النيات وتصح العزائم يمكنهم أن يفعلوا الشيء الكثير..‏

ما عانت منه اجتماعات هذه اللجنة - على أهميتها البالغة- ليس انخفاض مستوى التمثيل من هذه الدولة أو تلك, ولا حتى غياب مؤسف لهذه الدولة أو تلك?!.‏

مهما كان مستوى التمثيل يستطيع أي مكلف رسمياً من بلده أن يحسن التمثيل.. القائم بأعمال الولايات المتحدة في سفارتها بدمشق مثلاً.. أو السفير البريطاني.. أو غيرهما... عندما يوافق على,.. أو يرفض أعمال ومقترحات يتم تداولها داخل اللجنة, يفعل ذلك باسم بلاده.. و الدول الحاضرة بغياب دولة أو أكثر تستطيع أن تكون فاعلة بشكل كامل.. إن - كما قلت- صحت النيات والعزائم.‏

مبدئياً نحن نرى أن الاجتماع بحد ذاته مهم.. وطبيعي أن أهميته تتقدم وتتراجع حسب مقرراته.. لكن.. مجرد انعقاده يؤشر إلى رؤية لدى الدول المجتمعة بأن ثمة ما يجب أن يعالج في الواقع العراقي الراهن في ظل الاحتلال.‏

هناك مؤثرات عديدة تؤثر في دعم عمل هذه اللجنة أو وضعها في إطار المراوحة أو أكثر..‏

طبعاً يدخل تدني مستوى التمثيل أوالغياب عن أعمال اللجنة في إطار العوامل الداعمة للمراوحة.‏

أحد أهم العوامل التي قد توثر في عمل اللجنة هو الموقف الأميركي.. أو بالأحرى السياسة الأميركية.. والمشكلة ليست مستوى تمثيل.. ولا هي العلاقات السورية - الأميركية.. أبداً.. المشكلة في منطق التوجه السياسي الأميركي إلى المنطقة وإلى العالم والمنظمات الدولية والإقليمية وغيرها.. منطق الهيمنة الذي سيطر ويسيطر على السياسة الأميركية طيلة فترة إدارة الرئيس بوش, جعل الولايات المتحدة تستهين بجهود الدول الأخرى وإمكاناتها وفاعليتها في الأحداث من منطلق »الكل ينفذ ونحن نرسم ونقول ما نريد«.‏

لا نقول إن العلاقات السورية الأميركية في أحسن حالاتها .. بل نزعم أنها علاقات قائمة, لم تنقطع أبداً, ولم تفقد الجدّية قط, رغم الخلافات الكثيرة.. وقد رغبت سورية دائماً بتطوير هذه العلاقات إلى أحسن المستويات, ليس من موقع الضعف بل من موقف الباحث عن أمن واستقرار المنطقة والعالم.. إدارة الرئيس بوش هي التي وتّرت هذه العلاقات إلى درجة العدوان عسكرياً دون أي سبب..‏

هذه اللجنة وهذا الواقع يشكلان طرحاً عملياً للمستقبل, أعني تحديداً يشكلان مشروع عمل للإدارة الأميركية القادمة.. فإن أرادت أن تطلق عمل اللجنة بشكل موضوعي وتقدم جهودها المتوازنة الندية فيها, تستطيع هذه اللجنة أن تتحول إلى مصدر فعل ينطلق من أمن العراق إلى أمن المنطقة والاستقرار فيها وفي العالم.‏

هذا ضروري جداً ويجب ألا تتحرج أي دولة أو سياسة في المنطقة وفي العالم من مد اليد والحضور الفعال لتحقيق هذه الغاية النبيلة وسيستمر دائماً السعي السوري لتحقيقها.‏

لن يكون من السهل على أطراف أخرى أن تستمر في محاولات الخداع, تظهر على شكل تردد وادعاءات أو اتفاقيات بعيدة كل البعد عن هاجس الأمن واستقرار المنطقة, الذي يفترض أن الجميع يسعى إليه .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية