|
منطقة حرة و لهذا السبب بالذات غالبا ما يتناهى إلى أسماعنا المقولة الشهيرة ( كم في السجون من مظاليم ) ... وبيت القصيد من هذه السطور السريعة القول : ان شريحة من الموظفين في مؤسسات القطاع العام كانت خلال سنوات الحكومات السابقة قد صرفت من الخدمة دون وجه حق وقبل حتى توفر أدلة أو وثائق وثبوتيات تؤكد إدانتها ولو بنسبة ضعيفة , دققوا في هذا الكلام , لا نقول كل الذين صرفوا من الخدمة , وإنما شريحة بعينها وجدت نفسها بين ليلة وضحاها خارج المؤسسات التي تعمل بها , والأثمان المسددة من جانب هؤلاء تتمثل حدودها الدنيا في الجانب المادي , بينما يطغى الجانب المعنوي والأخلاقي على الأول بمسافة يصعب تحديدها أو ردمها . بعض الذين صرفوا من الخدمة تحت ما يسمى أسباب تمس النزاهة وسوء الائتمان والتعدي على المال العام نشرت أسماؤهم بعد يوم أو أيام وأسابيع من صرفهم من الخدمة على الصفحات الأولى من الصحف الرسمية ,.. أمثال هؤلاء تمس كرامتهم ويشكك بأخلاقهم ويتم التشهير بسمعتهم ويتعرضون للأذى النفسي في محيطهم الأسري والاجتماعي ,فقط لأن أحد مرؤوسيهم في العمل لم يكن يرغب باستمرار تواجدهم إلى جانبه أو بالقرب منه في هذه المؤسسة أو تلك , وغالبا أو في معظم الحالات تكون القضية من ألفها إلى يائها كيدية ناجمة عن أسباب شخصية أو لأن هذا الموظف المتهم بالفساد كان قد أظهر في لحظة بعينها استعدادا من خلال الهمس واللمز في إمكان الكشف عن واقعة اختلاس أو تزوير تعود إلى موظفين لهم مكانتهم وسطوتهم في المؤسسة التي يعملون فيها , بهذا المعنى يتحول أمثال هؤلاء إلى مجرد ضحايا أو (أكباش فداء) لرموز الفساد أنفسهم الذين يستمرون في أعمالهم , بل قد يتسلمون مناصب جديدة ترقى إلى مستوى المديرين لمؤسسات وشركات عملاقة , مع أن هذه العينة التي نتحدث عنها من موظفي الصفين الأول والثاني, غالبا ما تدور حولها شبهات الفساد والاختلاسات , والبعض منها سبق أن أدين في أكثر من واقعة من خلال أدلة ووثائق ذهبت إلى هيئة الرقابة والتفتيش وضمن آليات رسمية ومن خلال البريد الصادر والوارد المعمول به في المؤسسات العامة , لكن لأسباب مجهولة ومعلومة في آن , بقيت هذه القضايا معلقة أو بعيدة عن أروقة القضاء , وأما الوثائق والأدلة المتعلقة بها , فهي ومن باب أخذ الحذر والحيطة قد تبقى حبيسة الأدراج أو أنها قد تتلف كليا في حال كان رموزها من أصحاب العيار الثقيل لجهة النفوذ والمحسوبيات , وهذا الأمر أكثر من ممكن ما دام أن سياسة شراء الذمم تدار بمهارة وحنكة بعد انقضاء سنوات على انغماس البعض حتى أذنيه في وحل الفساد.في هذه الزاوية السريعة , لسنا بصدد إلقاء محاضرة وبلغة الوعظ الأخلاقي حول الفساد ومخاطره على الدولة والمجتمع, وإنما نحاول فقط تذكير الحكومة وبعد أن سبق لها تشكيل لجنة لمكافحة الفساد , أنه يتعين عليها السعي لإعادة الاعتبار لفئة أو شريحة من الموظفين الصغار التي صرفت من عملها فقط من خلال إصدار قرارات إدارية كان خلفها هذا المسؤول أو ذاك وقبل توفر أدلة أو كل ما يؤكد إدانتهم , وإعادة الاعتبار التي نعنيها تتمثل في التعجيل في بت القضايا المنظورة في القضاء منذ سنوات , والسعي إلى إنصافهم من خلال قضاء عادل ونزيه , بهدف نفض الغبار الملوث عن سمعتهم وضمان استعادة حقوقهم المعنوية قبل المادية. |
|