تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


وقف الحرب... مسؤولية من؟

الغارديان
ترجمة
الأثنين 12-1-2009م
ترجمة:ريما الرفاعي

يقع على بريطانيا جزء من المسؤولية في الأحداث الدامية الحالية في الشرق الأوسط منذ انسحابها السريع من المنطقة عام 1948، ولذا يتوجب عليها اليوم المساعدة في إنشاء فلسطين جديدة وقوية.

ومنذ فترة قريبة قمت بجولة في الشرق الأوسط، التقيت خلالها دعاة إسلاميين مشهورين يقودون الملايين في خطوة لنبذ العنف والتطرف، وفي بريطانيا كان قادة المسلمين على وشك الإقدام على إعلان رفضهم التفجيرات الاستشهادية سواء في إسرائيل أم في بريطانيا أم أي مكان من العالم.‏

لكن الآن بعد أن اقترفت إسرائيل مجازر فظيعة في غزة لايمكن أن تجد في أي بلد عربي من يدين مثل هذه العمليات ضد إسرائيل، وبفضل الغارات الجوية العنيفة والحصار الاقتصادي ضد غزة، باتت حماس أقوى مما كانت عليه قبل الحملة الجوية، وخطب الجمعة في المساجد الإسلامية تشجب إسرائيل وتدعو إلى مساعدة الشعب الفلسطيني المنكوب، ما يؤدي إلى زيادة شعبية حركة حماس بين الناس.‏

الحقيقة إن إسرائيل بفعلتها الأليمة تساعد في إنشاء جيل من الاستشهاديين الجدد، فالايديولوجيا لدعم وتبرير مثل هذه العمليات تتعزز الآن، وتصرفات إسرائيل الأخيرة تقدم الشرارة التي ستشعل هذا الغاز السام، نيران الاستشهاديين لن تخمد اليوم بالرغم من التعزيزات الأمنية المكثفة ووجود الجدار العازل، ومع العزيمة والإصرار سيجد الضحايا دائماً طريقاً للانتقام.‏

سكنت بالقرب من مخيم اللاجئين الفلسطينيين في دمشق وجلست في منازلهم ورأيت الرغبة لديهم في العودة إلى وطنهم الأم الذي أخرجوا منه بالقوة بعد أن انسحبت بريطانيا من فلسطين في 1948.‏

أنا لست صديقاً لحماس أو أي حركات إسلامية أخرى، وقد أيدت في الماضي حق إسرائيل في الوجود جنباً إلى جنب مع دولة فلسطينية قوية، لكن تصرفات إسرائيل الإجرامية هذه وقتلها لمئات الأبرياء والأطفال جعلني كما الكثيرين نعيد التفكير بهذا الموضوع.‏

وبعد دقائق من نشر مؤسسة كويليام التي أعمل بها هذا التعليق تلقينا شكاوى كثيرة من مسؤولين بارزين في الولايات المتحدة وآخرين ممن يدعمون إسرائيل بشكل أعمى، وقالوا إن حماس حركة غير مسؤولة وغير متزنة وهي تعرض شعبها باستمرار للخطر، لكن عمليات قتل الأبرياء التي تقوم بها إسرائيل ومحاولاتها إعطاء تبريرات مزيفة لايمكن أن يراها هؤلاء المسؤولون، كيف يمكن للأطفال الناجين من المحرقة أن يكونوا قتلة وحشيين ويقوموا بعملياتهم الإجرامية خلال يوم السبت بالتحديد؟‏

ولدى العرب نظرية قوية حول الشرف والكرامة والعزة وذاكرة قوية عندما يناسبهم الحدث، ففي السنوات الستين الماضية كانوا يبكون ضد الاحتلال الإسرائيلي لأراضيهم والوحشية التي تمارس ضدهم، إضافة إلى عجز حكوماتهم العربية ونفاق وكذب الغرب وخاصة الولايات المتحدة الذين يقدمون لإسرائيل شيكات مالية ضخمة.‏

وينظر للهجمات العنيفة ضد قطاع غزة على أنها اعتداء على الشعب العربي بأكمله من اليمن إلى المغرب وإحساس الشعوب العربية بالغضب والعجز كان واضحاً وهم يتساءلون إلى متى يبقى العرب على هذه الحالة؟.‏

وفي مدارس الدول العربية يدرس الطلبة التاريخ الذي يتحدث عن وعد بلفور عام 1917، واتفاقية سايكس بيكو عام 1916، هنا في بريطانيا نرغب بنسيان ماضينا الاستعماري ولكن عند سؤالك أي عربي فإنه يتذكر هذه التواريخ جيداً ويؤكد تورط بريطانيا في إقامة إسرائيل. كدولة لدينا واجب أخلاقي لتصحيح أخطائنا التاريخية، وبما أننا ساعدنا في إقامة إسرائيل، علينا اليوم المساعدة في إقامة دولة فلسطينية، لذا يتوجب على السياسيين في بريطانيا الضغط على الولايات المتحدة لإجبار إسرائيل على وقف اعتداءاتها على الفلسطينيين.‏

وزير الخارجية ديفيد ميليباند استقبل بحفاوة في دمشق مؤخرا،ً إضافة إلى أن المسلمين الذين يمثلون بريطانيا فخورون ببريطانيا التي تمثل العدالة والسلام، ووزارة الخارجية البريطانية تستطيع القيام بدور فعال في هذا الإطار، فضلاً عن ضرورة أن يكثف ناشطو حقوق الإنسان والمجتمع المدني ضغطهم على السياسات الخارجية ويعملوا على تحقيق سياساتهم. أخيراً، أنفقت الحكومة الملايين من أجل منع انتشار الأفكار المتطرفة التي تدعو للعنف، ولاشك أن صرف أموال دافعي الضرائب على هذا النحو، ودون التطرق إلى مشكلات ومآسي الشباب المسلم سيقوض معركة الأفكار المثارة في مواقع شبكة الانترنت والأجواء الاجتماعية للشباب المسلم.‏

يتوجب على بريطانيا الضغط على الإدارة الأميركية المقبلة لكي تكون عادلة ومنصفة في تعاملها مع مشكلة الشرق الأوسط ودفعها لإيجاد تسوية بين العرب والإسرائيليين.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية