تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حتى لاتتشوه الأمومة..

مجتمع
الأربعاء 21-3-2012
رويدة سليمان

« عندما كنت في السجن زارتني أمي وهي تحمل الفواكه والقهوة ولا أنسى حزنها عندما صادر السجان إبريق القهوة وسكبه على الأرض، ولا أنسى دموعها لذلك

كتبت لها اعترافاً شخصياً في زنزانتي، على علبة سجائر أقول فيه: أحنّ إلى خبز أمي.. وقهوة أمي.. ولمسة أمي.. وتكبر فيّ الطفولة.. يوماً على صدر أمي.. وأعشق عمري لأني إذا مت أخجل من دمع أمي..‏

وكنت أظن أن هذا اعتذار شخصي من طفل إلى أمه ولم أعرف أن هذا الكلام سيتحول إلى أغنية يغنيها ملايين الأطفال العرب.. »محمود درويش». هي الأم.. الحب غير المشروط والعاطفة بلا حدود‏

هي الأم تنغمس بلا وعي ولاقصدفي مهمات محدودة وواجبات متكررة يومياً وتنسى وجودها وتتقبل الأمر الواقع ببعض الحسرة ودون أي محاولة تمرد، هي الأم تصاب بعقدة الذنب أي هي تمادت في الغضب وتبكي سراً وقهراً على معاملة أبنائها بقسوة وتأنيبها لهم.‏

هي الأم والأمومة تعني لها: أنها خير من يخدم العائلة ويحل مشكلاتها، وتفرح عندما يطلب منها أولادها شيئاً، وتبكي عندما يفرد ولدها جناحيه ويطير مستقلاً مستغنياً، متفرداً في مواجهة المستقبل.‏

هن أمهات رائعات لكن الأمومة تتحول لديهن إلى نوع من العذاب يمتد من ذواتهن إلى الأبناء ويثمر تشوهات نفسية لدى طرفي هذه العلاقة المقدسة، والسبب يكمن في ارتباك تقدير دور الأمومة.. سواء بالمبالغة أو الانتقاص.‏

سيدتي الأم العظيمة، لاتنسي نفسك فأنت إنسانة بما في تكوين الإنسان من قوة وضعف والعلاقة التي تربطك بأبنائك لاتحوي فقط مادة واحدة «الحب» بل إن الواقع الحياتي والإنساني يحمل هذه العلاقة مواد أخرى « الغضب والشعور بالقهر والحزن».‏

لاتجعلي من نفسك الشخص المعطاء ومن كل أفراد عائلتك الذين يأخذون دون مقابل وبلا حدود.‏

مهما تمنيت أن تبلغي الكمال في الأمومة بأن الحياة سرعان ماتعيدنا إلى حجم الواقع والممكن والإنسانةالمتوازنة تحفظ لكل وجه من وجوه إنسانيتها حقه.‏

لأمهاتنا في الدار الآخرة الرحمة ولكل الأمهات دوام الصحة والتصميم والتحلي دائماً بإرادة النصر.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية