|
فنون
ويحفل تاريخ المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بمجازر ضد المدنيين تعد بالآلاف ، وقد رصدت السينما هذه المجازر لتكون وثيقة تاريخية أمام أنظار العالم تؤكد مدى الحقد والغدر والهمجية التي تسكن نفوس المعتدين الصهاينة ، في وقت كانت فيه الإمكانيات التلفزيونية محدودة . بدأت السينما بنقل المجازر التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بعد عام 1967. ويعد المخرج الفلسطيني مصطفى أبو علي من أوائل المخرجين الذين حملوا الكاميرا لتوثيق الممارسات والاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين ، ومن أوائل الأفلام التي أخرجها أبو علي فيلم ( مشاهد من الاحتلال في غزة ) عام 1973 تناول فيه الفيلم الواقع المرير الذي يعيشه قطاع غزة بمدنه وقراه ومخيماته ـ لاحظوا أن معاناة أهل غزة ليست جديدة بل تعود على السنوات الأولى للاحتلال وقبل ظهور حماس ـ ويفضح الفيلم ممارسات المحتل الهمجية كما يعرض الإصرار والتصميم عند الشعب الفلسطيني على المقاومة والتصدي . ويقدم فيلم ( مشاهد من الاحتلال في غزة ) قراءات إحصائية لمعاناة الفلسطينيين في ظل الاحتلال ويبين عدد الشهداء والجرحى الذين سقطوا برصاص الاحتلال ، كما يعرض ما واجهه الأسرى من تعذيب . واستخدم الفيلم مشاهد سينمائية واقعية ونادرة متداخلة مع مشاهد روائية صامتة ، وقامت بتصوير مشاهد الفيلم في غزة صحفية أجنبية تدعى آرليت تسيير و صور مصطفي أبو علي فيلم ( عدوان صهيوني ) وهو أيضا ينقل صورة توثيقية عن العدوان الصهيوني على المخيمات الفلسطينية في سورية ولبنان في عام 1972 ، ويعرض الفيلم صور الجثث والأشلاء الناتجة عن الغارات الإسرائيلية ،كما يعرض حجم الدمار الكبير الذي خلفته الغارات . في عام 1978 قدم المخرج سمير نمر فيلما بعنوان ( الإرهاب الصهيوني ) عن الممارسات الوحشية الصهيونية ، وأخرج قيس الزبيدي فيلم ( حصار مضاد ) عن المعاناة الشديدة للفلسطينيين في ظل الاحتلال ، حيث البنادق الصهيونية موجهة إلى الأطفال والنساء ونشهد فيه تلاميذ رياض الأطفال ذاهبين إلى مدارسهم والأسلحة موجهة إليهم . في فيلم ( حصار مضاد ) تبدو شراسة العدو الصهيوني وحقده على ألسنة القادة الصهاينة بالصوت والصورة ، وفي الوقت نفسه يظهر الفيلم قدرة الشعب الفلسطيني على التحمل والصمود والبقاء فوق أرضه رغم عنف الاحتلال . وقدم قيس الزبيدي في عام 1983 فيلم ( ملف مجزرة ) تابع فيه الاجتياح الإسرائيلي للبنان وصولا إلى مجزرة صبرا وشاتيلا ، عبر توليف بصري يظهر كشفا بمواقف وتصريحات قادة الصهاينة العدائية الحاقدة ، ليكون شهادة تاريخية بالصوت والصورة والوثيقة البصرية عما جرى ويجري ويوجه الفيلم أصابع الاتهام إلى شارون ، وذلك قبل عشرين عاما من إنتاج فيلم بريطاني يفضح دور شارون في المجزرة وأخرجت مي المصري مع جان شمعون في عام 1983 فيلم ( تحت الأنقاض ) وهو يعرض ما فعله الصهاينة خلال غزو لبنان ، ويظهر الحصار الذي دام ثلاثة اشهر، والحمم التي تتساقط من الطائرات الإسرائيلية على بيوت المدنيين . وسجل الفيلم معاناة بيروت خلال الحصار وصمود بيروت ليكون فيلم ( تحت الأنقاض) صور موثقة للجيل القادم . وقدمت مي المصري في عام 1990 فيلم ( أطفال حبل النار) حيث تعود مي إلىمدينتها نابلس خلال الانتفاضة الأولى وتركز على الأطفال الذين يشهدون عذابات المدينة. من قمع وفي عام 200 قدمت مي المصري فيلم ( احلام المنفى ) الذي يرصد الأحلام المشتركة بين أطفال مخيم شاتيلا في لبنان ومخيم الدهشة قرب بيت لحم لنرى جوانب من المعاناة ذاتها في الداخل والشتات . وقدم المخرج جورج خليفي في عام 1988 فيلم ( أطفال الحجارة ) صور فيه مجموعة من أطفال مخيم الشاطئ في غزة ، ويرصد معاني الانتفاضة عند أطفال المخيم والقدرة على الوقوف في وجه قوات الاحتلال ، ويبرز مشاهد العنف والقمع وجنازات الشهداء اليومية والممارسات البشعة للاحتلال . وقدم ناظم الشريدي في عام 1988 فيلم ( مسلسل صيف فلسطيني حار ) ويتألف من ثلاثة أجزاء الأول فيلم ( غيتو الدهيشة ) يرصد واقع مخيم الدهيشه الذي جولته قوات الاحتلال إلى معتقل كبير بحجم مدينة ، كما يرصد الفيلم معاناة السكان من الجنود والمستوطنين على حد سواء ، وفيلم ( المدينة المحاصرة ) عن مدينة أم الفحم ، ويكشف الاعتداء اليومي على المدينة المحاصرة من قبل المستوطنين ومصادرة أراضيها . ويتحدث زياد درويش عن بيت ساحور في فيلم بعنوان ( بيت ساحور مدينة الصمود) في عام 1992 ويصور الفيلم عن صمود المدينة وقدرتها خلال الانتفاضة حين حاصرها جيش الاحتلال وقصفها واقتحمها عدة مرات . ويصور المخرج صبحي الزبيدي مخيم الجلزون قرب رام الله 1998 بعنوان (خارطتي الخاصة جدا ) وفيه يركز على معاناة اللاجئين المطرودين من ديارهم ، و فيه طفل يقرأ الرسائل القادمة من المشردين خلف البحار. ويشير الفيلم إلى أن الخروج من فلسطين كان بسبب المجازر في دير ياسين ، ولم يكن خوفا من الموت بل خوفا من انتهاك الأعراض ، فالعرض عند العرب هو والأرض سواء . ويعرض الفيلم كذلك تفاصيل مجزرة كفر قاسم عبر احد الناجين من المجزرة ، واخرج رشيد مشهراوي في عام 1990 فيلما وثائقيا طويلا بعنوان ( دار ودور ) يظهر معاناة الفلسطينيين في ظل الاحتلال ،وفي العام التالي 1991 قدم مشهراوي فيلم ( أيام طويلة في غزة ) وفيه شهادات حية عن واقع الفلسطينيين في القطاع ، وصور مشهرواي أيضا فيلما وثائقيا عن غزة بعنوان ( منع تجول ) أو ( حتى إشعار آخر ) وتدور احداثه في عام 1993 حول أسرة حلاق مقعد ، وفيه ابنه الصغير يرقب جنود الاحتلال ، ويظهر الفيلم التلاحم والتواد بين أبناء غزة ، مما يساعدهم على الصمود والثبات في وجه الاحتلال وفيه مشاهد من الاعتقالات وهدم البيوت والتنكيل بالمدنيين . وهكذا أصبحت الصورة السينمائية مادة بصرية حية توثق جرائم الاحتلال الصهيوني وتبقى دليلا دامغا على همجية الإسرائيليين ، وذاكرة تاريخية للأجيال القادمة . |
|