|
مجتمع عن أي سنديان عميق الجذور سيروي الحكايات أي تحدّ للقهر والإرهاب صنعه السوريون بصمودهم وهزموه.. وأي وعي جمعي أدركه الآباء والأمهات وهم يستقبلون أبناءهم الشهداء والجرحى مثنى وثلاث ورباع.. لعلها حالة عشق متفردة أبدع السوريون صياغتها ،أنفاسهم وإحساسهم ومعرفتهم، من أن مفردة الوطن هي التي تتقدم على كل العناوين.. لا شيء يغطي وجهه العالي ولا شيء يعلو على اسمه الكريم النبيل..
من أجله ولأجله كان الاختبار وكسب الرهان وتحقيق الانتصار فالوطن يعني الوجود.. والوجود أن تحافظ على هويتك أيها السوري.. هويتك الإنسانية والمدنية والأخلاقية التي جعلتك تعتز ماضياً وحاضراً وإلى مالانهاية.. أنك تنتمي إلى هذه الأرض، أنك سوري وأنت سورية.. فهل تعلمون بأن سورية هي أحد أسرار هذا الكون.. وأحد حروف هذا السر معين هذا الصمود أنّ هناك مئات الآلاف من الآباء والأمهات يتفاخرون في كل لحظة باستشهاد أبنائهم ويضمدون جراح أولادهم العميقة. فهناك من خسر أكثر من عضو في جسده «يدان.. ساقان، عينان» ومع ذلك ورغم كل هذا الألم، نجد هؤلاء يبتسمون يضحكون متفائلون بالقدرة على استمرار الحياة والسلوك الطبيعي بحلوها ومرّها وكأن شيئاً لم يفتقد.. فعل الإرادة هي الإرادة إذاً، العقيدة، العزيمة، التي جعلتنا نستمد من عوائل الشهداء والجرحى، وذويهم وأهليهم وأصدقائهم وهم يغادرون الميدان إلى ميادين أخرى، معنى الصبر، معنى الكرامة، معنى أن تكون سورياً أيها المواطن الذي افتقدت البوصلة لبعض الوقت، وقد تاه البعض الآخر في غياهب الجهل والإغراء المادي الحقير الدنيء الذي ألغى الإحساس والشعور عند البعض من ضعاف النفوس والأخلاق والانتماء فجعله يقتل ويذبح ويحرق ويمثل بالجثث والعياذ بالله.. في قامات السنديان سيخلد التاريخ بحروف من نور لأجيال وأجيال آلاف مؤلفة من الأسماء السورية لرجال وشباب ونساء وأطفال وأبطال، كانوا مثلاً وقدوة.. بل أضافوا صفات وصفات أخرى لمعنى الشجاعة والشرف والبطولة والإخلاص، وهم يدافعون عن الأم السورية وشرف عرضها وحرمة أرضها. أضافوا كلمات وحكماً جادت بها قريحة هؤلاء تكاد تكون عبراً ودروساً تصلح لتدرس في أرقى مدارس الحياة الفكرية الواقعية لأنّ ما جرى ويجري في سورية من حرب وعدوان وويلات من كل حدب وصوب من أرجاء المعمورة، وكيف تحدى الشعب وقاوم الجيش والأمن وصبر الأهل بفعل الوعي والحب والإيمان، يكاد يختضر عذابات البشرية منذ بدء البشرية ولغاية اليوم. أوكسجين الوطن فقامات السنديان تتنفس كل يوم أوكسجين الوطن الصافي، تتحدث عن أسرار الصمود الأسطوري لضباط وصف ضباط وجنود من أبناء قواتنا المسلحة ومؤسستنا الأمنية ودفاعنا الوطني. فكانوا مصنعاً للبطولة والأبطال، يشار لهم بالبنان، وترمقهم العيون بكل فخر واعتزاز.. أصبحوا عنواناً ورمزاً ومأثرة تحفظها لهم الأرض السورية الطاهرة التي ارتوت بدماء هؤلاء الأخيار، بعد أن عانق التراب دموع الأمهات والزوجات والبنات اللواتي زغردن وحمدن الله العلي القدير الغفور الرحيم أنهن أنجبن أبطالاً أدوا رسالة التضحية والفداء بأقصى درجات الإجلال والهيبة والإكبار.. فكانت الشهادة.. والولادة.. والحياة. |
|