|
ثقافة شكلت دمشق بالنسبة لي نقطة انطلاق اساسية او مخيلة وفي صميم التكوين الوجداني والعاطفي الي يمد الكائن مع مرور العمر وتقدم الزمن بتلك الحيوية الروحية وذلك الزخم الانساني الذي لا ينضب إلا مع الانطفاء النهائي والتلاشي. دمشق محطة أساسية في مساري الشعري والانساني حيث شكلت لي وللكثير من أبناء جيلي العربي عبر سنين من الاقامة حاضنة وملاذاً في ذلك العمر المبكي حيث توهج العشرينيات لا أتطرق في هذه الاشارة الى دمشق السجال الثقافي الغني وأساليبه وتعبيراته المتصارعة الرؤى والافكار في تلك الفترة، وإنما أكتفي بما جاءت به الذاكرة من بعض مواقف حميمة وذكريات ثرة لا تزيدها الايام إلا نضارة وتجدداً. كانت البدايات الشعرية والكتابية بمعنى النشر والظهور على صفحات الصحف والمجلات داخل سورية وخارجها، وأول ديوانين صدرا لي كانا في دمشق ، ومنها ترحلت نحو بلدان اخرى في اوروبا الاشتراكية آنذاك .. أتذكر حين جئت دمشق لاول مرة عبر بغداد بعد فترة عمل قصيرة في الامارات وصلت متعباً حد الانهيار الى عنوان الاصدقاء والعمانيين والبحرينيين في حي ركن الدين بالقرب من ساحة شمدين فلم أجد أحداً فرشت حقيبتي وتهاويت عليها مغمض العينين بين النوم واليقظة المترقبة حتى جاء من يوقظني .. ليس الاصدقاء الذين كنت قاصدهم وانما جيرانهم في الشقة المقابلة من السوريين الذين استضافوني حتى عودتهم من خارج دمشق. |
|