|
هآرتس محققة في ذلك أمنياتهم المتمثلة: بالانتقام من حماس التي دأبت على إطلاق صواريخها على مدن جنوبي «إسرائيل» واسترداد سمعة «إسرائيل» وتوجيه ضربة قاصمة للمنظمة واستعادة الأراضي التي تم الانسحاب منها عام 2005 وتوجيه رسالة عنيفة إلى إيران و مثلها إلى حزب الله وأبرزت قلقها من المخاطر التي يتعرض لها مواطنوها ، الأمر الذي سيمكنها من الحصول على بعض الميزات الانتخابية والحكومة بتصرفها هذا جعلت الشعب يطلق العنان لخياله ليهتف مؤيداً للحرب عندما نقلت إليه وسائل الإعلام بأن الطائرات الإسرائيلية قد قصفت آلاف المواقع في قلب غزة، وربما تزمع القوات غداً باقتحام الشوارع وتصفية قادة حماس أمثال اسماعيل هنية، ومشير المصري ومحمود الزهار والسيطرة على مبنى حكومة حماس وعندها سيظهر لنا الناطق باسم القوات الإسرائيلية ليعرض ما عثروا عليه من أسلحة وقذائف وآلاف البنادق. وتستمر الأحلام بتمكن قوات الكوماندوس من إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط وإعادته حياً إلى والديه ومن ثم تبدأ القوات بعمل أكثر تعقيداً عندما تبدأ بتفتيشها لبيوت غزة بيتا بيتاً بهدف اعتقال المشتبه بهم وستخفف وسائل الإعلام من اهتمامها ويعود الهدوء إلى سديروت وتجري الانتخابات في حينها حيث سيبدأ الصراع بين قادة الأحزاب تسيبي ليفني وإيهود باراك وبنيامين نتنياهو ويتفاخر كل منهم بدوره فيما تحقق من نجاح في الحملة على غزة. إن السيناريو الذي أتينا على ذكره لم يكن سوى محض خيال، أما السيناريو الحقيقي فستخبرنا به لجنة التحقيق والتحري عن حقائق الأمور التي حدثت في غزة، من حيث عدد الجنود الذين قتلوا في المرحلة الأولى والمدة التي امضتها القوات الإسرائيلية في مسح بيوت غزة، وأنفاقها وعدد المدنيين الفلسطينيين الذين قتلوا وعن بقاء جلعاد شاليط على قيد الحياة في مثل هذه الظروف، والدور الذي لعبه حزب الله إزاء الهجوم على غزة وردود الفعل لسكان الضفة الغربية والأردن ومصر، وتصرف الرئيس الأميركي الجديد وطريقة الرد للرئيس الفلسطيني محمود عباس ومدى اهتمامه بهذا الأمر. تزعم الحكومة بأن لديها كل الحق باتخاذ الإجراءات المناسبة بحسب التهديد الذي يتعرض له مواطنوها ولا ريب فإن هذا السبب قد اختلقته الحكومة لتبرير ما أقدمت عليه إذ ليس ثمة دولة تقبل بأن تتعرض مدنها للقصف بين حين وآخر والحكومة في هذا الإدعاء قد ماثلت حماس عندما قالت:إن ما تقوم به ما هو إلا نتيجة الحصار الطويل الأمد على القطاع، وعدم إمكانها تحمل ما يتعرض له قادتها من استهداف وما يتعرض له المدنيون من قصف جوي، وبعد جدل وحوار وافقت حماس على التهدئة لإنهاء الصراع. نستذكر اليوم ما سبق وأن ادعته «اسرائيل» في بدء حربها الثانية على لبنان التي خرجت منها بهزيمة نكراء دون أن تحقق السيناريو الذي أعدته بشكل مسبق الأمر الذي يجعل من الصعوبة علينا التكهن بمدى إمكانية تحقيق السيناريو الجديد حول غزة. لقد كانت الذريعة الرئيسة للحرب اللبنانية استعادة الجنديين المختطفين وتدمير البنية العسكرية لحزب الله، أما عملية غزة فهي مختلفة في أهدافها عن الحرب اللبنانية، إذ إ نها تقوم على الإدعاء بأنها تهدف إلى وقف إطلاق الصواريخ على النقب وتدمير سلطة حماس، الأمر الذي سيمكنها من تغيير الحكم في غزة وإعادة سيطرة عباس عليها تحت حماية القوات العسكرية الإسرائيلية لكن قبل ضياع السيناريو الحلم دعونا نرى الحقائق القائمة على أرض الواقع. قبل ستة أشهر تحقق لإسرائيل مارغبته من وقف حماس لإطلاق صواريخها لكنها أخلت بما التزمت به عندما عمدت إلى قصف أحد الأنفاق منتهكة اتفاق التهدئة من طرف واحد ومن ثم لجأت إلى مصر للتوسط مع المجموعات الإسلامية لعلها تستمر بوقف إطلاق النار، لكن هل يمكن العودة إلى التهدئة في ظل ما ارتكبته من أعمال عسكرية. لقد أعلنت حماس بشكل جلي وواضح عن شروطها لتمديد التهدئة وهي: فتح المعابر لمرور البضائع ووقف هجمات القوات الإسرائيلية على غزة. وأن يكون هذا الأمر بداية لاتفاقية دائمة، وكما أن حماس أبدت رغبتها في تمديد وقف إطلاق النار وشموله للضفة الغربية أيضاً، أما «إسرائيل» فقد طالبت بأن تكون التهدئة حقيقية بحيث لا تطلق عليها أي صواريخ من القساميين أو حماس أو الجهاد الإسلامي أو أي مجموعة أخرى. لا ريب بأن «إسرائيل» لا ترى مانعاً من سيطرة حماس على غزة .هذا وحيث إن الحكومة الإسرائيلية قد أعلنت عن عدم رغبتها في العودة لاحتلال غزة بشكل مباشر فلماذا يستمر القتال ولم لا يتم عقد اتفاق تحقق به مصالح الطرفين؟. > |
|