|
شؤون سياسية وتداعياتها وانعكاس ذلك على مجمل الحالة الاقتصادية بخصوص أسعار النفط والذهب والغذاء واليورو والدولار ,وهذا يطرح سؤالا مهما حول طبيعة البلدان التي ستصل إلى مرحلة الإفلاس في المرحلة المقبلة ,وهل يوجد ترابط بين الأزمة المالية وما يحدث في المنطقة العربية؟ . تخفيض درجة التصنيف الائتماني منذ فترة للولايات المتحدة ومؤخرا فرنسا ودول أخرى وخطر الإفلاس في عدد من الدول الأوروبية جعل العديد من المحللين يتحدثون عن دخول أوروبا بموجة جديدة من الأزمة المالية والاقتصادية العالمية .البعض يصل في تحليلاته إلى أن النخب السياسية في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية وعلى وقع تصاعد الأزمة الاقتصادية والتي قد تتحول إلى أزمة سياسية ,وبهذا الخصوص تتردد بعض المخاوف من أن تدفع الصعوبات الاقتصادية إلى تشديد التدخل بشؤون الآخرين أو ربما إشعال فتيل حروب جديدة في آسيا وأفريقيا أو خلق أزمات مفتعلة من أجل الاحتفاظ بالمواقع السلطوية إن صح التعبير لكل من أوروبا والولايات المتحدة ,إلا إن الفكرة الأكثر تفاؤلا تقول أن الأزمة الاقتصادية العالمية التي بدأت في عام 2008 لم تؤد حتى الآن إلى عواقب كارثية , على الرغم من أنها لم تتراجع في أي بلد من البلدان ,ويعتقد البعض أن غياب الإصلاحات الجذرية في الساحة المالية العالمية يعمق حالة الهلع والترقب ويزيد من حدة القلق . لابد من القول إن اليونان تتأرجح فوق هاوية الإفلاس , أو على الأقل هكذا تبدو المؤشرات والمعطيات على ارض الواقع , وهذا يجعلنا نتحدث فيما لوانهار ثالث اكبر اقتصاد في أوروبا وهو ايطاليا ,وبالتالي ماهو مصير منطقة اليورو من جهة , وإلى أي مدى سينخفض سعر صرف العملة الأوروبية ,وفي هذه الحالة أين تكمن الحلول من خارج الاتحاد الأوروبي , وما تأثير ذلك على الرساميل العالمية والعربية . خطر إفلاس اليونان واحتمال خروجها من منطقة اليورو ,وبالتالي من الاتحاد الأوروبي كتحصيل حاصل ,أثار حالة من الخوف بين الساسة الاوروبيين ,وهذا الوضع بدأ يهدد دول القارة الأوروبية التي أمضت عقودا من السنين في رص صفوفها للوصول إلى ماهي عليه . بالمقارنة مع ديون اليونان تنطوي مديونية الاقتصاد الايطالي على مخاطر اكبر بكثير ,فإن عواقب إفلاس ايطاليا المحتمل يمكن أن تكون كارثية على منطقة اليورو بكاملها ,لان فرنسا قد تتلقى الضربة بعد ذلك ,ومن جهة أخرى التوقعات بقدرة صمود الاقتصاد الألماني في وجه العاصفة ,إلا أنه في حال تفاقم أزمة منطقة اليورو فإنه سيضطر لوحده إنقاذ باقي بلدانها المكبلة بالديون ,وثمة رأي يقول إن المخرج الوحيد بالنسبة للعملة الأوروبية في هذه الحالة هو الإصدارات النقدية المكثفة والتضخم الذي سيدفع الرساميل إلى الفرار من أوروبا على نطاق واسع. ولا بد من متابعة جميع الدراسات والأبحاث والتقارير التي تتابع وتتحدث عن الفترة القادمة والمعطيات الاقتصادية على الصعيد العالمي وانعكاس ذلك على أسعار المواد الغذائية بالدرجة الأولى كونها تشكل هاجساً لدى غالبية دول العالم وكيفية التعامل مع ارتفاع وجنون أسعار المواد الغذائية وخصوصا القمح , ويطرح الكثيرون سؤالا مهما حول إذا ماكان ثمة طريقة لكبح الزيادة المتصاعدة لأسعار الحبوب وغيرها من المواد الغذائية في الأسواق العالمية , ومدى قدرة منظمة (الفاو) للأغذية والزراعة على مواجهة التحديات المناخية ومضاربة البورصات . الأبحاث تشير إلى أن العالم دخل نفقا طويلا لأزمة غذائية مستدامة ستكون من اثر نتائجها اضطرابات اجتماعية في البلدان النامية خاصة والدول الأقل تطورا ,ويحذر الخبراء من أن أسعار المواد الغذائية ستتضاعف على امتداد السنوات القادمة ,وأول من يعاني من جراء ذلك هم سكان العالم ذوو الدخل المحدود ,وفي تصورات المنظمة الدولية للزراعة والأغذية (الفاو) يكمن حل المشكلة في الإصلاح الجدي والمنسق لنظام توزيع الأغذية على النطاق العالمي , ومن المؤسف أن الهيئات والمنظمات الدولية المدعوة لمعالجة قضايا الأمن الغذائي وخصوصا أن منظمة الفاو عاجزة حاليا عن ممارسة تأثير مباشر على الأسواق العالمية للأغذية التي تتوخى بالدرجة الأولى الحصول على الأرباح ولا تنطلق من اعتبارات إنسانية أو إغاثية . العالم يتجه إلى تحولات كبرى على الصعيد الاقتصادي والتي قد تظهر عبر أزمات مالية واقتصادية والتي تحدثنا عنها سابقا,إضافة إلى تحولات سياسية تجعل سياسة القطب الواحد تتبخر ليظهر مكانها من الآن فصاعدا أقطاب متعددة تشكل بجملها مخمدات لسياسة الولايات المتحدة وشركائها والتي تعتمد على السيطرة المطلقة على مقدرات العالم .؟ ! . |
|