تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مونودراما «ليلة الوداع».. ســعفةٌ مـــن نخــل الواقــع

ثقافـــــــة
الخميس 2-2-2012
ضحى حسن

أيام قليلة تفصلنا عن العرض المسرحي المونودرامي «ليلة الوداع» للمخرجة سهير برهوم والكاتب المسرحي جوان جان..... «ليلة الوداع» تجربة مونودرامية ثانية للكاتب يطرح فيها لفتة إنسانية تناوش الوجدان، ضمن نسيج درامي يستند على كتف شخصية محورية ذات أبعاد واقعية قريبة وبعيدة، تجسدها الفنانة القديرة «فيلدا سمور»

في زحمة «البروفات» الأخيرة للعرض أفادنا المؤلف «جوان جان» بأن العمل يعالج قصة إمرأة مسنة تعاني الوحدة والعزلة بعد وفاة زوجها وانشغال أولادها في مشاغل وملذات الحياة، لتجد نفسها منكمشة وضعيفة وهي التي لطالما كانت إمرأة قوية وجبارة...فكيف لمثلها أن تتقبل هذه العزلة الخانقة!!‏

فجأةً... ومن رحم أحزانها ومعاناتها منذ الطفولة مروراً بحبها الأول وإجبارها على زواجٍ لم تر فيه إلا القسوة والظلم..قررت أن تنفض عنها غبار الآلام وتكسر عزلتها وتخرج إلى العالم.‏

تصف المخرجة «سهير برهوم» العمل بسعفةٍ من نخل الحقيقة والواقع، أو حالة حياة تعيشها نساء مجتمعنا بكثرة، دون أن يسَلط عليها الضوء الكافي لتظهر للعيان، فتحرك الوجدان الإنساني على أقل تقدير، وتضيف لصراع المرأة مع المجتمع الشرقي حجة جديدة.‏

وتنوّه «سهير» إلى أن النص يلتقط أفكاراً هامة، كحالة الوحدة والعزلة والذكريات المخيبة لزواج قسري وحنين لحب غابر....وماآخرها الانتفاضة على الواقع وكسر سلاسل العزلة...كلها أفكار لامستها من الداخل كامرأة، وهيجت عزيمتها ومخيلتها الإخراجية كمخرجة، لتخلق علاقة حميمية لا بدّ وأن تطفح على تفاصيل العرض، خاصةً أنه يمثل منطلقاً جديداً لتحرير زخم فكري إخراجي كان حبيس عشر سنوات من الانتظار..فالعمل بمثابة باكورة أعمالها الإخراجية اللاحقة.‏

وحول إخراجها لهذا الفن المسرحي فهي ترى أن «المونودراما» أو مسرح الممثل الواحد يلقي العاتق الأكبر على الممثل وقدراته التمثيلية، فبقدر ما يوظف خبراته ومهارته باستحضار الشخصيات بانداماج ودون انقطاع مستعيناً «بالإكسسوارات»، بقدر ما يوصل تطلعات العرض والذي هو بطبيعة الحال متعدد الشخصيات «الزوج، الحبيب، الأولاد، إضافة للشخصية الأساسية»‏

أما بالنسبة للتأليف الموسيقي للنص.... تشير «سهير» إلى أن المسرحية برعاية الموسيقي الكبير جوان قرجولي، والذي سيضبط إيقاع المسرحية من انطباعه الحسي للنص المسرحي ومن مخزونه الموسيقي الكبير.‏

وعن «ليلة الوداع» يعلق «جوان جان»: «ليلة الوداع تجربتي الثانية في المونودراما بعد «خطبة لاذعة ضد رجل جالس» المعدة عن نص للكاتب ماركيز،والتجربتان تتشابهان في طرحهما لقضايا المرأة، لكن العمل الأول اقتصر على علاقة الشخصية مع زوجها في حين «ليلة الوداع» توسعت أكثر في إظهار علاقات الشخصية الأساسية «حياة» مع الزوج، والحبيب، والجيران والأولاد بحيث تظهرهذه الشخصيات ضمن مونولوج تداعيات أوشذرات الآلام والمعاناة التي مرت بها «حياة» منذ طفولتها مروراً بحبها الأول وإجبار والدها لها على الزواج...هكذا.... وحتى الكِبر.»‏

أما رؤيته للمونودراما واحتلالهاللمهرجانات العربية والدولية، يشير «جوان» إلى أن مايدفع الكتّاب المسرحيين لهذا النوع المسرحي، بالدرجة الأولى صعوبة جمع عدد كبير من الممثلين في عمل مسرحي، فمعظمهم منشغلون بالتلفزيون أوالدوبلاج أو السينما،إضافة للمشكلات الإنتاجية التي تواجهها مثل هذه المسرحيات، وبناءً عليه فإن المخرجين يميلون للمونودراما أو مسرح الممثل الواحد، والذي يلقى مؤخراً نجاحاً وازدهاراً عربياً ودولياً، بالإضافة لأهمية المونودراما كلون مسرحي فهو من أصعب الفنون المسرحية، وتكمن الصعوبة فيه بكيفية جذب انتباه الجمهور لمتابعة فنان واحد يلعب أكثر من شخصية في وقت واحد لمدة ساعة كاملة.‏

تؤيده بطلة العرض الفنانة «فيلدا سمور» حيث وصفت مسرح المونودراما بمسرح نخبوي وليس جماهيري فمن يحضره عادةً هو المهتم بالمسرح. وتقول: «إن المونودراما فيها كثير من التحدي فهي مليئة بالمخاطر، ويجب على من يجسد مثل هذا المسرح أن يكون قادراً على الأداء المتواصل دون انقطاع، وكذلك الانتقال من حالة إلى حالة (فتارةً هيجان وتارةً انضباط) ومن شخصية إلى أخرى، ويمتلك جسداً مطواعاً وطاقات صوتية كبيرة،ليقتنع بأدائه الجمهور ولا يشعرهم بالملل».‏

وعن دورها بالعمل تشير إلى أن العمل هو محاولة لإلقاء الضوء على مرحلة الشيخوخة، فهي تجسد شخصية «حياة» امرأة مسنة هجرتها كل العلاقات الإنسانية،»حياة» هي حالة قد يعيشها كل إنسان يوم ما، أو ربما يعاني منها أكثر من نصف المسنين في مجتمعنا، وهذا مايجعل الدور محمّلاً بأسمى رسالةٍ إنسانية، لذلك على من يجسده أن يكون على قدر ٍ عالٍ من المسؤولية في الأداء لإيصال الرسالة، وهو مايصعب على أي فنان مسرحي مبتدئ أو تنقصه الخبرة، حيث لا يفصل بين حالته المزاجية وحالة الشخصية فينعكس سلباً على أدائه.... الأمر برمته بحاجة لخبرة تثقل شخصية الممثل المسرحي ليصبح قادراً على الولوج في أعماق الشخصية بعيداً عن الهموم والمشكلات.‏

وأخيراً: لابد أن نذكر أن مساعد مخرج العمل هو عبد الناصر حسو، وتصميم الديكور لأسامة دويعر، وتصميم الملابس فيروز علوني، وإشراف التنفيذ الفني لمحمد وحيد قذق.‏

وسيعرض العمل «ليلة الوداع» في اليوم الثاني من شهر شباط القادم على خشبة مسرح القباني.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية