تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


دوامة الانتخابات الاسرائيلية

الغارديان
ترجمة
الأثنين 12-1-2009م
ترجمة: خديجة القصاب

ليست تلك هي المرة الأولى التي تجتاح فيها القوات الاسرائيلية غزة،

فعودتها اليوم إلى قطاع غزة تأتي كرد على اندحار استراتيجياتها السابقة هناك وفشلها في البقاء فوق أراضيه، وبينما تتوغل دباباتها وآلياتها المحملة بالجنود‏

والمدججة بالسلاح من جديد داخل القطاع في محاولة منها لتفتيته يؤكد الناطق‏

الرسمي باسم تلك القوات أن هدف عملية الاجتياح العسكري الاسرائيلي الحالي‏

لـ«غزة» يتلخص بممارسة ضغوط على حماس ليس إلا لدفع الحركة الاسلامية‏

للموافقة على هدنة جديدة بين الطرفين ولكن بشروط اسرائيلية حسب تعبيره‏

وبالتالي تتابع تلك المصادر الحيلولة دون اطلاق حماس للصواريخ باتجاه‏

المستوطنات الاسرائيلية.‏

فالهجوم الاسرائيلي الراهن لن يعاقب حركة حماس فقط وإنما كذلك اهالي غزة‏

الذين- طبقا لمنطق تل أبيب- بإمكانهم الضغط على حماس لتعمد إلى تغيير‏

مواقفها تلك ويردد عدد من المسؤولين الاسرائيليين أن القوات الاسرائيلية‏

ستستمر في حربها المعلنة على القطاع الفلسطيني حتى ترضخ حركه حماس التي‏

تسيطر حاليا على الاوضاع والمعارك الدائرة في غزة لمطالب تل ابيب وتتمثل‏

تلك المطالب بتجريد حماس من اسلحتها واطلاق سراح الجندي الاسرائيلي جلعاد‏

شاليط الذي أسرته الحركة الاسلامية عام 2006.‏

ويدعم عدد من المؤيدين الاسرائيليين لسياسة أولمرت العدوان على غزة رغم‏

تشكيكهم بنجاح الاستراتيجية الاسرائيلية إثر فشلها قبل ثلاث سنوات من الآن أي‏

عام 2005 ويعلق «يوسي الفر» المستشار السابق لمفاوضات السلام في‏

حكومة رئيس الوزراء السابق ايهود باراك على اجتياح غزة الحالي قائلا: «‏

مايثير قلقي المبدأ الذي تستند اليه هذه العملية العسكرية ويدور حول مقولة‏

لنضربهم بشدة حتى الموت لنحصل على موافقتهم بوقف اطلاق النار حسب‏

اتفاقية هدنة جديدة تلتزم بشروط نمليها نحن كاسرائيليين على الفلسطينيين أما‏

حماس التي تبني أمجادها على الشهادة وتضحية مقاتليها بأرواحهم فقد اتبعت‏

أساليب عدة لإحباط استراتيجيتنا تتلخص برفض تعليق اطلاق صواريخها على‏

المستوطنات الاسرائيلية بشروط نقبلها نحن رغم الآلام التي يعانيها الفلسطينيون‏

جراء ذلك.‏

وتتمحور شروط حماس لوقف اطلاق النار حول فتح المعابر وازالة الحواجز التي‏

طوقت بها القوات الاسرائيلية غزة قبل ثلاث سنوات وأدت إلى تدمير اقتصاد‏

القطاع ودفع سكانه البالغ عددهم1.5 مليون نسمة للتضور جوعا وعطشا ومعاناة‏

الفقر والفاقة نتيجة الحصار الاسرائيلي الخانق حوله على امتداد الأشهر الماضية‏

هذا في الوقت الذي يعلن فيه الرئيس السابق لأجهزة الاستخبارات الاسرائيلية‏

الموساد ويدعى ابراهام هلفي ربما تكون من مصلحة الاسرائيليين التفاوض مع‏

حماس في حال تمخضت تلك المبادرة عن لجم وكبح النفوذ السياسي للحركة‏

الاسلامية.‏

ويتفق يوسي ألفر مع هذا الأخير بالرأي حول ضرورة طرق تل أبيب أبواب‏

الحوار مع حماس لكن هل ترغب الحركة التحدث مع الاسرائيليين الذين يسعون‏

لإبادة الفلسطينيين أسوة بحزب الله اللبناني الذي يرفض أي حوار مع الاسرائيليين‏

لأنهم لايعترفون بوجودهم فالرغبة الاسرائيلية هي أن تنضوي المفاوضات التي‏

تدعي تل أبيب أنها تسعى إليها تحت شعار التحرك الاستراتيجي باتجاه كل من‏

حماس وحزب الله وهو خيار لم تأخذة حماس ولاحزب الله بعين الاعتبار،‏

فالانتخابات الاسرائيلية القادمة في العاشر من شباط 2009 تلوح في الافق وتدفع‏

قيادات تل ابيب للتخبط وتوجيه ضربات بالاتجاهات كافة فالهزيمة التي ألحقها‏

حزب الله بالقوات الاسرائيلية ماثلة أمام أعين الكبار والصغار في اسرائيل ما‏

يرجح عودة بنيامين نتنياهو زعيم حزب الليكود إلى سدة الحكم كرئيس وزراء تل‏

ابيب وقد صرح هذا الاخير قبل ايام أنه يرفض التحدث مع حماس الآن وفي‏

المستقبل وطالب بتوسيع رقعة العمليات الاسرائيلية المستمرة حاليا في غزة بهدف‏

تصفية هذه الحركة الفلسطينية ويعتبر نتنياهو هذه العملية استراتيجيته الوحيدة التي‏

يستطيع استخدامها لابقاء حزبه الليكود في مقدمة الاحزاب الاسرائيلية تماما كما‏

يفعل مناوئوه «تسيبي ليفني» زعيمة حزب كاديما ووزيرة خارجية تل أبيب‏

الحالية وايهود باراك زعيم حزب العمل ووزير الحرب الاسرائيلي الراهن وقاد‏

كل منهما حملة محمومة لكسب تأييد الشارع الاسرائيلي لاجتياح غزة.‏

ومن المرجح أن يجني باراك باعتباره وزير حرب مسؤولاً عن غزو القطاع اليوم‏

ارباحا سياسية مؤكدة وتتوقع استطلاعات الرأي التي جرت مؤخرا في اسرائيل‏

حصول حزب العمل على 16 مقعدا بينما حصل كل من ليفني ونتنياهو على 28‏

مقعدا، حتى الآن، يبدو أن حزب الليكود بزعامة نتنياهو يتمتع بتأييد واسع سيمكنه‏

من تشكيل ائتلاف حكومي توجهاته منحازه باتجاه اليمين الاسرائيلي المتطرف‏

وفي حال ارتفعت اسهم حزب العمل خلال الانتخابات القادمة فستصبح الفرصة‏

مهيأة ليشكل كل من ايهود باراك وليفني إدارة جديدة تعتمد على توحيد صفوف‏

حزبيهما وتعمد نتائج هذا التحالف وذاك الائتلاف على آلية سير المعارك في غزة.‏

وقد انقسم مؤخرا الشارع الاسرائيلي بين مؤيد ومعارض للهجوم البري على‏

القطاع إثر معارضة 42٪ من الاسرائيليين للغزو ومطالبة 40٪ من المستفتين‏

لضرورة اقتصار العمل العسكري على الغارات الجوية فقط.‏

وتكشف هذه الارقام مخاوف ارتفاع عدد القتلى في صفوف الجنود اليهود وفشل‏

القوات الاسرائيلية في التصدي لمقاومة حماس وصواريخها التي تصيب‏

المستوطنات الاسرائيلية المحيطة بالقطاع ما سيؤدي إلى تقليص الدعم الخارجي‏

الذي يتمتع به باراك.‏

ويقف الآن نتنياهو بانتظار تلك الفرصة للعودة إلى الحكم وبالتالي دفع اليمين‏

واليسار الاسرائيلي لتبني مقترحاته الخاصة بتفكيك حماس وإطالة أمد الاحتلال‏

الاسرائيلي لـ«غزة».‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية