تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


عذراً

ملحق ثقافي
2011/12/27
محمد فائز المالح :عذراً فغداً سيكون الحدَّ الفاصلَ

بين القلب وبيني‏

وسأجمع أمتعتي سراً‏

وأغادر وطني‏

وطن الضاد‏

ويا خجلي من أهل الضاد‏

ولغة الضاد‏

ومن كل حروف اللغة الأولى‏

تلك الحروف السبيَّة‏

وكيف يحلُّ انتهاك العبارة‏

كيف فنون الدعارة‏

كيف الهموم الغبية.‏

سأجمع أمتعتي‏

ثم أترك شؤم البطاقة خلفي‏

وأضربُ بالشوق عرض الجدار‏

وأرحل دون هويهْ‏

وأضحكُ‏

شرَّ البلية ما أضحك الناس‏

شر البليهْ.‏

سأجمع أمتعتي‏

ثم أقطع كل الصحارى‏

وكل المسافات‏

سيراً على قدميَّ‏

لأني أحب التراب‏

ولون التراب‏

ورائحة الأرض‏

حين تغني السماء‏

نشيدَ المطرْ‏

لحوناً شجيهْ‏

فيبتلّ وجه التراب‏

وشعر البُنيَّهْ‏

ويصحو بها الياسمين‏

عبيرُ دمشق‏

ويصحو الحنين‏

وأرحلُ يا وطني مرغماً‏

وألقي عليك الدموع الأبيهْ‏

وألقي عليك العتاب‏

وشجو التحيهْ.‏

سأجمع أمتعتي‏

ثم أجمع تاريخ كل الحدائقِ‏

كل القطوف‏

وأرحلُ عن وطني شاكياً‏

ويسألني الياسمين لماذا‏

وأصغي ويصغي إليَّ‏

ويعرفني ياسمين دمشق‏

ويعرف كيف يحدِّث عني‏

وكيف يعانق جيد الصبيهْ.‏

سأجمع أمتعتي‏

وأغادر كل الشؤون‏

وكل الشجون‏

وكل الأمور العصيهْ‏

ويرتاح تاريخ ذاكرتيْ‏

وتاريخ شعريْ ونثريْ معاً‏

من عويل القضيهْ.‏

سأجمع أمتعتي‏

ثم أحمل كرهاً‏

على كتفيّ‏

رصيفي معيْ‏

وأحمل سبورتي‏

فوق همي‏

وكل حروف الهجاء‏

وكل حروف النداء‏

لأكتبُ ما شئتُ‏

حين أشاءُ‏

سأكتب لي‏

ثم أقرأ لي‏

وما همَّ أني أصفق وحدي‏

وأنكرُ بعض العبارات وحدي‏

وقد أهمَلَ الآخرون الحروف‏

وشجو الحروف‏

وكيف تصول العبارة‏

وتأبى اعتقال التمرد فيها‏

وتأبى حضارهْ.‏

ما بالنا تبدلت طبائع الرجال والنساء عندنا‏

ما بالنا تبدلت طبائع العرب‏

وضج في تاريخنا العجب‏

أم أننا الألعوبة الشقيهْ!‏

الكل متَّهمْ‏

إلى متى تعتادنا إحالة التُّهمْ‏

والمفردات المرَّة الشجيهْ؟‏

سأجمع أمتعتي‏

ثم أجمع تاريخ كل الصبايا‏

وأشياء كل الصبايا لديّ‏

وأهجر كل العناوين عنديْ‏

ويبقى الحنين‏

ورغم الحنين‏

سأبقى بعيداً غريباً‏

وتبقى قريباً‏

وأرحل عنكَ‏

وتبقى الشجون النديةُ‏

فوق التراب‏

كذلك تبقى الشجون الندية‏

تحت التراب‏

إذا ما رحلتُ غداً‏

حيث وعدُ المنيَّهْ‏

غداً.. حيث وعدُ المنيهْ.‏

سأجمع أمتعتي‏

ثم أبكي‏

وتبكي وأبكي لديكْ‏

ولكن تمهلْ‏

سأرحلُ عنك إليكْ‏

وأنت تغار عليّ‏

وكنت أغار عليكْ‏

وما زلت يا وطني‏

كل يوم‏

أغار عليك‏

وما زلتُ يا وطني‏

كل يوم‏

أغار عليك.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية