|
الافتتاحية ومنسقين أمنيين واستخباراتيين أردنيين يعرفونهم وبالتفاصيل المملة، بعد تعامل استمر قرابة خمس سنوات بشكل مباشر وربما كانت قبلها ولو كان بشكل غير مباشر. ومن «حق» رئيس وزرائه أن يظهر ثقته بعدم وجود خلايا نائمة لتنظيم داعش، لأن كل الخلايا الموجودة في الأردن مستيقظة ولم تضطر للنوم يوماً، ما دامت تتحرك وفق المشيئة الأردنية وحسب تعليمات استخباراتها ومن يشاركها من الاستخبارات الأميركية والسعودية والإسرائيلية والبريطانية، وقد يكون من الضرورة بمكان أن يقدم شهادة بذلك على الملأ، بحكم أن كشف الحساب الذي تقتضيه الجولة القادمة الفاصلة بين مرحلتين، يتطلب تصفية للقيود بالأرقام والأسماء، والبدء بالتحضير لما هو قادم أو منتظر من أمر عمليات لم ينكرها رئيس الوزراء الأردني. الأدهى.. أن يكون ذلك في إطار التمهيد لدوره الوظيفي القادم، وإن جاء بصيغة الدفاع عما ارتكبه من تصعيد للأزمة في سورية، ومساهمته المباشرة وغير المباشرة، والتي استنسخها من مفهوم الفانتازيا السياسية حيث تدرج بكثرة هذه الأيام، بعد أن سبقهم إليها الرئيس أوباما، وإن كان هذا الدفاع تأكيداً للتهمة أكثر مما ينحو نحو نفيها، فيما مشاركة الأردن في المناورات السعودية والتدريبات المشتركة وأفق ما تحمله، إضافة نوعية في الأدلة والقرائن التي تضع الأردن أمام أبعد من زلّة اللسان التي اعتادها للهروب مما يعلق بموقفه وتبريراته. ففي وقت كان الحديث يدور عن المعسكرات وغرف إدارة العمليات الإرهابية ومشاركة استخبارات عربية وأجنبية في تنسيق عملياتها، ذهب رئيس الوزراء الأردني إلى أبعد من ذلك، حين تحدث عن انتظار ما تؤول إليه تلك المناورات، وما تقدمه من دروس تكتيكية يحتاج الأردن إلى جانبها السياسي ليكون ممراً ومعبراً لسياسات مطلوبة منه في المرحلة القادمة، خصوصاً مع توارد الأنباء عن التجهيز السعودي والقبول الأميركي والرغبة التركية في مواجهة الانهيارات المتتالية في المعادلات التي صمدت خمس سنوات من دون تعديل عملي أو حسم. الأردن في المعادلات المحسومة يقف عادة في نقطة التقاطع المعتمدة من دون أن يسجل على نفسه موقفاً علنياً يرتبط بتوجهه، وقد كسب وفق تلك المعادلة إسناد أدوار وظيفية أو تكتيكية متعاكسة ومتناقضة مع وجوده الوظيفي ذاته، وحاول أن يمسك العصا من المنتصف، وأن يضع أرجله على ضفاف متعاكسة وأحياناً متباعدة، لكنه هذه المرة يحسم أمره، ويبدي رغبة واضحة في الجزم بخياراته القادمة ببريد سعودي أميركي متفق عليه. بين الخشية الأردنية من تكرار سيناريو هنا أو هناك، ونفي وجود الخلايا النائمة الذي بدأ ينسحب تباعاً من التداول، وبين خروج إلى العلن بانتظار نتائج ما تؤول إليه قرارات السعودية وما يتضمنه البريد الأميركي العاجل منه أو المؤجل تتبدل وجهة الدفّة الأردنية، وكأن المريب الذي كاد أن يقول خذوني، قد خذلته ألفاظه ليكشف ما لم يقله أحد، ولم توجه إليه أصابع أحد، حيث القرينة من اللسان الأردني والتهمة بين أسطر تصريحاته وداخل مصطلحات مواقفه وتعابيره. يبقى الفارق بين ما هو رائج وتلك الوقائع على الأرض، حيث الخوف الأردني يماثل خوف شركائه الآخرين، لكن ليس على السوريين ولا على اللاجئين بل على الإرهابيين والمصير المنتظر والوجهة القادمة والإقامة التي تتحضر لتفرش وجودها، حيث المعسكرات التي أعدتها، والتسهيلات التي أتقنتها الوفادة الأردنية على مدى السنوات الماضية، والحميمية التي ربطت الكثير من أركان المملكة الهاشمية بفروعهم وتنظيماتهم. وربما كان لتوكيل الأردن بتحديد التنظيمات جانب آخر غير منظور، وإذ هو الأخبر بأصلها وفصلها، والأقدر على معرفة تفاصيل وجودها ونشأتها وتركيبتها حيث «نجح» في تمييع المسألة، لذلك كان خوفه الأشد وهلعه الأكثر من التداعيات القادمة وما تحمله سواء شارك السعودية حماقتها وتهورها أم توارى داخل الحضن الأميركي والإسرائيلي، وهي ستكون نقطة فاصلة ومنعطفاً يمليه ما ستكشفه من خفايا آن لها أن تظهر، وأن تفضح أدواراً حان أن تقول خذوني..!! وحتى ذلك الحين سيبقى الأردن يستدل على نفسه، وإن كان انتظاره لن يطول مع كرة الميدان المتدحرجة والمفاجئة، وهي تتسارع نحو اللحظة التي تفصل بين الفانتازيا والوقائع على الأرض المحمولة على وقع إنجازات تُسدِل الستار على حقبة، وتحضر المسرح الإقليمي لحقبة لا تنفع معها الألسنة المواربة ولا تلك التي استطالت وتحتاج إلى بتر عاجل..!! |
|