تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أين الشرعية الدولية مما يجري؟

شؤون سياسية
الاثنين 5-1-2009م
محمد كشك -كاتب سوداني

لا تزال «إسرائيل» الارهابية تشن عدوانها الوحشي على الفلسطينيين ولاتزال الأمم المتحدة تتجاهل هذه الجريمة الكارثية - ولم يتحرك أحد من مجلس الأمن لوقف العدوان، وهذا يعني أن الأمم المتحدة تقف متفرجة على ذبح شعب وتدمير حضارته وثروته، وتاركة الفرصة كاملة لإسرائيل لتحقيق أهدافها.

إن المجازر الصهيونية التي يتم ارتكابها ليس لها أي مبرر عسكري أو سياسي ولا يمكن إلا أن تكون عملاً من جرائم الحرب بامتياز، ونوعاً من القتل البربري.‏

ومع الإجماع العالمي على أن هذا العمل جريمة حرب فقد اكتفى مجلس الأمن فقط بالتعاطف مع الضحايا!! ويجدر بنا هنا أن نشير إلى اعتراف السكرتير العام السابق للأمم المتحدة كورت فالدهايم بفشل الأمم المتحدة تجاه عملية السلام حين قال ذات مرة: إن الأمم المتحدة آلة للكذب من أجل السلام.‏

وهذا الحديث من مسؤول سابق بالمنظمة الدولية وفتح الطريق للمزيد من الاستهتار بدور وأهمية ومصداقية هذه المنظمة تجاه قضايا الشعب المضطهدة المعقدة!! وهي المفروض فيها السعي لنشر الأمن والسلام وفض النزاعات وتحقيق العدل... إلا أن شيئاً كهذا لم يحدث اللهم إلا إذا توافقت مصالح الكبار، أو جاء الحل وفقاً لمصلحة هذه المصالح!! وهذا يرجع إلى طبيعة وبنية الأمم المتحدة التي تتكون من هيئتين رئيسيتين هي الجمعية العامة التي تضم كل الدول، ولكن قرارها استشاري أي لاقيمة عملية له! ومجلس الأمن الذي يحظى بسلطات حقيقية وفقاً للمادة الثانية من ميثاق مجلس الأمن ولكن هذه السلطات محكومة بإرادة خمس دول فقط من العالم هي الدول الكبرى صاحبة حق الفيتو بالإضافة إلى عشر دول لها صوت في مجلس الأمن تتغير كل عامين وهي لا تملك حق الفيتو.. وهكذا فإن أي قرار لا يروق لإسرائيل فإن الولايات المتحدة الأميركية تعترض عليه بالفيتو، وإذا مر القرار كان ضعيفاً ويمكن.. أيضاً لإسرائيل أن تتجاهله دون أن يترتب على ذلك أي عقوبة عليها أو تدخل عسكري ضدها.. وهنا يتبين أن القرارات التي صدرت من الأمم المتحدة كرست للاعتراف «بإسرائيل» حال نشأتها.. أو جاءت ضد «إسرائيل» في أشياء جزئية، ومع ذلك لم يتم احترامها وهكذا كانت الأمم المتحدة من نشأتها عبئاً بلا قيمة أو عاملاً سلبياً بالنسبة للمنطقة العربية! وحتى بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق وغياب الاستقطاب الدولي وانفراد أميركا بالهيمنة على العالم فإن الأمم المتحدة لم تعد فقط عبئاً على العالم العربي أو الاسلامي بل والعالم عموماً.. وذهبت إلى أبعد من ذلك في تدني مسؤوليتها إلى درجة المهزلة، إذ صارت أداة بين الولايات المتحدة الأميركية تحركها كيف تشاء وتستخدمها في تغطية أهدافها وأعمالها الإجرامية- قرارات كثيرة لم تنفذ من بينها- على سبيل المثال - قرار حق تقرير المصير لشعب كشمير، أو القرار 242 الخاص بالانسحاب الإسرائيلي من أراضي 1967 أو القرار 338 في نفس الموضوع أو قرار عودة اللاجئين وحتى القرار 425 الخاص بالانسحاب الإسرائيلي من لبنان تجاهلته «إسرائيل» لمدة عشرين عاماً، ولم تنسحب «إسرائيل من لبنان وفقاً لهذا القرار، بل تحت ضغط وانتصار المقاومة اللبنانية، وفي نفس الوقت فإن القرارات ضد العرب تم تنفيذها بالقوة أو بالضغط ومن أمثلة ذلك قرارات العقوبات على ليبيا أو السودان أو سورية وكذلك إيران .. إلخ.. ولعل القرارات الخاصة بالعراق بدءاً من قرار التدخل العسكري ثم العقوبات منذ عام 1991 والتي أدت إلى موت نصف مليون عراقي وإفلاس العراق ثم التدخل الأميركي في العراق والعدوان عليه وغزوه واحتلاله عام 2003 بتفسير أحادي لقرار مجلس الأمن ثم صدور قرار مجلس الأمن بالاعتراف بالاحتلال الأميركي وتحويل اسم قوات الاحتلال إلى ما يسمى بقوات متعددة الجنسيات هي حالة واضحة لمدى الظلم الذي يقع على العرب تحت عنوان قرارات مجلس الأمن والشرعية الدولية مع العلم أن «إسرائيل» تقوم بكل الممارسات الاستفزازية من إبادة وقتل وتدمير الأرض والبيئة تحت سمع وبصر الأمم المتحدة ولا يتحرك أحد!!‏

إن الأمم المتحدة بصورتها العقيمة غير المتجددة والمتطورة لم ولن تخدم العالم، ولا سيما العالم المظلوم (النامي وخاصة العربي).‏

لطالما صار أمر المنظمة الدولية بيد الولايات المتحدة الأميركية وهل يستسلم العرب لهذا الظلم وهذا الضعف من المنظمة الدولية في ظل أوضاع مأساوية للغاية تمر بها المنطقة؟! و على العرب بالتعاون مع أصدقائهم من دول العالم (النامي وغيره) العمل على تغيير تركيبة المنظمة (الأميركية)!‏

وإحداث انقلاب عليها من شأنه نشر السلام وتطبيق العدالة والشرعية الدولية وفق هذا المنظور وإعادة الحقوق المغتصبة لأصحابها وإيقاف ظلم السنين الذي لحق بالعرب وغيرهم.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية