تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حماس ليست سوى ذريعة

لوموند
ترجمة
الأثنين 12-1-2009م
ترجمة: دلال إبراهيم

أودت الحرب الاسرائيلية على غزة بحياة المئات من سكانها، والآلاف من الجرحى اكتظت بهم المستشفيات، فيما يزدحم الأثير بالصور والكلمات وسواء منها التي تلعن أم تستنكر

و تبرر و تدين و تدعو للانتقام أو التهدئة، فهي كلمات ضئيلة تضاف إلى العجز والقصور السائد في المنطقة منذ عشرات السنين.‏

لم تشهد الهدنة بين الطرفين تهدئة بالمعنى الحقيقي، بل كان يقطعها دوما غارات وعدوان، واصل خلالها شعب غزة الذي أطبق عليه حصار شديد البقاء والوجود من خلال أنفاق كانت تأتيه بمؤن الحياة الضرورية، ومن ثم يعودون إلى واقعهم القاسي المرير، قد نبرر معارضة البعض لحماس لرفضها الاعتراف بوجود «اسرائيل»، ولكن بالمقابل لابد لنا من رفض هذا البغي والعدوان، الذي يذوق ويلاته المدنيون، ولابد من استنكار عودة العنف والدم، والانصراف إلى اجراء حسابات دقيقة للمسؤوليات أو رمي اللعنة على المحاور في المستقبل.‏

وبانتظار ذلك تواصل دائرة القتل والدم دورتها سواء أكانت بشكل مفتوح كما يجري حاليا، أم بشكل متستر حينما يتم إطباق حصار جائر على شعب غزة، ولاشك أن العار يلحق بالمجتمع الدولي، بسبب ما يجري ضد شعب محروم من أبسط حقوقه، نظراً لأن كل شيء كان متوقعا وضمن المنظور، وكان الجميع يعرف الدواء لهذا الداء الذي ينخر بجسد منطقة الشرق الأوسط، ويثير العواطف والمشاعر أينما كان هنا وهناك، فهل خلا منا العزم والبأس والعقل والرشد لكي نترك الأمور تسير هكذا؟.‏

وأمام هذا يمنح الاتحاد الاوروبي وضعاً له امتيازات خاصة للسلطات الاسرائيلية، مقابل الاكتفاء بتحويل بضعة ملايين يورو إلى السلطة الفلسطينية تستخدمها من أجل إعادة بناء مادمره الاحتلال الاسرائيلي في مدنها وقراها وهكذا دواليك.‏

وكأن الحرب والسلام بحاجة إلى أموال لكي تخفي وراءها عجز الاسرة الدولية عن ايجاد حل لهذا الصراع، مع أن أي صراع في العالم لم توضع له الحلول الواضحة كالصراع في الشرق الأوسط. ومن أجل إحياء ونشر السلام وعدم الاكتفاء بكتابته على الورق، علينا الانتهاء من لعبة التوازنات المزيفة، فالسياسة الاسرائيلية تقول: إن هدفها ليس إلا ضمان أمنها فحسب.‏

والأمن حاجة مشروعة، ولكن أي ( دواع امنية) تلك التي يمكن أن تبرر «لاسرائيل» مصادرة الأراضي واحتكار المياه لنفسها وحرمانها للعرب، وكذلك إتاحة الفرصة للضفة والقطاع بتنمية ذاتهما.‏

وبالتالي، فإن حماس ليست أكثر من حجة مؤاتية تستخدمها السلطات الاسرائيلية لتبرير عدوانها وتنكيلها بالشعب الفلسطيني، حيث يتخفى خلف الخطاب الأمني رغبة في توسيع حدود «اسرائيل» وإرغام العرب على الرحيل عنها، وهنا بحرمان شعب من امتلاك حق وجوده، يكمن بقاء واستمرار «اسرائيل».‏

وبما أن «اسرائيل» قبلت بفكرة وجود دولة فلسطينية ذات سيادة فوق أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، وحيث أن امنها واستمراريتها مرتبط بقدرتها العسكرية، وقد كشفت حرب لبنان عام 2006 عن نسبية هذه القدرات، فهل وعوا المستقبل وأدركوه أولئك الذين جعلوا من «اسرائيل» موقعا متقدما للعالم الغربي؟ وهل يعرفون أن كل ضحية تسقط في غزة تزيد من الحقد الاعمى ضد عالم يقاس بحجم اكاذيبه وخطابه المزدوج؟ ألم يدرك أولئك أن هذه الحرب تزيد من استبداد الانظمة الدكتاتورية العربية وكم أفواه شعوبها؟ لم يعد ثمة متسع للندم، ونحن نمتلك الوسائل الكافية لإنهاء هذا الصراع.‏

ويقع على الاتحاد الاوروبي مسؤولية: تطبيق المعاهدات الموقعة سابقا، وتغيير سياسته وعدم جعل (اسرائيل) حليفتها ذات الامتيازات، وهذه الوسيلة الوحيدة لكي تفهم الحكومة الاسرائيلية أنها كسائر الدول لها حقوقها وعليها مسؤولياتها. حينئذ ربما ستجد الاسرة الدولية الوسائل السياسية الضرورية لتطبيق حق كل شعب في أن يعيش في سلام وأمن ضمن حدود آمنة ومعترف فيها، تشمل الفلسطينيين ايضا.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية