|
متابعات سياسية لقد ظنت إسرائيل وبغفلة من الزمن أنها تستطيع أن تخلق واقعاً جديداً في الجولان يناسب أحلامها واستراتيجيتها القائمة على الاغتصاب والعدوان وانطلقت في إقامة الحزام الأمني الذي شاءت أن توكل أمره لحليفها أي جبهة النصرة التي لم يراودنا الشك يوماً بأنها أداة صهيونية أنشئت ومولت وكلفت بمهمة تخريب سورية خدمة لإسرائيل ومدفوعة بهذا الظن شرعت إسرائيل في تنفيذ خطتها واحتضنت ارهابيي النصرة وسلحتهم وأمنت لهم كل مايلزم في تنفيذ جرائمهم كما أمدتهم بين الحين والآخر بالدعم الناري الجوي المباشر كما أمدتهم بالدعم اللوجستي الدائم لكن سورية وحلفاءها في محور المقاومة كانت تراقب وتخطط للقيام بالرد المؤلم والموجع. ما أقدمت عليه إسرائيل من تخطيط وإدارة وتسليح وغير ذلك من أنواع الدعم لم يكن في سياق معركة فحسب بل في سياق حرب يتوقف عليها مصير الكيان الصهيوني برمته فإذا كانت حرب 1948 بالنسبة إلى إسرائيل هي حرب إقامة الكيان فإن حربهم اليوم هي حرب منع موته وهي تدرك تماماً أن متغيرات استراتيجية عميقة حصلت في الإقليم وهذه المتغيرات سوف تفضي إلى نتيجة واحدة هي زوال هذا الكيان وإن الوقت لم يعد لمصلحة هذا الكيان. المتغيرات الاستراتيجية سواء على مستوى المقاومة كقوة فرضت توازن رعب وجعلت من نفسها رقماً آخذاً بالنمو ليس كماً فحسب بل نوعاً والأكثر من ذلك والأخطر أيضاً صار هذا الوجود المقاوم ثقافة. الكيان الصهيوني الذي وجد نفسه عارياً أمام مشهد دولي وإقليمي ومحلي جديد ترتسم ملامحه بسرعة قياسية بعد أن تلاشت أوهامه وأحلامه بإمكانية استغلال الهجوم الغربي الإقليمي الإرهابي ضد سورية والعراق لتكثيف الاستيطان والتوسع وتصفية القضية الفلسطينية وتسيد المنطقة لم يجد أمامه من سبيل سوى الهروب إلى الأمام وإعلان مايشبه الحرب الشاملة في مواجهة خطرين الأول: انطلاق صفارة نفاذ وقت الإرهاب والإرهابيين بعد الحضور الروسي المباشر والفاعل في سورية مايعني تبدد حلم المنطقة العازلة المحاذية للجولان المحتل رغم كل محاولاته اليائسة في هذا الاتجاه, ويؤسس لتبلور محور جديد في المنطقة بمشاركة روسية من شأنه المساهمة في هندسة نظام إقليمي جديد والثاني انطلاق ما سمته صحيفة « يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية انتفاضة فلسطينية ثالثة « تنذر بوضع كيان العدو أمام منعطف سياسي واستراتيجي. في العنوان الأول يدرك الحكام الإسرائيليون أن ما يدب على الأرض السورية راهناً وخلافاً لكل حملات الكذب والتضليل والتشكيك والتهويل التي تحفل بها أدوات ووسائل الحرب الإعلامية التي تشنها الولايات المتحدة وحلفاؤها, كانت نتائجه كارثيه على الإرهابيين الذين بدؤوا بالفرار إلى العراق و تركيا وكذلك على موقف حلفائهم الدوليين والإقليميين وبالأخص « إسرائيل» فضلاً عن تمهيده الأرضية أمام انتقال الجيش العربي السوري إلى وضعية الهجوم وفتح أبواب انطلاق عمليات عسكرية برية واسعة. أما في العنوان الثاني المتعلق بالانتفاضة الثالثة, فيبدو أن حكومة الاحتلال الإسرائيلية التي قتلت كل أمل بالتحرر والاستقلال والحياة لدى الفلسطينيين الذين مورست ضدهم مختلف أنواع وإجراءات القمع والتنكيل وصولاً إلى القتل والحرق على يد قطعان المستوطنين لا تستطيع الإقرار بحقيقة أن مواجهة أبناء الشعب الفلسطيني العارمة في مختلف أنحاء القدس والضفة المحتلة, هي نتيجة حتمية لإخفاق ما يسمى « قوة الردع الإسرائيلية» وأن وصفة زيادة جرعات القمع بمختلف أشكاله والتهديد ب « السور الواقي» أي العودة إلى احتلال مدن الضفة الغربية مباشرة سيعبد الطريق أمام مرحلة واعدة جديدة من الكفاح الفلسطيني المتعدد الأشكال ولاسيما بعد وصول الإجرام الإسرائيلي إلى حده الأقصى وعجز القيادة الفلسطينية عن توفر أدنى متطلبات المواجهة وتراكم المؤشرات على أنه لن يكون بمقدور الكيان الصهيوني الهجين في المدى المنظور مواصلة ذات السياسة العدوانية المتغطرسة المتدثرة بالدعم الأميركي اللامحدود بعد تراجع دور واشنطن وعدم قدرتها ليس فقط على منع روسيا وإيران من ملء الفراغ الذي تركته في المشرق العربي و اماكن أخرى في العالم بل على الضغط بذات الوتيرة السابقة على الأوروبيين الذين لا يصعدون فقط لهجتهم ضد الاستيطان الصهيوني وإنما يقدمون على خطوات ملموسة ضده. |
|