|
تحقيقات ذلك النهر الذي ظل فاقداً لحياته قرابة أربعة عقود، وقد تكبدت الدولة مبالغ طائلة بغية إحياء مجراه بإطلاق مياه نهر الفرات في المجرى وبكلفة إجمالية بلغت نحو مليار ومئتي مليون ليرة سورية. والمشروع حسب ما أكده المعنيون في حفل التدشين سيؤمن /4/ أمتار مكعبة في الثانية، سيذهب منها /1/ متر مكعب في الثانية إلى المدينة الصناعية في الشيخ نجار، بينما هناك /3/ أمتار مكعبة ستصب في مجرى نهر قويق لتخليص المدينة من مصادر التلوث البيئي الذي تعاني منه حلب منذ أكثر من أربعة عقود... تصريحات المعنيين في حفل التدشين الذي كان برعاية السيد الرئيس بشار الأسد، قام المعنيون في الجهات المسؤولة عن هذا المشروع ومتابعته برسم صورة لا أحلى ولا أجمل للنهر، مشيرين أن هنالك العديد من المشاريع التي ستقام بموازاة مجرى النهر، وأن تجربة نهر قويق دفعت للتفكير بمعالجة حالات مشابهة في مدن أخرى، وأن هنالك العديد والعديد، كل ذلك تحدث به المعنيون... فرحة المواطنين لقد استبشر أهالي حلب خيراً لحظة إحياء مجرى النهر، ونظم الشعراء حينها القصائد، وأقيمت الحفلات في الساحات والحدائق، خاصة بعد أن شاهدوا شلالات المياه تتدفق، والماء يجري في قناته التي تخترق المدينة عبر الشوارع والأحياء والحديقة العامة، وتحول الحلم إلى حقيقة عند مواطني حلب وزوارها، حتى أن الغيرة دبت في قلوب أهالي المحافظات الأخرى التي فيها أمثال قويق، ولهذا نجد أن المواطنين حينها كانت فرحتهم لاتقاس بشيء لأنها كانت مقترنة برعاية قائد الوطن، وبدؤوا يتجهون زرافات ووحداناً لمشاهدة ذلك الحدث التنموي الذي أعاد للشهباء حياتها، وبدأ مواطنو حلب المعروفون بذوقهم الرفيع، وحبهم للطبيعة بالتوجه إلى منطقة السقوط الشلالي والجلوس على ضفتي النهر، وقضاء ساعات من التنزه والاستجمام بعيداً عن الملوثات التي عانى منها مجرى النهر لسنوات عديدة، ولكن هذه الفرحة لم تكتمل فسرعان ما توقفت الحياة وبدأت الملوثات تعود للنهر... بعد التدشين بخمسة أشهر بعد خمسة أشهر من التدشين تفاجأنا بأن عذوبة المياه أصبحت تلوثها هدارات الصرف الصحي في جنوب المدينة، وكذلك مناشر الحجر التي تصب مخلفاتها فيه أيضاً، والأمر ذاته في منطقة الدباغات حيث ترمي هي الأخرى بمخلفاتها في النهر أيضاً وتلوث المياه التي يستخدمها الفلاحون في سقاية مزروعاتهم، وغيرها من الأمور التي عرضناها في تحقيق سابق وبالتحديد في 7/5/2008 ورصدنا حينها آراء المعنيين في وزارة الري والمحافظة بكافة دوائرها المعنية، ووعدونا حينها أن الأمور ستكون بخير، وأن الأمور ستعالج بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة، ومن يرجع إلى التحقيق الآنف الذكر يقف على تلك الحقائق والوعود.. توقف بعد/9/ أشهر كلنا يعلم أن الجنين في رحم أمه يبقى تسعة أشهر، ليخرج بعدها إلى الحياة، ولكن قصة نهر قويق، هي عكسية حيث بقي النهر على قيد الحياة /9/ أشهر، ليعلن البدء في وفاته، ففي يوم السبت 27/9/2008 شهدت محافظة حلب هطولات مطرية غزيرة استمرت أكثر من ثلاث ساعات وصلت نسبتها إلى /50/ مم في بعض أحياء المدينة، حينها أوعز الدكتور المهندس تامر الحجة محافظ حلب وخلال وجوده في الصباح الباكر في غرفة العمليات لمتابعة الموضوع إلى الجهات المعنية بإغلاق المياه المتدفقة في نهر قويق منذ الساعة التاسعة صباحاً حرصاً على تخفيف الأضرار التي قد تنجم عن تزايد الهطولات المطرية وآثارها على نهر حلب الجنوبية، وبالطبع هذه الأمطار كشفت حينها عن المستور في عمل مجلس مدينة حلب، ولا داعي لذكر ذلك في هذا التحقيق، بل سنتناوله في تحقيق قادم... مشاهد مؤلمة قبل ذكراه الأولى في ذكرى عيد ميلاده الأول، أردنا أن نقف على حقيقة النهر، فاتجهنا إلى منطقة السقوط الشلالي، ولكن بدايتنا كانت عكسية فبدأنا من منطقة الدباغات، حيث وجدنا المياه الملوثة تصب في النهر، وعند منطقة جسر الحج كانت مياه النهر تجري بتدفق رائع حسبه السائق الذي كنت أجلس بجانبه أنه من المياه العذبة التي تجري في النهر، حتى أنه قال لي بلهجة حلبية: ياأستاذ شوف المي ماشية كويس في النهر ما شاء الله، ليش بدكم تكتبوا عليه... فيممنا إلى وسط المدينة لنجد أن المجرى قد تحول إلى مقالب للقمامة، وكذلك الأمر وسط الحديقة العامة، وحينما وصلنا إلى منطقة دوار الجندول، كان المجرى جافاً، ومليئاً بالأوساخ والقمامة، فقلنا كيف هو الحال عند منطقة السقوط الشلالي فكانت هي الأخرى في حال يرثى له، حيث جفت في مآقيها الدموع، وتوقفت الحياة، وبدأ أصحاب المطاعم المجاورة يرمون بمخلفاتهم في المجرى.. إشارات استفهام كل ما تم لحظه ومشاهدته يدعو إلى طرح العديد من إشارات الاستفهام التالية: 1- لماذا توقف جريان المياه في النهر؟. 2- أين ذهبت كمية /3/ أمتار مكعبة في الثانية؟. 3- ماذا حصل في مشروع الحديقة المقرر إنشاؤها مكان المشتل الزراعي؟. 4- ماذا حصل بشأن إحداث مديرية لنهر قويق؟. 5- لماذا بقيت بعض مصبات الصرف الصحي تتدفق في المجرى؟. 6- لماذا تحول المجرى لمقلب للقمامة؟. وغيرها من الأسئلة التي أصبح المواطن الحلبي يطرحها صباح مساء بينه وبين نفسه، لعله يجد جواباً، ولعل الأمل يعود إليه لتعود معه الحياة للنهر بعد أن قتلته/ سين التسويف/ التي تحدث بها بعض المعنيين، والتي تجعلنا نطرح السؤال التالي: لماذا تم تدشينه قبل أن تتم عملية تجهيزه كاملاً، أم أن تقصير الجهات المعنية والمسؤولة عن المتابعة يفقد- كما قلنا في تحقيقنا السابق- جزءاً من بريق هذه المشاريع وتصبح مع مرور الأيام عبئاً على الوطن والحكومة، أم أن هنالك غايات في زيادة نسبة الصرفيات لدى تلك الجهات، وكأن المال العام صار البعض يتصرف به كيفما شاء دون حسيب أو رقيب.. محافظ حلب: مجلس المدينة هو المعني بالمتابعة هذه الأمور حاولنا أن نعرضها على محافظ حلب الدكتور المهندس تامر الحجة، والذي أبدى تجاوباً مع الموضوع مع تحفظه على بعض الأسئلة وتوجيهه بأن تكون برسم مجلس مدينة حلب فهو- أي مجلس المدينة- المعني بمعالجة ومتابعة العديد من الأمور التي سنأتي على ذكرها، ولكن اكتفى السيد المحافظ بالإجابة على السؤال المخصص عن توقف تدفق المياه في مجرى النهر، حيث أكد أنه أوعز إلى الجهات المعنية بإغلاق المياه المتدفقة في نهر قويق أثناء حصول الهطولات المطرية، بناء على طلب من أهالي القرى والأراضي الواقعة في سهول حلب الجنوبية، وذلك خوفاً من تضررهم، ومن الآثار السلبية التي قد تنجم، مشيراً إلى أنه على استعداد لفتحها حينما يتقدم الفلاحون في تلك المناطق بطلب يشعر بذلك، وهذا الأمر/ والحديث للمحرر/ يطرح التساؤل التالي: لماذا لم تتم دراسة مثل هذه الحالات قبل التدشين..؟ /3/ أسئلة برسم مجلس المدينة بتاريخ 30/11/2008 تقدمنا إلى الدكتور المهندس معن الشبلي رئيس مجلس مدينة حلب بكتاب تم تسجيله في ديوان المجلس تحت رقم /4446/ متابعة، تضمن ثلاثة أسئلة أشار السيد المحافظ أن يتم توجيهها إلى مجلس مدينة حلب حسب العائدية، والأسئلة الثلاثة هي حسب التالي: - لقد وجه السيد الرئيس أثناء حفل التدشين بضرورة الإسراع بإقامة حديقة في موقع المشتل الزراعي، فأين وصلتم بذلك، ومنذ /10/ أشهر تقريباً... - لقد تمت الإشارة في حفل التدشين إلى أن هنالك قراراً بإحداث مديرية لنهر قويق، مهمتها متابعة قضايا النهر، فماذا عن هذه المديرية...؟ - ماذا عن وضع مصبات الصرف الصحي في مجرى النهر ضمن حدود المدينة... رحلة الأسئلة في أروقة مجلس المدينة بدوره رئيس مجلس المدينة أحال الأسئلة إلى مديرية الشؤون الإدارية، وقد أحالها مدير الشؤون الإدارية إلى دائرة العلاقات العامة بتاريخ 3/12/2008 لإجراء ما يلزم وبالسرعة العاجلة، ومشكورة دائرة العلاقات العامة التي أحالتها بتاريخ 3/12/2008 إلى العامل/ م-ع/ لتوجيه الأسئلة للدوائر المعنية وإعداد الرد.. حينها توجهت دائرة العلاقات العامة وعن طريق مديرية الشؤون الإدارية إلى مديريتي الخدمات المركزية والشؤون الفنية/ دائرة الدراسات/ بكتاب رقم /559/ تاريخ 3/12/2008 للإجابة على الأسئلة المتعلقة بمشروع نهر قويق، والموجهة من صحيفة الثورة، وبتاريخ 18/12/2008 تم التوجه من قبل دائرة العلاقات العامة وعن طريق مديرية الشؤون الإدارية أيضاً بكتاب ضمنته ما يلي، طبعاً سنورده حرفياً لأنه يحمل في طياته العديد من إشارات الاستفهام سواء حول موضوع تحقيقنا أو حول موضوع إعداد الردود والتزام الجهات المعنية بقرارات رئاسة مجلس الوزراء بشأن الزمن المخصص لإعداد الردود. نص الكتاب إلى : مديرية الخدمات المركزية مديرية الشؤون الفنية دائرة الدراسات بناء على حاشية السيد رئيس مجلس مدينة حلب المؤرخة بتاريخ 1/12/2008م حول التحقيق الصحفي في صحيفة الثورة للصحفي فؤاد العجيلي تحت عنوان مشروع نهرقويق والوضع الذي آل إليه وتأكيداً على كتابنا رقم 559 /ص/ تاريخ 3/12/2008م للمعالجة وإعداد الرد عاجلاً وتسليمه لديوان دائرة العلاقات العامة خلال 24 ساعة كحد أقصى وذلك عملاً بكتاب رئاسة مجلس الوزراء رقم 3194/15 لعام 2008م والمتضمن قيام المكتب الصحفي بإرسال الإجابة على الشكوى للصحف خلال 48 ساعة . مديرية الشؤون الفنية ترد بتاريخ 21/12/2008م قامت دائرة الدراسات وعن طريق مديرية الشؤون الفنية بإعداد كتاب إلى مديرية الشؤون الإدارية يتضمن الرد حول السؤال الأول والمتعلق بالحديقة المقررة مكان المشتل الزراعي حيث تم وبناء عليه إعداد كتاب نهائي ليوقع عليه رئيس مجلس المدينة وأيضاً نظراً لاهمية صياغته ننشره حرفياً وقد حصلنا على نسخة منه من دائرة العلاقات العامة بتاريخ 31/12/2008م. السيد رئيس تحرير صحيفة الثورة : رداً على مانشر في التحقيق للصحفي فؤاد العجيلي بتاريخ 3/12/2008م بعنوان: مشروع نهرقويق والوضع الذي آل إليه مؤخراً . نبين لكم مايلي: أفادت مديرية الشؤون الفنية بأنه تم تلزيم الدراسة إلى جامعة حلب كلية الهندسة المعمارية وقد قسمت الدراسة المشروع إلى جزءين: الجزء الأول ويشمل السياج الخارجي والشوارع المحيطة به وقد تم إنهاء واستلام الدراسة وتلزيم المشروع إلي متعهد بكلفة تقديرية 34 مليون ليرة سورية وقد باشر المتعهد بالعمل . الجزء الثاني: ويشمل التخطيط والتفصيلات الداخلية وقد انتهت الدراسة ويتم تدقيقها حالياً وسيتم تلزيمها وإعلانها للتنفيذ مع بداية العام 2009م. قراءة في مضامين الردود من خلال ماسبق نجد أنه تم الرد على سؤال واحد فقط بينما لم يأت الرد على السؤالين الآخرين لغاية تاريخ 31/12/2008م حسب ماأفادتنا دائرة العلاقات العامة الأمر الذي يشير إلى أن موضوعي مصبات الصرف الصحي ومديرية نهرقويق تنتظر من يجيب عليها متى ....الله أعلم.ولكن قراءة للرد الأول حول موضوع الحديقة والمشتل الزراعي تجعلنا نقف مع عدة اشارات استفهام . مخالفة لتوجيهات السيد الرئيس لماذا التأخر في إنجاز الحديقة علماً أن السيد رئيس الجمهورية وجه في حفل التدشين بضرورة الإسراع في نقل المشتل الزراعي إلى خارج المدينة وتحويل مساحته البالغة 12 هكتاراً إلى حديقة عامة كي تكون متنفساً ومتنزهاً لأهالي حلب،فهل هذه هي السرعة التي سيتم خلالها تجهيز الحديقة.... مخالفة لتعليمات رئاسة الوزراء التأخر في صياغة الردود وأعدادها، فقد تقدمنا بالكتاب إلى مجلس المدينة في 30/11/2008م وتم توجيه الكتاب من دائرة العلاقات العامة للمديريات المختصة بتاريخ 3/12/2008م لاعداد الردود، وبتاريخ 18/ 12 تم توجيه كتاب تأكيد حول ذات الموضوع للرد خلال 24 ساعة عملاً بتعليمات رئاسة مجلس الوزراء، ولم يتم إعداد الرد وعلى سؤال واحد فقط إلا بعد 19 يوماً أي بعد 456 ساعة من توجيه الكتاب الأول، وبعد 4 أيام أي بعد 96 ساعة بينما بقي السؤالان الآخران في طي الإعداد،ولكن متى لاندري أيضاً .... خطأ في إعداد الرد الكتاب الذي تقدمنا به إلى السيد رئيس مجلس المدينة أشرنا فيه أننا بصدد إعداد تحقيق عن وضع نهر قويق، ولكن حسب الرد نجد أنه وردت في مقدمته عبارة : رداً على مانشر في التحقيق للصحفي فؤاد العجيلي بتاريخ 3/12/2008م بعنوان: مشروع نهرقويق والوضع الذي آل إليه مؤخراً وهذا هو الخطأ بعينه، لأن التحقيق لم ينشر بعد، بل هو قيد الإعداد. مجرى النهر... يشكو التلوث من منطقة السقوط الشلالي ولغاية جنوب مدينة حلب، وبطول 18 كم تقريباً نجد أن نهر قويق ومن خلال مجراه الحزين أصبح يعاني من عدة أمور نجملها بكلمة واحدة، وهي التلوث علماً أن السيد الرئيس بشار الأسد وأثناء حفل التدشين، دعا إلى إيلاء الواقع البيئي والتنموي في المدينة كل العناية والاهتمام ومعالجة مصادر التلوث لخلق بيئة سليمة تكون مصدر صحة وعافية للمواطنين ليس في حلب فحسب، بل في المدن السورية قاطبة.... والملوثات الموجودة هي مصبات الصرف الصحي، ومخلفات مناشر الحجر والدباغات، والتي أدى إلى تزايدها أكثر هو إغلاق تدفق المياه في مجرى النهر، وهنا نتساءل : من هو المعني بتخليص مجرى النهر من الملوثات،وإعادة الحياة إليه فعلاً لاقولاً .... نحن على متابعة هي مجرد إطلالة على الواقع الحالي للنهر، بمنغصاته التي تعرض لها نتيجة استهتار وتقصير من الجهات المسؤولة،نضعها أمام المعنيين ليكونوا على إطلاع لماجرى ويجري لهذا ا لمشروع الحيوي الهام الذي تحقق لحلب .ونحن - والحديث للمحرر- نقول: هل هكذا تقوم الجهات المعنية بترجمة التزامها، ووفائها بما وعدت، ونكتفي بهذه الإشارات لأنهم قديما قالوا: إن اللبيب من الإشارة يفهم . وسنكون على متابعة ... |
|