تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


اللعب الاجتماعي يعالج السلوك العدواني للطفل !!

مجتمع
الاثنين 5-1-2009م
محمد عكروش

هل يعتبر اللعب وسيطاً تربوياً يعمل بدرجة كبيرة على تشكيل شخصية الطفل بأبعادها المختلفة هذا ما نستطيع أن نستقرأه في حديثنا مع الأستاذ الدكتور فايز الحاج أستاذ الصحة النفسية بجامعة دمشق لنسأله:

- متى تبدأ الاستجابة الاجتماعية أو اللعب الاجتماعي عند الأطفال؟‏

تظهر الاستجابة الاجتماعية بوضوح قبل الشهر الخامس والعشرين من عمر الطفل ففي نهاية السنة الثانية تقريبا نجد أن معظم الأطفال يستمتعون إلى حد ما باللعب مع أقرانهم ويكيفون فعالياتهم معهم وهذا ما يسمى بواكير اللعب الاجتماعي،‏

وقد ظهر من اختبار (بريدجس) الذي أجراه على الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين السنة الثانية والخامسة أن الطفل في هذه المرحلة يمكن أن يكوّن نتيجة لنضجه أشكالا أخرى من السلوك الاجتماعي في علاقته مع أقرانه. كاللعب مع طفل آخر، ترك بعض الألعاب لمن يطلبها من الأقران، محاولة مساعدة الآخرين في تركيب أو إنجاز بعض الألعاب حتى إن بعضهم يصل إلى مواساة الأطفال عندما يتألمون نتيجة الأخطاء التي يرتكبونها أثناء اللعب.‏

- هل يلاحظ أن هناك مراحل أو مستويات لنشاط الأطفال وألعابهم الاجتماعية؟‏

لاحظ المربون أن هناك درجات أو مراحل لمستوى النشاط الاجتماعي عند الطفل : فهناك المستوى الذي لا يهتم فيه الطفل إلا بنفسه فيستأثر باللعبة التي يمتلكها ويعمل على تأكيد ذاته وحماية ميوله وألعابه وحاجاته الخاصة ويكون سلبيا إلى حد ما بل قد يثور وينفعل إذا ماتم الاعتداء على ممتلكاته وألعابه الخاصة.‏

وهناك المرحلة أو المستوى الذي يتجنب فيه الطفل إيذاء الآخرين ويقضي كثيرا من الوقت في مراقبة واستطلاع سواه من الأطفال ممن حوله أو في ممارسة فعالياته في شبه عزلة عنهم ويمتنع عن إيذاء ممتلكاتهم الخاصة ويبتعد عن الصدام السافر معهم.‏

المستوى الثالث وهو المستوى الذي يبدأ فيه الطفل فعاليات ونشاطات الآخرين بل ويقبل منهم وجهات نظرهم ويبدأ التفاعل مع رغباتهم ويزداد اهتمامه باللعب الجماعي مع الأقران دون أن يندمج معهم في نشاط مشترك منظم بالمعنى الصحيح.‏

المرحلة الرابعة وهي التي نلاحظ فيها أن الطفل الطبيعي يندمج مع الأطفال الآخرين بألعابهم ويكون له دور فعال ومشترك في أنشطة الأطفال في المشاركة الفعالة والندية والتي تساعد على تنمية شخصية الطفل ونضجه العقلي والاجتماعي.‏

- ماهو دور الأسرة أو المجتمع في تنمية اللعب الاجتماعي عند الأطفال؟‏

لا شك أن مرحلة الطفولة المبكرة مرحلة هامة جدا في حياة الفرد إذ تكون خلالها خطوط شخصيته الأولى في المنزل ودار الحضانة وتهتم الدول الراقية كثيرا بهذه المرحلة فالأسرة النموذجية تعمل على توفير النواحي الآتية:‏

مساعدة الأطفال على النمو الجسمي عن طريق تهيئة وتوفير أنواع مختلفة من الألعاب والأدوات والأعمال، وإيجاد الوسائل التي تكفل لهم النوم والراحة والغذاء المناسب.‏

الاستجابة إلى خيال الأطفال ومساعدتهم على التعبير عن طريق الرسم والأشغال اليدوية واللعب بالصلصال والمعجون والقص واللصق والترقيع حتى والألعاب الإيهامية.‏

تعمل الأسرة بالتعاون مع دور الحضانة في تكوين العادات الخلقية والاجتماعية الضرورية عند الأطفال وذلك بتأمين أنواع من الفعاليات والألعاب الفردية والاجتماعية التي تساعدهم على اكتساب بعض العادات والاتجاهات اللازمة لهم في حياتهم فالطفل يتعلم عن طريق ممارسة الألعاب المختلفة الحس الاجتماعي الذي يجعله يتعامل مع الآخرين بصورة مناسبة وصحيحة وكيف يتكيف مع الآخرين بسهولة ويسر وكيف يحترم ممتلكات الآخرين وكيف يتقيد بقوانين اللعب وحفظ الأدوار وسلامة الألعاب وعدم الإيذاء وغير ذلك من الأمور التي تحتاج إلى توجيه وإرشاد من الأسرة أولا ومن المدرسة أو دور الحضانة ثانيا.‏

يقال : إن اللعب الاجتماعي يحد من آثار المنافسة الهدامة أو يقلل من شدة الفراغ بين الأطفال؟‏

ترتبط المنافسة عند الأطفال بدافع حب التملك أولا وبدافع الغيرة ممن ينافسهم ثانيا ثم يتسع مجال التنافس عندهم فيتسابقون وبخاصة في المرحلة الابتدائية على إنجاز بعض الأعمال أو الإسهام في بعض الفعاليات الفردية والجماعية وهنا يستطيع المعلم الناجح بحكمته ومهاراته أن يوجه هذه الفعالية عندهم توجيها صحيحا وذلك بتنظيمها في نشاط جماعي وألعاب جماعية كمباريات رياضية ورحلات وتشكيل الفرق الرياضية وغير ذلك ما يساعد على تربية الأطفال تربية اجتماعية صحيحة ما يقلل من شدة الصراع بين الأطفال ويفسر هنا على أنه نوع من أنواع الاحتكاك الاجتماعي الودي والتنافس الشريف كما يمكن أن ينظر إليه أنه بمثابة تمارين رياضية للجسم أو تفريغ للطاقة أو وسيلة من وسائل توكيد الذات ولا يفوتنا أن نشير هنا إلى الاهمية الكبرى للبرامج والألعاب الجماعية في المدرسة والمجتمع وأهميتها في خفض نسبة الجنوح والقضاء على السلوك غير الاجتماعي.. وأضاف ليقول د. الحاج إن الكشفية والرياضة والرحلات والمخيمات وغيرها من الألعاب الاجتماعية كلها بدائل مفيدة وهامة للاضطرابات والجنوح والسلوكيات غير الاجتماعية.‏

بهذا المعنى أيضا هل يمكن استخدام اللعب الاجتماعي كوسيلة علاجية أو إرشادية لمعالجة السلوك العدواني عند الأطفال؟‏

هناك عدد من البرامج الارشادية باستخدام النشاط الرياضي واللعب الجماعي بشكل خاص كأن يقوم المرشد النفسي بتقسيم الأطفال إلى فريقين رياضيين ينضم المرشد النفسي في الشوط الأول لأحد الفريقين ليلعب معهم عشرين دقيقة وفي الشوط الثاني ينضم للفريق الآخر ولنفس الفترة الزمنية. يتخلل الشوطين استراحة لمدة خمس دقائق ثم يقوم المرشد ومن معه من المشاركين في اللعبة بإظهار النماذج الحسنة والقدوة المثلى أثناء اللعب وإبداء السلوك التعاوني في تبادل الكرة مع الفريق.‏

يقوم المشاهدون بالتعزيز الاجتماعي بإطلاق عبارات الاستحسان والتشجيع للسلوك الجدي وحسن الأداء. وما يثير الحماس ويقوي النشاط التصفيق الجماعي للفريقين معا على حسن أدائهم وانضباطهم والتزامهم بقواعد اللعبة وبهذا يكون اللعب الجماعي وسيلة إرشادية في تعديل السلوك العدواني لدى الأطفال وذلك ببث روح التعاون بين أفراد الفريق الواحد والتنافس الشريف مع أفراد الفريق الآخر بالإضافة إلى تفريغ الطاقة الانفعالية المكبوتة من خلال الجهد العضلي والحسي المبذول في النشاط الرياضي الجماعي المنظم ما يساعد على التحكم في الانفعالات وضبط النفس وخفض السلوك العدواني من خلال تحويله إلى الالتزام بالأدب والمنافسة الشريفة والالتزام بالقواعد الاجتماعية للالعاب الرياضية التي تتمثل في تجنب الخشونة والألفاظ النابية والالتزام بالآداب والقيم الأخلاقية.‏

- هل يساعد اللعب الجماعي على علاج الرهاب والخوف والخجل عند الأطفال؟‏

نعم يستخدم المرشد النفسي تقنية اللعب الجماعي في معالجة الرهاب الاجتماعي حيث يتمكن الطفل من خلال الانخراط في لعبة أو فريق جماعي من القدرة على التحكم في الانفعالات وضبط النفس وتعديل سلوك الرهاب والخوف الاجتماعي من خلال الانخراط في المجتمع الرياضي والتفاعل معه وبهذا اللعب الجماعي يستعيد الطفل ثقته بنفسه ويتغلب على مخاوفه بالجرأة والشجاعة التي تتطلبها الألعاب الرياضية المختلفة من المشاركين وبهذا يعتبر اللعب الجماعي وسيلة علاجية ناجحة في تعديل سلوك الرهاب الاجتماعي عند الأطفال والتخلص من الخوف والخجل الاجتماعي.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية