تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لا تبك فكلنا أبناؤك..

مجتمع
الأربعاء 21-3-2012
ابتسام هيفا

لم يأت عيد الأم هذا العام كغيره من السنوات الماضية .. بل أتى عكس ما توقعنا.. فقد كنا نعد العدة للسفر من أجل قضاء العطلة بقرب أمهاتنا ومعايدتهم ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.. يأتي العيد وأحوالنا ليست على ما يرام ..

فأمنا الحبيبة والكبيرة سورية ليست بخير.. منذ عام وهي تودع أولادها واحداً تلو الآخر و تزفهم شهداء العزة والكرامة .. أما نحن فالحرقة فيٍ قلوبنا.. والغصة في حلقنا.. والدموع تملأ مآقينا حزنا على الأبرياء الذين قتلوا ظلما .. ولكنهم بأيديهم كتبوا شهادة ميلادهم ..وبدمائهم الطاهرة رووا الأرض التي ستزهر رياحين .. يأتي العيد وآلاف الأمهات فقدن فلذة أكبادهن ,وبدل من أن يجلب لها ولدها الورود في عيدها ويقبل وجنتيها ويتبارك بدعواتها كما في الأعياد التي مضت ..ستذهب هي لزيارة قبره وتضع عليه باقة من الأزهار وتذرف الدموع على أغلى ما عندها .. تلك هي أم الشهيد التي صنعت الأبطال .. وغرست الشجاعة بقلبها الصامد فحصدت أجمل ثمرة.. ثمرة العز والشموخ..‏‏

أيتها الأم الثكلى .. لقد علمنا الشموخ الذي يسكن قلبك . . . ويعشش في وجدانك ، واستقر في عقلك أن نقبل تراب الأَرضِ تحتك . . . قومي أم الشهيدِ وانفِضِي غبار الحزن عن قَلبِك . . . وامسَحِي بيديك الطاهرتين دموع الألمِ عن وجنتيك ، والقي بالأَنين في وعاء اليأسِ ، وتسلّحي بسلاحِ الإيمانِ والبسمة ، وتوجي جبينك العالي بتاجِ الأمل والبشارة . . . ، لقدْ قدمت بروحك وعقلك ووجدانِك أجمل هدية للوطن.‏‏

يا أم الشهيد زغردي ، فلم يكن ابنك إلاّ قنديلا أنار ظلمة الطَّريق ، ولم يكن إلا سيفا مسلولا قطع رقاب المعتدينَ المتآمرين ليرفع جبينَ سورية عاليا مرفرفا في سماء الوطن . . . ولَم يزحف ابنك إلا إلى الأعالي طائرا يحمل بينَ جناحيه بطاقة حب ينشرها في ربوع الدنيا .‏‏

يا أم الشهيد كلنا أبناؤك. . . فلا تبكي. . . ، فما البكاء إلا للفقيد . . . لم يكن ابنك إلا روحا عطرة فاضت إلى جنة وخلود ، وما أنت إلا جبلا شامخا صامدا يتحدى كل الصِعاب ، وما أنت إلاّ شعلة أنارت الطريق . . . وشمعة نور أضاءت قلوب الثائرين على طريق الشهادة.‏‏

مهلا يا أم الشهيد . . . لابد من بزوغ فجر جديد . . . ومن ظهور شمس الحرية . . . ومن إعلاء كلمة الحق والنصر لقريب.‏‏

وإلى والدتي أقول عذرا أمي.. في عيدك هذا العام لم اشتر لك هدية ولن أسافر واقطع المسافات كعادتي في كل ربيع لأقول لك كل عام وأنت بخير .. فالمتآمرون والحاقدون زرعوا الخوف فينا.. وحرمونا من متعة شراء هدايا عيد الأم.. ومنعونا من السفر.. لقد اشتقت إليك يا حبيبة فمنذ ستة أشهر لم أر وجهك الجميل .. سأكتفي هذا العيد بسماع صوتك على الهاتف ومعايدتك ..وعندما أعانق ابنتي وأضمها إلى صدري أغمض عيني وأتخيل نفسي أنني أضمك واشم رائحتك .. ألقي برأسي على صدرك وأهمس في أذنك لأخبرك عن همومي وآلامي وأحزاني..‏‏

أخيرا .. أقدم العزاء لكل أم فقدت عزيزا.. ولكل أم ابنها بعيد عنها أقول لها أعاد الله كل غائب إلى أمه وزوجته وأهله.. وأقول لأمي ولجميع الأمهات .. صبرا فالنصر أصبح قاب قوسين وإن شاء الله اللقاء قريب.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية