|
آراء وحتى رغيف الخبز وهذه القضايا والفظائع عرفها تاريخ هذا الكيان منذ زراعته في المنطقة وإعلانه 1948م من مجازر قبية، ودير ياسين، وحيفا، وعكا، وجنين، وقانا إلى العديد العديد وكل يوم. الجديد في العدوان على غزة هو /النوع الإجرامي/ الجديد فطائرات إف 16-18 وهي الأحدث ودبابات الميركافا والمدفعية الثقيلة تدك بيوت الآمنين أطفالاً ونساءً وشيوخاً وتطوق المدن والقرى والمعابر ولا تستثني من بطشها حتى سيارات الإسعاف والمدارس. 2- مستويات تجليات مشهد غزة اليوم: الأفظع هو المشهد العربي والعالمي، فغالبية النظام العربي في موقع المتفرج خارج الاستثناء السوري والحراك القطري لا بل بعض النظام العربي راضٍ عما يجري ومشكلته مع المقاومة وصمودها لا مع إسرائيل. أما المشهد العالمي فالمباركة الأمريكية للعدوان قائمة وهي بدهية قديمة جديدة معروفة أما الموقف الأوروبي فالسؤال: أين حقوق الإنسان التي يطالبون بها دائماً وأين مواثيق جنيف، والأمم المتحدة؟. وأين حقوق الشعوب؟ وأين حق تقرير المصير؟. المشكلة الأكبر والأعقد هي الانقسام الحدي الفلسطيني بين خطين ونهجين نهج التسوية التي لا تعيد إلا القليل وتحمل الحجم الكبير من التنازلات في الأرض والقدس والمستوطنات والمستقبل والمصير وبين النهج المقاوم الذي يصر على الحقوق في الأرض والقدس وحق العودة وإزالة الاستيطان والحفاظ على الهوية. ما يجري اليوم هو الشكل المروع لتداعيات اتفاق /أوسلو/ بين السلطة الفلسطينية والعدو الصهيوني والذي مضى عليه خمسة عشر عاماً ولم يثمر إلا المزيد من الكوارث والنكبات والانقسام. السؤال: لماذا النظام العربي في هذا الموقف؟ الجواب نحن نفرق بين القائد والحاكم. فالقائد ابن الشعب منه وإليه يتماهى معه ويجسد تطلعاته والرئيس بشار الأسد هو في موقع القائد وإرادته هي الإرادة الوطنية والقومية للشعب وخياراته. أما الحاكم فلا يمثل الإرادة الشعبية فله حساباته ومصالحه وارتباطاته وأمواله وحماياته الخارجية لذلك لا رهان على الحكام العرب وسيبقى الرهان على الشعب وعلى مقاومته وتضحياته واستعداده وبالمناسبة أقول: لو كان الخيار للشعب المصري مثلاً لفتحت المعابر لجهة مصر ولوصل السلاح ولارتفعت وتيرة العمل السياسي والضغط على العدو للكف عن عدوانه. كيف تقرأ المعادلة اليوم؟ قراءتها واضحة شعب صامد في غزة ومقاومون أشداء امتلكوا الإرادة والعزيمة والإيمانية والجهادية العالية وفي المقابل جبروت آلة الحرب الصهيونية من طيران ودبابات ومدفعية وحصار وقتل وتدمير. تقف اليوم البندقية والقاذف البسيط والعبوة العادية ومعها الدقة واليقظة والجرأة والإيمان لتواجه هذا الجبروت الطاغي وهي تواجهه وتلحق به العديد من الخسائر. أما شعب غزة فقد امتلك طاقة الصبر والتحمل والصمود والاكتفاء بالقليل والتضامن الشعبي والتشاركية الوجدانية حتى في رغيف الخبز وهذا عامل مركزي وهام في استمرار صمود هذا الشعب رغم الحجم الكبير من التضحيات. إن صمود هذا الشعب في غزة وصمود مقاتلي غزة هو /استثناء في المقاومة/ وفنونها يضاف لدروس المقاومة اللبنانية ولدروس المقاومة ضد الظلم في العالم. في المشهد العالمي هناك هبة شعبية على مستوى العالم العربي والإسلامي وحتى المجتمع الدولي تعيد احضار /الموضوع الفلسطيني/ فلسطينياً وعربياً وعالمياً. المطلوب فلسطينياً صحوة عامة على مستوى جميع الفصائل ومراجعة عامة لمسار /أوسلو/ وتداعياته والاتفاق على قاعدة /سلام القوة/ و /قوة السلام/ وأن المقاومة خيار ويجب أن تبقى وهي طريق السلام العادل والشامل. أما المطلوب عربياً فهو وحدة الموقف الداعم للمقاومة الفلسطينية وصمودها والضغط على الجانب الأوروبي والأمريكي وبما يملكه العرب من وسائل الضغط سواء النفط أو المصالح الاقتصادية أو الخيارات السياسية الأخرى، عبر الصين وروسيا الاتحادية وبلدان أمريكا اللاتينية والهند وغيرها وعدم الارتهان أمريكياً أو أوروبياً. 3- ما تضيفه دروس الصمود في غزة لثقافة المقاومة: تضيف دروس غزة لثقافة المقاومة العديد من المعاني والدلالات فصمود غزة هو محطة تجديد في الزمن العربي القائم التجديد بمعناه المقاوم وسياقه التاريخي: اليرموك، القادسية، حطين، حرب تشرين، المقاومة اللبنانية وانتصاراتها هو تجديد للزمن العربي المقاوم وتأكيد خيار المقاومة وثقافتها. - صمود غزة هو الكشف الجديد والقديم لتخاذل النظام العربي وتعرية له أمام المسؤولية الوطنية والقومية الواجبة وبالتالي كشفه مجدداً أمام شعوبه وإرادتها. - صمود غزة مقدمة لصحوة إسلامية تعيد ترتيب الدور الإسلامي ولقاءاته تضامنياً واقتصادياً وسياسياً. - دروس غزة تعيد تأكيد بديهة أنه لا سلام بدون قوة وأن سياسة التنازلات لن تقدم شيئاً. - دروس غزة تعيد تأكيد صوابية المقاومة اللبنانية لجهة تمسكها بسلاحها وخيار المقاومة والردع. - دروس غزة دعوة لتفحص بنية الذات العربية ونهوض كل قوى الفكر والثقافة للاشتغال على البنى الاجتماعية وتنويرها وتطوير دينامية الوعي والمبادرة فيها واستنهاض دور الجماهير وطنياً وقومياً وبحدود الممكن والمتاح. - دروس غزة هي دعوة لكل قوى المقاومة في العالم ولكل القوى المناهضة لأمريكا وسياستها والصهيونية العالمية وتداعياتها. دعوة لتضامن هذه القوى وتنسيق مواقفها وتقوية الجبهة العالمية المناهضة لأمريكا والصهيونية العالمية وكشف زيف ادعائهما بحقوق الإنسان واللاسامية وغير ذلك وما يجري في غزة هو الدليل الجديد على العنصرية الصهيونية وجرائمها في فلسطين. - صمود غزة يضيف ثقافة إحيائية وتجديدية وأنماطاً في وعي معاني الدفاع عن التراب والأوطان. - صمود غزة يضيف ثقافة جديدة في تربية الإرادة والإيمانية والجهادية العالمية والاستشهادية الجديدة بما نسميه /النوع الجديد المقاوم/. - صمود غزة يضيف الكثير لثقافة الصبر والتحمل والصلابة والتقشف والاقتصاد المنزلي ودور المرأة الفلسطينية الكبير في هذا الصمود. - صمود غزة ودروسها وعبرها كثيرة، إنها الملحمة الجديدة في الزمن العربي الصعب. كاتب وباحث |
|