|
صفحة أولى إلى الآن واشنطن فاشلة كثيراً في تعاملها مع هذه المسألة وحتى اللحظة الراهنة. لقد ارتكبت الولايات المتحدة أخطاء عدة في تعاملها مع هذه المسألة المعقدة المركبة ما زاد في تعقيدها وصعوبة الوصول إلى حل سياسي لها. من بين تلك الأخطاء وفي مقدمتها... أن الولايات المتحدة اعتمدت في تقييمها للأحداث في سورية على مصادر غير موثوقة بل كاذبة، حتى المصادر المباشرة «السفير روبرت فورد» لم يكن ماهراً في تقديم المعطيات الدقيقة لبلاده حول تطورات الحدث السوري، هو أيضاً تأثر بالإعلام واستقى من مصادر صاحبة غرض، وغير صادقة، وقد تبدل موقف السفير الأميركي في تقييمه للحدث متجهاً إلى المغالاة والسلوك المثير للتساؤلات، فبعد تأكيدات أميركية بلسان السيدة كلينتون عن اختلاف وقائع الحدث السوري عن غيره في البلدان العربية الأخرى، وما أظهرته الدبلوماسية الأميركية في حينه من تريّث تجاه هذه الأحداث، رأينا فجأة تصعيداً لافتاً، خارجاً عن المألوف والأعراف الدبلوماسية تمثل بزيارة السفير الأميركي غير المتوازنة لمدينة حماة للمشاركة في تصعيد المظاهرات. من جهة ثانية ورغم أن الولايات المتحدة ما انفكت تعلن أنها ليست أبداً بصدد عمل عسكري في سورية، وكذا فعل الناتو، استمرت تدرك ما لا يمكن أن يكون خافياً عليها، وهو أن المعارضات السورية المسلحة المقيمة في الخارج غالباً، تراهن كلياً على مثل هذا التدخل، وعوضاً عن قمع مثل هذه التهيؤات في ذهن هذه المعارضة تركتها يتجدد الأمل فيه بين يوم وآخر وحدث وآخر وصولاً إلى حكاية السلاح الكيميائي، وعودة الحياة بقوة آمال المعارضات المسلحة في التدخل العسكري الأميركي!! وإلى اليوم وبعد الجولة الأولى من جنيف 2 ما زالت مثل هذه الأحلام تراود أذهان مثل هذه المعارضات. لتكتشف الولايات المتحدة أن الرهان على هذه المعارضات، وعلى داعميها أيضاً، ليس فاشلاً في العمل العسكري وحسب... بل في السياسي أيضاً. الفشل السياسي الكبير الذي واجهته معارضة الائتلاف ومن وراءها – وهذه أهم – في جنيف 2 تطلّب التقييم الجديد الذي ربما يكون في إطاره كان الاعتراف بالفشل الذي نقل عن كيري، ورغم أن الولايات المتحدة تعاملت مع نتائج جنيف 2 بشيء من الاستفزاز، إذ أعلنت عن قرار بالعودة لتسليح المعارضة، لا نرى أن ذلك يعني تغير موقف الولايات المتحدة من ناحية العمل العسكري المباشر في سورية، هو ما رجعت الولايات المتحدة لتأكيده وتأكيد استمرار استراتجية التوجه للحل السياسي في سورية. الذي نراه أن الولايات المتحدة قد تكون الآن بصدد إيقاف دوران عجلة جنيف شبه المتوقفة أصلاً، بغرض إعداد أفضل لجولات قادمة، وهو ما يترك دوران العجلة بقيادة روسية. |
|