|
|
ثقافة من هؤلاء الشاعر أحمد عباس مهنا الذي ولد عام 1933م في قرية الزيادية من منطقة جبلة، عاش طفولته في قريته وشبَ فيها، متأثراً بالطبيعة الجميلة التي تحفُّ به من كل جانب. إلى الشرق من قريته تنتصب الجبال الخضراء تغري بالتطلع إلى العلو والشموخ، ومن جهة الغرب يرسم البحر أفقاً مفتوحاً.
تلقى الشاعر تعليماً بسيطاً في مدارس الناحية. إلا أنه نشأ عصامياً يمتح معارفه من مدرسة الحياة ومن مطالعاته المتنوعة. تأثر الشاعر بالطبيعة وظهر ذلك في كل أشعاره، وبشكل خاص ديوانه الأول «ثورة النغم» صدر عام 1963 في دمشق، وهو مجموعة قصائد رومانسية، من بواكير الشاعر التي بشرت بشاعر يمتلك حساسية شعرية واضحة، ومن أجواء هذا الديوان، هذه الأبيات من قصيدة بعنوان: «ماتغيرت»: ذكرتني عهداً صفياً جميلا عندما شارف الصبا أن يزولا ثم قالت: نسيتنا يوم كنَّا.. نتلاقى، مع الحياة، شمولا؟.. نسكب العطر في ربيع هوانا ويمرُّ الزمان فينا عجولا.. كم طوينا من النعيم زماناً ونشرنا على الحياة ميولا؟.. كان لي رقّة النسائم لمَّا.. كنتَ لي أيُّها الصدى، مأمولا ولقد كنت في شبابك، غضاً باسقاً، عدَّك الزمان، خليلا.. فيك روح من خمرة الصبح تعطي من شذاها الفؤاد، حتى يميلا خمدت فيك جذوة من أوار.. كان منها على صباك دليلا.. استفاد الشاعر من المخزون الثقافي العربي في الشعر والنثر، والأخبار وحفظ الكثير منه، وكان له تأثير على لغته البلاغية الموموسقة، وجملته الشعرية الطويلة في قصائده النثرية اللاحقة. تجاوب الشاعر مع شعر الحداثة وكتب قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر بالإضافة إلى القصائد الخليلية من شعره الحديث، على سبيل المثال لا الحصر، نقتطف من ديوان مخطوط روح الحياة: بنتِ الحياة قصيدتي للطهر.. للأحلام أكتبها لمواسم العشاق.. للفجر المعطر بالعبير وأنا أسير إلى مراتع واحة العمر النضير.. وكتبت بوحي للسواقي وللغدير.. للطير, للكثبان للوديان للطفل الصغير وأخذت من روحي وهاديت الأنام فلتستفق روح الحياة بمهجة الدنيا, ويغمرها السلام.. الكون أجمع ٌ: قريتي وبنوه أهل مودتي لو يبعث الله الحياة بلا جنون واحتراب ويزيل ما ينفي السرور وكل ما يئد الحياة لو تزول النائبات..وكل آلات الدمار الآلة الخرساء إذ صنعت لتنفي الكائنات فبحقك اللهم هذي لو تزول فتفيض بركات الحقول وكل ما يهب السرور وكتب قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر بالإضافة إلى القصائد الخليلية. وصدر له ديوان «النهوض» عام 1981 عن دار مجلة الثقافة في دمشق، وديوان «موسيقا ليلية» عن دار أرواد - طرطوس 1990 من قصائده النثرية، من ديوان موسيقا ليلية: جلست على مقعدي الحجري.. أرنو إلى البعيد.. كانت المدن تطير في الفضاء كالسحب التائهة.. والحمائم تواكب سير المدن.. طارت المدن، طارت الحمائم.. لافي النهار ولا في الليل.. تضيع من عينيَّ هذه المواكب..ولا ينعدم الطيران فوق الأرض.. وله مسرحية: «إعادة تأهيل» عن دار الينابيع دمشق وثلاث روايات مخطوطة. التزم الشاعر والأديب أحمد عباس مهنا بالقضايا الوطنية، وكان واضحاً في توجهه التقدمي في الأدب وفي الحياة. |
|
