تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أذهلتنا في حبها

مجتمع
الأربعاء 21-3-2012
منال السمّاك

دائماً في الأعياد نتذكر الأحباب و نفتقدهم فكيف بعيد الأمهات ، و رغم الغصة التي تسكن قلوبهن فلا لوم و لا عتاب على من شاءت له الأقدار الغياب ، فالأبناء لن يأتوا حاملين

الهدايا للاحتفال بربيع الأمومة ، و الأيادي الطاهرة لن ينحني عليها فلذات الأكباد إجلالاً و تقبيلاً ، و مائدة الحنان التي تدأب عليها ست الحبايب بما لذّ و طاب كما كل الأعوام ، اليوم ستفتقد لأصواتهم و ضحكاتهم و لهوهم الطفولي في حضرة الأمهات ، هم ليسوا ناكري جميل و لا بجاحدين ، كما أنهم ليسوا عاقين أو مغضوبين ، و لم ينصرفوا عن أمهاتهم في يوم عيدهن لانشغالهم بهموم الحياة ، و لكن أرادوه عيداً مختلفاً يحمل في ثناياه حب الأرض و الوطن ، و أن تكون هداياهم مستمدة من عبق الشهادة و ملفوفة بعلم الوطن و معقودة بالبطولات ، و آثروا إلا أن يكللوا أغلى الحبايب في يوم عيدها بالفخر و الاعتزاز و الشموخ .‏

غابوا .. و لكن حضرت ذكراهم في قلوب الأمهات ، و هل هناك أعظم من قلب أم الشهيد ؟ .. تلك الأم التي أذهلت كل من سمع زغاريدها تتعالى على أنانية أمومتها لتزف موكب ولدها الشهيد و تنثره بالورد و تتبعه بالرضا و الدعوات ، و أصابت من شاهدها بصدمة في عقله و قلبه و هي تصرّح أمام شاشات التلفزة بأنها قدمته هدية للوطن و بقية الأبناء ليسوا أغلى من الأرض ، فهم ذاهبون و الوطن باق ، هم يُعوضون بكل أبناء هذا البلد ، و لكن الوطن لا يُعوض بكنوز الدنيا و ما فيها .‏

أمهات كثر أدمت آهاتهن قلوبنا و لامست أحزانهن عميق وجداننا ، و مع ذلك انتصرن على آلامهن ، و نهضن من أوجاعهن ليشاركن أبناء الوطن مُصابه ، و يفضحن المؤامرات التي أرادت المتاجرة بدماء الأبناء و دموع الأمهات و حرقة قلوبهن لإشعال الفتن و دس الدسائس و إثارة النعرات ، فخرجن إلى الشوارع و الساحات ليزرعن الأمل بأن الفرج قريب مهما طال الانتظار ، و ليقلن للعالم ، أنهن و إن اتشحن بالسواد فما زالت قلوبهن ناصعة البياض تنبض بحب سورية التي لا يغلى عليها غال .‏

و اليوم .. هناك على أضرحة الشهداء ستزرع الأمهات الأقحوان كما الصبر على فراق الأبناء سينمو يوماً بعد يوم ، ليزهر في عيون الأحفاد أمناً و سلاماً في وطن الأمان ، و إن غابوا عن أعين الأمهات فهم باقون في الوجدان ، فإليك يا أم سارية .. و أم طارق .. و أم عمر .. و أم زيد .. و أم ..كل الأسماء و الأحباب الذين رحلوا ، كل الحب في يوم عيد أعظم الأمهات لأنبل الشهداء ..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية