|
ساخرة ثم انتقل إلى لبنان حيث تخرج في الجامعة الأميركية، وقد عشق الصحافة، فعمل في عدد من الصحف التي كانت تصدر في عشرينيات القرن الماضي وثلاثينياته، قبل أن يتمكن من إصدار صحيفته الخاصة. لفت النظر في مسيرته، قيامه بإصدار جريدة باسم الدستور لم تلبث سلطات الاحتلال الفرنسي أن أغلقتها في سنة تأسيسها 1932، لكن ذلك لم يثنه عن متابعة المحاولة، فأصدر بعد سنتين أي 1934 صحيفة أخرى، لم يلبث الفرنسيون أن أغلقوها أيضاً نظراً لقيامها بمهاجمة سلطات الاحتلال والمطالبة باستقلال البلاد. آخر دقيقة وغرائب الأخبار وقبل أن يصدر صحيفته التي نالت شهرة ونجاحاً واسمها (آخر دقيقة) عمل في عدد من الصحف الدمشقية، خاصة جريدتي (الأيام) لصاحبها نصوح بابيل و(القبس) لصاحبها نجيب الريس، عني بصورة خاصة في (آخر دقيقة) التي أصدرها بعد الجلاء عام 1946، بنشر غرائب الأخبار التي كان يبحث عنها، والتحقيقات المثيرة التي كان يجريها بنفسه مثل حكاية (الإنسان الغزال) وأقول (حكاية) لا تحقيق، لأن الخيال لعب دوراً كبيراً في هذا الأمر. يروون عن الإنسان الغزال أذكر ذلك جيداً في ذلك العام 1946 كنت وقتها في الحادية عشة من عمري وقد سمعت الأهل، ولا سيما أخي الأكبر مصطفى رحمه الله وهو الذي كان من هواة المطالعة واقتناء الكتب والصحف والمجلات، يروون ماذكره سامي الشمعة في«آخر دقيقة» عن الإنسان الغزال. فتى يركض بين الغزلان فما هي الحكاية، كما رواها هذا الصحفي العجيب؟ إن أحدهم من هواة صيد الحيوانات في البراري والصحاري وخاصة البط الذي كان يكثر عند بحيرتي(العتيبة) و(الهيجانة)- قبل أن تجف هاتان البحيرتان- والغزلان التي كانت كثيرة، تسرح وتمرح في بادية الشام.... إن هذا الصياد وجد عند بعض أطراف البادية، ذلك الفتى، الذي كان يركض بين الغزلان مثل ركضها، في سرعة عجيبة. الإنسان الغزال في خم الدجاج وهكذا، فإن الصياد لم يعد يهتم بأمر الغزلان التي جاء يصيد بعضها، قدر اهتمامه بذاك الفتى- الغزال، فظل يطارده بسيارته (الجيب) حتى وصل إليه، فألقى القبض عليه وجاء به معه إلى دمشق حيث حبسه في ما يشبه(خم) الدجاج، فكان يجلب له الماء والطعام، ويساعده في قضاء حاجاته. في شوارع دمشق.. يركض وفي غفلة من غفلات العين، غادر الإنسان- الغزال حبسه وشرد في شوارع دمشق، وعاد سامي الشمعة لايدري شيئاً من أمره... وانتهت الحكاية- التحقيق عند هذا الحد، لدى هذا الصحفي الذي لم تعرف دمشق مثيلاً له. الإنسان الغزال يسابق سيارة أما أنا، فإن لي شهادة في هذا الشأن، فذات نهار، فيما كنت أتسكع في حارتنا (مئذنة الشحم) في ذلك الزمن سنتي 1946-1947. رأيت الإنسان الغزال شخصياً مازلت أذكر الأمر كأنه حدث بالأمس: سيارات قليلة جداًَ، كانت تمر في الحي، الأكثر كان عبور الطنابر وطنابر الخيل السريعة ذات العجلات الست، والكراجات التي يجرها إنسان وقد رأيت في ذلك الوقت الإنسان الغزال شخصياً، وهو يسابق سيارة شاحنة كانت تمر أمام مسجد الحي. حكايات عن مزاج الشمعة بقي أن أذكر بعض شائعات كنت سمعتهاعن مزاج هذا الصحفي الغريب، فقد قيل إنه كان مدمناً على الكحول، وربما فسر ذلك قصر عمره ذاك أنه لم يعش أكثر من أربعين سنة، وقيل أيضاً أنه كان يهوى التجول بين القبور في الترب الدمشقية، في أوقات مختلفة من النهار والمساء وربما تناول بعض الشراب هناك..الخ..الخ.. مما يظل أقوالاً وشائعات. آخر دقيقة مدرسة صحفية أحسب أخيراً، وعلى كل حال أن (آخر دقيقة) كانت لوناً خاصاً في الصحافة السورية، كدت أدعوها: مدرسة وقد تأثر بها بعض الصحف التي صدرت في خمسينيات القرن الماضي، ولا سيما جريدة (دمشق المساء) لصاحبها نصوح لدوجي ومجلتا(الرقيب) لصاحبها عثمان شحرور و(الدنيا) لصاحبها عبد الغني العطري. سامي الشمعة.. مؤلفاً يقتضي الإنصاف أن نذكر أن سامي الشمعة، بعيداً عن رواق صاحبة الجلالة السلطة الرابعة- الصحافة- كان كاتباً حقيقياً يذكر له د. مهيار عدنان الملوحي في (معجم الجرائد السورية) أربعة مؤلفات هي: 1- مذكرات فيصل عن القضية العربية واحتلال سورية. 2- القضية السورية والقضية العربية. 3- فنون الحب. 4- اليهودي(شايلوك) مسرحية ترجمها عن الفرنسية. وقد طبعت هذه الكتب سنة 1940 مكتبة دار اليقظة. |
|