تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


صفقات في الغرف السوداء وأقنعة تخفي وجوهاً من الخليج العربي

قاعدة الحدث
الخميس 2-2-2012
إعداد: فؤاد الوادي

يؤكد الكثير من الباحثين السياسيين أن أول من شرع الباب أمام العلاقات العربية مع الكيان الإسرائيلي بشكل علني وفاضح كان الرئيس المصري أنور السادات الذي ترك سورية وحيدة في معركتها مع العدو الإسرائيلي واختار الطريق الأقصر والأقذر لإنهاء المعركة وفرض واقع الاستسلام على الأمة العربية،

لتتوالى فيما بعد صفقات التطبيع العربي مع إسرائيل تحت عناوين فضفاضة وهشة سعت إلى تكريس واقع الاحتلال أكثر فأكثر، وأخرجت عدة دول عربية من دائرة الصراع مع العدو الإسرائيلي مبكراً جداً كما أنها لم تعد أياً من الحقوق العربية السليبة لأصحابها، بل أكثر من ذلك فقد فتحت العلاقات العربية مع إسرائيل الباب واسعاً لبعض الأنظمة العربية العميلة للتواطؤ والتآمر على شعوبها وأشقائها العرب من خلال التعاون السري والعلني مع إسرائيل والغرب الاستعماري.‏

وكما أسلفنا فإن زيارة السادات لإسرائيل عام 1977 كانت المحطة الأبرز في تاريخ العلاقات العربية مع إسرائيل بسبب ذلك الشرخ الذي أحدثته في الفعل العربي الذي لا يزال يعاني من تبعاتها حتى يومنا هذا، كما أنها كانت الممهد الأساسي الذي دفع مصر إلى توقيع اتفاقية «كامب ديفيد» المشؤومة مع الكيان الصهيوني بعد أقل من سنة على زيارة السادات لإسرائيل والتي نصت على اتفاق سلام منفرد بين مصر وإسرائيل ومنفصل عن جميع الأطراف الأخرى المرتبطة في الصراع في الشرق الأوسط.‏

وتستلهم العلاقات بين مصر وإسرائيل طبيعتها وآلياتها من نصوص وبنود المعاهدة المصرية الإسرائيلية للسلام التي عقدت بين الجانبين عام 1979، والتي أخذت مجراها في التطبيق المتدرج في آذار عام 1980، مع بدء التبادل التمثيل الدبلوماسي بين البلدين وافتتاح كل منهما سفارة لدى الطرف الآخر، لتتوسع العلاقات فيما بعد لتشمل الجوانب الاقتصادية والتجارية والثقافية، كما أن العلاقات المصرية مع إسرائيل رغم الاعتراف بها وتبادل العلاقات معها، وفق نصوص المعاهدة، لم تجعل من إسرائيل دولة صديقة من وجهة نظر الشعب المصري، ولم تمحُ عنها صفات العدوانية والاحتلال والاستيطان والعنصرية.‏

وفيما يتعلق بالعلاقات الأردنية الإسرائيلية فهي بحسب بعض الباحثين تستند إلى عدة فرضيات أهمها أنها تشكل امتداداً طبيعياً لتاريخ طويل من العلاقات المشبوهة التي ربطت العائلة الهاشمية الحاكمة في الأردن بالزعامات الصهيونية، وكذلك كونها تستند إلى فرضية تحقيقها لبعض المكاسب للمملكة من خلال علاقتها مع إسرائيل، كما أنها أنهت الخطر الذي كان يهدد وجود الأردن ككيان سياسي مستقل والمتمثل بإقامة الوطن البديل للشعب الفلسطيني على الأرض الأردنية، وقد تبلورت طبيعة العلاقات بين الجانبين إثر معاهدة السلام التي وقعت بين إسرائيل والأردن على الحدود الفاصلة بين الدولتين والمارة بوادي عربة في عام 1994، حيث طبعت هذه المعاهدة العلاقات بين البلدين وتناولت النزاعات الحدودية بينهما، وبتوقيع تلك المعاهدة أصبح الأردن ثاني دولة عربية بعد مصر تطبع علاقاتها مع إسرائيل.‏

إلا أن الطعنات التي تركت أثراً عميقاً وجرحاً نازفاً في الجسد العربي هي طعنات الغدر التي حملتها وصنعتها تلك العلاقات العربية مع إسرائيل خلف الكواليس وداخل الغرف السوداء والتي انعكست بشكل مباشر على الواقع العربي بكافة مراحله وأشكاله، وما تعانيه سورية اليوم ليس إلا بعضاً من انعكاسات تلك العلاقات المشبوهة مع الكيان الصهيوني في الماضي والحاضر، ولعل أبرزها وأخطرها هي تلك المتمثلة بعلاقات بعض دول الخليج المشبوهة مع إسرائيل والتي أخذت طابعاً سرياً في أغلبها والتي ولدت بادئ ذي بدء مع اتفاقات أوسلو التي تم التوقيع عليها في عام 1993.‏

وكان من أخطر علاقات دول الخليج مع الكيان الصهيوني هي تلك التي نسجتها قطر مع العدو الإسرائيلي خفية وخلسة وبعيداً عن الأنظار كونها تحاول أن تخفي خلفها ذلك الوجه الحقيقي البشع والقذر لحكام الخليج الذين تلبسوا قناع العروبة لإخفاء عوراتهم وسوءاتهم التي كشفها وفضحها الجانب الإسرائيلي تدريجياً، حيث يشير سامي  ريفيل  رئيس مكتب المصالح الاسرائيلية في الدوحة الذي يعد أول دبلوماسى إسرائيلي يعمل في قطر في كتابه الذي حمل عنوان (قطر وإسرائيل ملف العلاقات السرية).. يشير إلى مسارعة أمير قطر إلى إقامة العلاقات مع إسرائيل عقب الانقلاب على والده في حزيران عام 1995، كما أنه يشير في هذا الصدد إلى تصريح أدلى به أمير قطر لقناة (أم بي سي) بعد 3 شهور فقط من توليه الحكم، قال فيه: إن هناك خطة لمشروع غاز بين قطر وإسرائيل والأردن، مطالباً في الوقت ذاته بإلغاء الحصار الاقتصادي المفروض من جانب العرب على إسرائيل!!‏

ويضيف ريفيل في كتابه إن أولى علامات التطبيع بين إسرائيل والدول العربية تمثلت في مشاركة إسرائيل في مؤتمر القمة الاقتصادي بالدار البيضاء في المغرب في العام 1994 بحضور وفود عن دول الخليج والمغرب العربي حيث تمخض عن هذا اللقاء إعلان مجلس دول التعاون الخليجي في أيلول من العام نفسه وقف المقاطعة الاقتصادية غير المباشرة المفروضة على الشركات العاملة في إسرائيل أو معها.‏

وفيما يتعلق بالعلاقات السرية بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل فقد كشف المستشار السياسي بالسفارة الأميركية في تل أبيب بعضاً من تفاصيل لقائه مع رئيس دائرة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الإسرائيلية يعكوف هداس، حيث أكد له الأخير متانة العلاقات الشخصية بين وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني وبين نظيرها الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد، مضيفاً أن وزير الخارجية الإماراتي أنشأ علاقات شخصية جيدة مع وزيرة الخارجية ليفني؟!.. كما كتبت «هآرتس» في هذا السياق موضحة أنه لا يوجد لإسرائيل والإمارات أي علاقات دبلوماسية رسمية، إلا أنه بالمقابل هناك حوار سري ومتواصل كان بين الطرفين خلال ولاية حكومة إيهود أولمرت.‏

وعن العلاقات السعودية الإسرائيلية فقد كشفت وثيقة جديدة لموقع (ويكيليكس) أن المملكة العربية السعودية لديها اتصالات مع إسرائيل، وحسب الوثيقة فقد أقر نائب المدير العام للشرق الأوسط بالخارجية الإسرائيلية يعقوب هداس هاندلسمان بأن الاتصالات الإسرائيلية مع المملكة العربية السعودية يتم إجراؤها عبر قنوات أخرى، وعن سلطنة عمان قال هداس إنه تحدث مؤخراً مع المسؤولين في وزارة الخارجية العمانية، مضيفاً أنه أصبح مخيباً للآمال جهود عمان المتواصلة لاستيعاب إيران.‏

بدورها كشفت صحيفة الـ (واشنطن تايمز) عن عدة لقاءات دبلوماسية سرية حصلت على مستوى رفيع بين إسرائيل وكل من السعودية ودولة قطر وسلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة، بالرغم من كونها دولا عربية لا تعترف بما أسمتها الصحيفة بـ (الدولة اليهودية)، وأضافت الصحيفة أنه بالرغم من الخطابات العلنية العدائية ضد إسرائيل، فإن الدبلوماسيين العرب طلبوا من (تل أبيب) سراً وفيما وراء الكواليس أن تنقل رسائل إلى الحكومة الأميركية وتحثها على اتخاذ إجراء أقسى ضد طهران بسبب برنامجها النووي، وإزاء دعمها لما سمتها الحركات السياسية (المتطرفة) و(الإرهاب) في الشرق الأوسط.‏

وأما فيما يخص العلاقات السرية بين المغرب وإسرائيل فقد أكد بعض خبراء السياسة أن العلاقات المغربية الإسرائيلية بدأت عام 1955، حين قرر الموساد حماية يهود المغرب، تمهيداً لإخراجهم إلى إسرائيل، كما تؤكد الدراسات أن العلاقات بين إسرائيل والقصر الملكي لم تنته بعد عملية هجرة اليهود بل على العكس من ذلك، بدأ بين الدولتين تعاون منقطع النظير حيث زودت إسرائيل في أواخر عام 1961 المغرب بأسلحة قتالية وقامت بتدريب الضباط والجنود المغاربيين للدخول في حرب مع الجزائر.‏

وتؤكد معظم التسريبات الاعلامية الى أن الاتصالات بين النظام المغربي والكيان الصهيوني لم تنقطع، رغم إغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط عام 2000 ومغادرة الدبلوماسي الإسرائيلي غادي غولان الذي كان يتمتع برتبة سفير، كما استقبل العاهل المغربي محمد السادس في 2003 مسؤول الدبلوماسية الإسرائيلية آنذاك سلفين شالوم، وفي كانون الثاني 2008، قام المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية أهارون أبراموفيتش بزيارة رسمية إلى الرباط، كما قالت محطة إذاعية إسرائيلية في العام 2009 إن وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان التقى في نيويورك نظيره المغربي الطيب الفاسي الفهري، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية