تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


عنوانان

معاً على الطريق
الأثنين 12-1-2009
مصطفى المقداد

لغزة عنوانان, أولهما يرتبط بالوجود واكتساب الهوية العربية, وثانيهما يسطر سفر المجد في تاريخ المنطقة, ويحدد انتماءاتها وثباتها وقدرتها على الاستمرار والصمود في وجه أعتى قوى البغي والعدوان.

لغزة سفر بطولة لا ينتهي, ولن تقوى محاولات التضليل على محو سطر منه, لأنه يترسخ في وجدان البشرية, وينحفر في ذاكرتها المتوارثة جيلاً بعد جيل.‏

وإن سعى المؤرخون لتسطير وتخليد البطولات المجيدة, ولئن سعوا لترتيب قوة الصمود في وجه العدوان, فإنهم سيضعون غزة غراد في أعلى سلم التسلسل البطولي الذي عرفته مدينة على مدى التاريخ, فإن كانت .. ستالينغراد ولينينغراد سجلت ملاحم الصمود والتصدي البطولي في وجه قوى العدوان النازية, فإن غزة سجلت صموداً غير مسبوق في القدرة على كسر جبروت قوة العدوان الإلغائي.‏

وكما لم تمح المتغيرات الجديدة, ولم تقو قوى العولمة على انتزاع التاريخ الوطني للمدن البطلة, فإن القوى ذاتها اعجز من تؤثر أو تقلل من حجم غزة التي قدمت فلذات أكبادها قرابين رخيصة على مذبح حرية الوطن واستقلاله وتحرير كامل ترابه المقدس لإقامة الدولة ذات السيادة والحضور السياسي والاقتصادي والاجتماعي.‏

كذلك فقط يكون الصمود, ومثلها فقط يكون المشبه به, واعتماده مرجعاً للمقارنة والقياس.‏

فقد سجلت غزة وحدها أنها كانت الحاضن والضامن والفدائي والمؤثر والمضحي والمستعد للإقدام على التضحية والفداء في سبيل الحفاظ على وحدة الفلسطينيين, والمحافظة على قضيتهم الأساسية حاضرة بقوة في المحافل والهيئات والتظاهرات الدولية.‏

ووحدها غزة قدمت الدليل والبرهان المثبتين بأن أمة العرب حية لا تخبو لديها جذوة النضال, وإن بدت منها هنة, أو اعترت وجهها هالة من كلف وزيف, فإن ذلك أمر طارئ وهو إلى زوال.‏

وبالقدر الذي تنهال فيه الصواريخ والقذائف على الأجسام البضة فإن الصدى يكون ثورة ولهيبا يتعالى في شوارع ومدن العرب, ويتجاوزها إلى بقاع الأرض كافة.‏

صورتان لغزة في التاريخ الإنساني تمثلان تضادا للصراع بين قوى الشر من جهة وقوى الصمود والخير من جهة أخرى,وهي بدأت تخط بصمودها أولى بذور النصر الحضاري وتثبت أن الإفراط في استخدام القوة المجنونة, لن يحيق شرا إلا بمستخدميه وستحمل ليالي غزة هاشم خبايا مبشرة بفجر جديد..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية