تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قالوا عن ديمقراطيتهم؟

ملحق ثقافي
2011/12/27
حاتم حميد محسن /لندن عن الأوبزرفر:ذكرت صحيفة الأبزورفر البريطانية أن البريطانيين يقومون بتدريب الحرس الوطني السعودي «قوات النخبة التي اُستخدمت أثناء الاحتجاجات الأخيرة في البحرين» على مهام فرض النظام

العام وعلى استخدام بنادق القنص. هذا الإعلان أثار جماعات حقوق الإنسان التي أشارت إلى اعتراف الخارجية البريطانية بأن سجل حقوق الإنسان في السعودية يشكل «قلقاً كبيراً».‏

وفي ردها على الأسئلة الواردة ضمن قانون حرية المعلومات، أكّدت وزارة الدفاع على أن بريطانيا تدير بانتظام دورات للحرس الوطني السعودي في مجالات «الأسلحة ومهارات التخفّي والتدريب على المهارات العسكرية العامة بالإضافة إلى التعامل مع الأحداث وإزالة القنابل وعمليات البحث والنظام العام والتدريب على القنص». الدورات تُنظّم من خلال البعثة العسكرية البريطانية إلى الحرس الوطني في العربية السعودية، وهي وحدة يكتنفها الغموض تتألف من 11 عسكري بريطاني تحت إمرة عميد.‏

جواب وزارة الدفاع الذي حصلت عليه الأبزورفر كشف أن بريطانيا ترسل ما يقارب 20 فريق تدريب إلى المملكة سنوياً؛ حيث تقوم العربية السعودية بدفع نفقات جميع أعضاء البعثة بالإضافة إلى تكاليف الإسكان والنقل.‏

العائلة الملكية البحرينية استخدمت 1200 رجل من القوات السعودية لقمع المظاهرات في شهر آذار الماضي، في وقت أعلنت فيه الحكومة البريطانية عن «القلق العميق» من تقارير حقوق الإنسان عن انتهاكات ارتكبتها تلك القوات.‏

هذا وذكر نيكولاي جلبي Nicholas Gilby من الحملة المضادة لتجارة السلاح «أن الدور المهم لبريطانيا منذ عدة سنوات في تدريب الحرس الوطني السعودي على مهام الأمن الداخلي، مكّن هذا الحرس من تطوير تكتيكات للمساعدة في قمع الانتفاضة الشعبية في البحرين».‏

ويعتقد المحللون أن العائلة السعودية الحاكمة بأمس الحاجة لتدعيم موقفها في المنطقة عبر إدامة الأنظمة القائمة في الخليج والذي من شأنه أن يكبح القوة المتصاعدة لإيران.‏

ومن جانب آخر ذكر السيد أوليفر سبراك Oliver Sprague مدير برنامج التسلح البريطاني في منظمة العفو الدولية «أننا في السنة الماضية تصاعدت مخاوفنا من أن العربية السعودية كانت تستعمل التجهيزات والأسلحة البريطانية في هجمات سرية في اليمن راح ضحيتها العديد من المدنيين اليمنيين». أما وزير الدفاع Nick Harvey فقد أكّد أمام البرلمان أن القوات المسلحة البريطانية قدمت التدريب للحرس الوطني السعودي. «من الممكن أن يكون بعض أفراد الحرس الوطني السعودي المشارك بعمليات في البحرين قد تلقّوا تدريبات من البعثة العسكرية البريطانية».‏

إن التأكيد على كون التدريب ركز على الحفاظ على النظام العام في المملكة هو أمر محرج للحكومة. وإذا كانت قمة الدول الثماني في فرنسا أقرّت تمويلاً للدول الساعية نحو الديمقراطية في ضوء الانتفاضات العربية، فإن ذلك يقود إلى الاستنتاج بأن السياسة الخارجية للحكومة هي في تناقض مع ذاتها.‏

النائب جوناثان إدوارد طرح عدة أسئلة برلمانية أمام وزارة الدفاع حول علاقتها بالعربية السعودية، قال إنه وجد من الصعب إدراك لماذا تقدم بريطانيا التدريب لقوات «الأنظمة القمعية وغير الديمقراطية». «هذا هو الوجه القبيح لديمقراطيتنا أمام العديد من شعوب العالم، عندما ندعم أنظمة من هذا النوع». «إنه نفاق شديد الوضوح لقيادتنا في المملكة المتحدة – العمال أو المحافظين – في التحدث عن دعم الحريات في الشرق الأوسط وأماكن أخرى بينما هي في نفس الوقت تدرّب أجهزة القمع الديكتاتورية».‏

إن إجابة وزارة الدفاع وردت في عام 2006، ولكن عندما وُجّه لها السؤال هذا الأسبوع أكّدت أن بريطانيا كانت ومنذ عام 1964 تقدم التدريب للحرس الوطني السعودي كي تحسّن من قدرات «امن السعودية الداخلي ومكافحة الإرهاب» وهي مستمرة في عمل كهذا.‏

إن أفراد هذا الحرس الذي أسسته العائلة الملكية السعودية بسبب خوفها من عدم ولاء جيشها النظامي في حالة حدوث انتفاضة شعبية، حصلوا أيضاً على أماكن للتدريب في الأسطول الملكي البحري في مدينتي Sandhurst و Dartmouth. هذا وأكدت وزارة الدفاع أن بريطانيا مستمرة في تدريب الحرس على برامج القنص في المناطق المأهولة بالسكان. وفي السنة الماضية وافقت بريطانيا على 163 إجازة تصدير لتجهيزات عسكرية للعربية السعودية بقيمة 110 مليون باوند. الصادرات تضمنت ناقلات جنود مدرعة وبنادق قنص وذخيرة ومعدات أخرى. وفي عام 2009 جهزت بريطانيا السعودية بقاذفات غرينادا المحمولة على الكتف وغازات مسيلة للدموع وأدوات للسيطرة على الشغب.‏

وأضاف سبارجو أن هناك حاجة شديدة لإحداث تغيير جوهري في نظام الترخيص المتعلق بتزويد أسلحة وخبرات عسكرية للحكومات الأجنبية: «نحن نحتاج إلى فحص دقيق ومفصّل لسجلات حقوق الإنسان لأولئك الراغبين بشراء تجهيزات أو تدريبات». متحدث باسم وزارة الدفاع وصف دول الخليج بما فيها السعودية «كشريك أساسي» في الصراع ضد الإرهاب. «إننا عبر تقديم التدريب لدول وبنفس المستوى العالي المستعمل في قوات الجيش البريطاني سنتمكن من حماية الأرواح وزيادة الوعي بحقوق الإنسان».‏

أما عضو حزب العمال البريطاني مايك جابس الرئيس السابق للجنة الشؤون الخارجية، قال إن مساعدة بريطانيا العسكرية للسعودية كانت لإنجاز «توازن صعب». «فمن جهة تواجه السعودية تهديد القاعدة ولكن من جهة أخرى نرى سجلها الرهيب في حقوق الإنسان. هذه هي المعضلة الدائمة أمامك عندما تتعامل مع أنظمة أوتوقراطية: هل تتجاهلها أم تسعى لتحسينها؟».‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية